وقال وزير الإعلام الدكتور كمال عبيد في مؤتمر صحفي بمقر وكالة السودان للأنباء ليل أمس إن ما كانت تقوم به الحكومة في السابق لأغراض تحقيق الإستقرار والأمن والسلام بناءً على التفاوض مع أطراف تقدر هذه الفرصة التي قدمتها الحكومة، لكن ما جرى بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لا يمكن أن تتعامل الحكومة معه إلا بحسم و حزم بعد أن مدت لهم حبال الصبر طويلا.
وذكر أن الفترات الإنتقالية تحكمها ظروفها وتكون أكثر هشاشة وتتعامل معها الحكومة بنوع من الحكمة، لكن بعد انقضاء الفترة الإنتقالية فإن الحكومة لن تتسامح مع أي طرف إلا بما يمليه الدستور والقانون، كما ستتبع هذا الموقف بمجموعة من الإجراءات في تأمين المواطنين وتأمين التحول الديمقراطي والمشورة الشعبية.
ودافع عن إقالة مالك عقار رغم انه وال منتخب وقال إن المعلومات التي توفرت عنه أنه كان بعيدا جداً من إلتزاماته الدستورية و القانونية وفر بنفسه لمنطقة نائية ومحصنة و أخرج أُسر القيادات السياسية والعسكرية التابعة لحركته لمناطق آمنة مما يدلل على أنه ليس أهلاً للمسؤولية.
وأكد عبيد أن هناك مشكلة سياسية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ولم تغلق الحكومة باب التفاوض ولكن لن تتفاوض مع أي طرف بأي ثمن، موضحا أنهم سيفاوضون قيادات في الحركة الشعبية لديها موقف مما جرى في الولايتين مثل دانيال كودي وآخرين ولن تسمح لحكومة الجنوب بالتدخل في ذلك لأنها مشكلة سودانية خالصة.
وأضاف عبيد أن حكومة الجنوب لا يمكن أن تنفي ضلوعها في ما يدور ولن تنتظر الخرطوم حتى يتضح أمر ضلوعها ولها كامل الحق في التعامل مع الأمر وفق المعلومات المتوفرة لديها،كما اتهم حكومة الجنوب بالإرتباط الوثيق مع الصهيونية العالمية كما أنها الدولة الوحيدة التي أعلنت افتتاح سفارتها في القدس المحتلة ،مشيرا إلى انه بناءً على ذلك ستتحرك كل أجهزة الدولة للتعامل مع هذا الأمر سياسيا ودبلوماسيا.
من جانبها، قالت وزيرة الدولة بوزارة الإعلام سناء حمد العوض انه تم إعتقال قيادات من الحركة الشعبية وهي هاربة من الدمازين بعد أن رفضت تسليم نفسها حسب الإعلان الحكومي وهم محبوسون لدى النيابات وسيتم تقديمهم للقضاء ،ورأت أن ما تم بقانون الطوارئ موجه مباشرة لشخص أعلن تمرده على سلطان الدولة « مالك عقار» أما بقية منسوبي الحركة في المجلس التشريعي فسيحتفظون بعضويتهم، وتحدثت عن توجيه من قادة الدولة لاستخدام القوة في أضيق نطاق ممكن لأن الحكومة لا تسعى لحرب في النيل الأزرق و عدم إقصاء أي طرف من العملية السياسية، واعتبرتها إجراءات مُؤقّتة إقتضتها الضرورة.
من جهته قال الأمين العام للمجلس الأعلى للحكم اللامركزي الأمين دفع الله العائد من ولاية النيل الأزرق إنه زار مع وفد حكومي مناطق ود النيل وسنجة وهارون التي نزح إليها مواطنون خرجوا من الدمازين مؤكدا انه لا توجد أية معسكرات أو خيام أو تكدس لمواطنين في الشوارع وان النازحين تم إيواؤهم و إعاشتهم ويجري ترحيلهم إلى الدمازين بعد ما استقرت الأوضاع، مشيرا إلى انه لا توجد خسائر بشرية.
وأضاف انه تم تشكيل ثلاث غرف طوارئ بالخرطوم و الجزيرة و سنار لتوفير إحتياجات ولاية النيل الأزرق التي لم تطلب أي شيء حتى الآن ما يؤكد أن الأمور مستقرة بالكامل.
وأفاد دفع الله بأن الحياة في الدمازين بدأت تعود إلى وضعها الطبيعي لكن المتاجر لم تفتح أبوابها لان غالبية التجار من ولاية الجزيرة كانوا في عطلة العيد لكنهم بدأوا في العودة، كما عادت خدمات الكهرباء و المياه.
وأكد انه لم تحدث أية اغتيالات أو تصفيات سياسية ، ولا يتم التعامل مع أي شخص حسب إنتمائه السياسي وان من اعتقلوا تحت إشراف النيابة ويجدون معاملة طيبة حسب القانون.
إلى ذلك دعا وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان، مجلس الامن الى تحمل مسؤولياته ومباشرة مهامه المناط به القيام بها ، وكشف الوكيل عقب تقديمه لتنوير لسفراء المجموعات الدبلوماسية المعتمدة في الخرطوم عن تقديم السودان رسالة رسمية لمجلس الامن لاحاطته بما يجري في النيل الازرق، وقال ان وزير الخارجية علي كرتي بعث برسالة رسمية الى مجلس الامن لاحاطته بما يجري في النيل الازرق ، وشدد على أن ما يجرى الآن في النيل الازرق نتيجة مباشرة لعدم إيفاء الحركة الشعبية بالتزاماتها المنصوص عليها في البروتوكول الامني الذي ينص على سحب قوات الحركة الى حدود يناير 1956 ،وقال رحمة الله إن القوات المسلحة اضطرت الى استخدام القوة للدفاع عن النفس واضاف « لقد تم الاعتداء علينا ولم نعتدِ على أحد ، وفي حال اضطررنا الى الدفاع عن انفسنا سنستخدم القوة «، لكنه رحج العودة الى الحل السياسي باعتباره الاوفق للطرفين، وأفاد بوجود اشارات ايجابية من بعض الدول التي حذرت دولة الجنوب من مساندة الحركات المناوئة لدولة الشمال .
وعلى صعيد التطورات الميدانية ،نقلت الجزيرة نت عن مصادر بولاية النيل الأزرق أن القتال لا يزال جاريا داخل مدينة الدمازين عاصمة الولاية ،خاصة في حي الزهور حيث هاجم الجيش الحكومي خنادق أقامها مقاتلو الجيش الشعبي،كما أفادت باغتيال علي بندر، نائب والي النيل الأزرق المقال مالك عقار، وينتمي بندر لقبيلة الأُدك المنافسة لقبيلة الأنقسنا التي ينتمي إليها الوالي، وأضافت المصادر أن سبب الاغتيال اتهام بندر بإفشاء خطط الوالي العسكرية.
وافادت الجزيرة نت بأنه تم سحب مالك عقار بواسطة طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى كينيا، في حين لا يزال العشرات من أعضاء حكومة الولاية والمدنيين محتجزين في مدينة الرُّوصيرِص المجاورة للدمازين التي انسحبوا منها قبيل اندلاع القتال.
وأضافت أنه جرى اعتقال القائد العسكري لقوات الحركة الشعبية في مدينة الدمازين ونحو مائة من المقاتلين، فضلا عن عدد من القيادات الوسيطة في حكومة الولاية ووسطاء من المنطقة بينهم محافظ الرُّوصيرِص أحمد الشكري.
لكن مصدر مطلع اكد لـ»الصحافة» اصابة سيارة نائب والي ولاية النيل الازرق على بندر وهي في طريقها الي مدينة الكرمك الاثيوبية ، ورجحت المصادر ان تكون الحادثة بغرض تصفية بندرمن قبل القوات التابعة لمالك عقار بعد أن عزم نائب الوالي على الهروب من مدينة الكرمك السودانية الي الكرمك الاثيوبية ، وكشفت ذات المصادر مقتل قائد قوة الحركة الشعبية في القوات المشتركة العميد الجندي سليمان في المعارك التى دارت بالقرب من مدينتي قيسان ودندرو،واوضح المصدر ان الجندي تحرك من مدينة الكرمك الى داخل الولاية مع قوة مسلحة بغرض كسب نقاط داخل الولاية أو ما يعرف لدى الحركة بـ( اراضٍ محررة ) لكنه قتل خلال الاشتباكات مع القوات المتمركزة في المنطقة .
الى ذلك، افاد شهود عيان « الصحافة « من مدينة الدمازين باستمرار عمليات القصف في الولاية خاصة المناطق الجنوبية في مدن « باور ، الكرمك ، نيسان ، بندور « وأكد الشهود مواصلة القوات المسلحة تعقب قوات الحركة الشعبية وتمشيط المنطقة حتى التخوم الجنوبية للولاية، ونقل شاهد عيان تدفق اعداد من النازحين الى مدن سنار وقري الريف الشمالي لولاية النيل الازرق ،ونقل معاناة النازحين من سوء الاحوال الجوية بسبب هطول الامطار وان الكثير منهم يحتاج الى اغاثة عاجلة وتوفير خيام للايواء « .
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية،دعت الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى وقف الاقتتال في ولاية النيل الأزرق وأبدتا قلقهما البالغ لما يحدث هناك.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن «واشنطن قلقة للغاية من اندلاع القتال بين القوات المسلحة وجيش الحركة الشعبية قطاع الشمال، وكذلك لاستمرار تعبئة قوات الطرفين».
ودعت المتحدثة الطرفين إلى وقف الاشتباك وحماية المدنيين والبدء في حوار من أجل تجنب مزيد من تصاعد العنف، كما دعت القوات المسلحة خاصة إلى وقف القصف الجوي.
وجددت واشنطن دعوتها للطرفين إلى السماح بوصول المنظمات الإنسانية وعدم التعدي على حقوق الإنسان بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي السياق نفسه، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «عميقَ القلق» لتطورات الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودعا إلى وقف المعارك والسماح بدخول منظمات الإغاثة، واحترام وقف أحادي لإطلاق النار أعلنه البشير الشهر الماضي لأسبوعين، واتهم حكومته بعدم احترامه.
[/JUSTIFY]
الصحافة