يمهل ولا يهمل

[ALIGN=CENTER]يمهل ولا يهمل [/ALIGN] كنت اعتقد ان العنف الرسمي الذي يواجهه البعض هو تجاوزات فردية وليس منهجا مؤسسيا خاصة أن لدى عدة تجارب شخصية تثبت ذلك، فخلال اعتقلاتى الكثيرة كنت اعامل بكل احترام، وحتى في المرة الوحيدة التى تسلل فيها شخص بعد منتصف الليل الى الغرفة التي كنت معتقلا فيها داخل حراسة نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة بالخرطوم (2) وانهال على بالضرب المبرح تدخل أحد الحراس برجولة ووفر لي الحماية وتحمل مسؤولية السماح لي بالذهاب الى منزلي باستخدام عربتي التي كانت تقف بالخارج.. وفي اليوم التالي ألغى وكيل النيابة احتجازى الذي استمر ثلاثين يوما طيلة شهر رمضان المعظم الذي كنت استدعى فيه لاقضي اليوم كله بالنيابة ويسمح لي بالخروج ليلا ثم العودة في اليوم التاني، ما عدا بضعة ايام قليلة احتجزت فيها داخل مبنى النيابة منها ذلك اليوم الذي وقع فيه الاعتداء عليَّ!!
* ما عدا ذلك فان كل حالات اعتقالي واستضافتي سواء في مباني الشرطة او نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة أو جهاز الأمن أو سجن كوبر جرت وفق القانون ووجدت فيها الكثير من الاحترام والمعاملة الحسنة فيما عدا الوجبات السيئة أو الحبس الانفرادى (أحيانا) الذي كنت استعين عليه بقراءة القرآن الكريم.
* وكنت فى كثير من الأحيان أفاجأ بزيارة بعض الضباط او الجنود (فرادى) لتقريظ كتاباتي وتطميني بأن لا أخشى شيئا وأنا معهم، وكان ذلك يبعث فى نفسي الاطمئان والامان لدرجة ان الأخ طه علي البشير عندما زارني منزعجا في مرة كنت معتقلا فيها برفقة الزميل عادل الباز رئيس تحرير (الصحافة) السابق، ليبلغنا بأنه لم ينجح حتى تلك اللحظة في الاتصال بوزير العدل الاستاذ سبدرات ليصدر قرارا باطلاق سراحنا، وجدنا في حالة استرخاء نقرأ باستمتاع شديد كتابين أحضرناهما معنا، حتى أن الأخ عادل قال له مازحا ليطمئنه.. (والله هنا أحسن لينا من القعاد مع النسوان).. كما انني ما زلت أذكر حتى هذه اللحظة مذاق (الحلة الرهيبة) التي جمعتني في وجبة العشاء مع الاخوة بمكاتب الأمن بالقيادة العامة في احدى المرات!!
* كان ذلك هو اعتقادى، غير أنني صرت أتشكك بعد العنف الشديد الذى تعرض له بعض الصحافيين مؤخرا، بالاضافة الى ما حدث لمواطنى (أمبدة) الذين خرجوا من اجل المطالبة بماء الشرب فنالوا الضربات الموجعة وكتم الأنفاس، وما حدث قبل ذلك بالدلنج من قتل واصابة بعض الطالبات وما حدث للزميلة نجلاء سيد أحمد وأحد الشباب بمنظمة قرفنا أيام الانتخابات بأن ما حدث تجاوزات فردية، وانه سياسة دولة، فهل هو بالفعل كذلك أم انه تجاوزات فردية، واذا كان كذلك، فاين المساءلة والحساب، اما اذا كان سياسة دولة، فلتتذكر الدولة ما حدث لمن سبقوها في الظلم واهانة الشعوب وعليها ألا تنسى أن للناس رب يحميهم وسينتقم لهم في الآخرة أن لم ينتقم لهم في الدنيا!!.

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com

4 يونيو2010

Exit mobile version