قرأت النماذج المحزنة التي تفضلت بكتابتها بعمودك صباح 71/8/8002م، ولقد تأثرت جدا وعادني الحنين الى البكاء على الاطلال ليس فقط اطلال الخدمات الطبية وانما اطلال كل الاشراقات التي اندثرت. هذا شيء طبيعي جدا في عرف ثقافة الجباية والرسوم، الرسوم اولا ثم تقديم الخدمة ثانيا حتى وإن كانت انسانية.
فلسفة اقتصاد السوق وثقافته اساسا ليست فيها رحمة او تراحم، وتغيب القيم الاخلاقية والانسانية والاجتماعية والدينية ايضا.
كنا في الماضي نقول الفريق القومي يتيم وما عندو وجيع، لأن جماهير الهلال والمريخ او أي فريق آخر تشجع فريقها فقط،الآن يمكننا ان نقول بعد ان اهتمت جماهير الرياضة بالفريق القومي لكرة القدم ان الشعب السوداني ما عندو وجيع، وقد صار يتيما وترك لاقتصاد السوق وتؤخذ منه في كل حركة رسوم وهو الفقير.
عادي جدا ان تدفع رسوما حتى وان كنت في حالة صحية سيئة وتحتاج لعون اخيك الانسان في التعليم الوصل قبل الفصل، وفي المستشفيات الرسوم قبل مقابلة الطبيب او اجراء العملية.. عندك او ما عندك المهم تدفع وهذا هو المطلوب.
هذه ثقافة اتت مع سياسات التحرير والتي ألغت العلاقة الاجتماعية بين الدولة «الحكومة» و الشعب الذي تحكمه، وألغت العدالة الاجتماعية وهذا هو المحزن لان الاغلبية لا تسعدها هذه السياسات ولم تستشر فيها انما هي خيارات وثوابت من اختارها.
الحكومة ممثلة في وزارة المالية سددت في النصف الاول من الميزانية الحالية واعتبرت ذلك انجازا ولكن من يسدد ديون والتزامات المواطن التعبان المتلتل ما بين قفة الطعام ورسوم المدارس والجامعات ورسوم النفايات والعوائد.. وحق الفطور وحق المواصلات وشح الدخل وزيادة الاسعار 05% والدولة لا تتدخل لان هذه هي سياسات التحرير وهذه قيم وثقافة الرأسمالية ونظرياتها والتي افقرت العباد وحيرت الناس واشقت الفقراء.
كم من مريض توفى لرحمة مولاه لانه لا يملك حق العلاج، وكم من طالب او تلميذ فقد فرصة في التعليم والسبب الفقر لان كل شيء اصبح بالفلوس!
ألم تسمع بإجابة احد التلاميذ لمدرسه «جعانين وما فاهمين!؟»
كيف يستوعب التلاميذ وهم جياع؟. حقيقة كباية الشاي الصباحي تعطي سعرات ولكن حتى هذه الكباية لا يجدها.
ولكن يا سيدي سادت بيننا ثقافة لم نستطع هضمها… ثقافة الرسوم والجباية واختفت الدوافع الانسانية في نفوسنا وهزمت القيم الاجتماعية في مجتمعنا، بل اشياء كثيرة حامياني كان يمكن اضافتها. وما زلنا نقول ونلتمس ونطلب: لا بد من مراجعة السياسات الاقتصادية ولا بد من دور اجتماعي للحكومة كما كانت.
على الاحزاب الوطنية وهي على ابواب الانتخابات ان تعلن عن سياساتها الاقتصادية. المؤتمر الوطني سياساته موجودة على ارض الواقع وهو يقول لكافة الاحزاب والشعب نحن كده انتو كيف!؟
كمال دقيل فريد ـ ام درمان
من إليكم:
شكرا لود ام درمان.. تسعدني اطلالتك التي دائما ما تأتي بأجنحة هموم الناس وقضاياهم.. وأشاطرك الأحزان في رهق الرسوم الولائية والمحلية الذي أرهق كاهل المواطن.. ومعك نطالب الحكومة بأن تلعب دورها الاجتماعي تجاه رعيتها… ونعم ليس من العدل والعقل والرحمة أن تعتمد محليات السودان على ثقافة الرسوم فقط في تحقيق «ربطها المقدر»..
والله المستعان.. ولك تقديري يا دقيل…
ساتي
إليكم – الصحافة -الاربعاء 20/8/ 2008م،العدد5450
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]