المسألة سهلة سادتي… فالسيد فهمونجي يظن الحياة فقط محصورة عليه والمحيطين به من المعارف والأصدقاء، وعليه فهو الأحق بالتقدم والتفوق. وتفوقه على المحيطين به غير ملتزم بالجدارة فكل ضعف الآخرين زاد شعوره بالراحة وعمل على إستمرار ذلك الضعف. وحتى الدعم الذي يقدمه لك وأنت سائل له حاجة لك ليس من باب تقديره لإحتياجك له لكنه يقدمه لك من باب أنه صاحب فضل ومكارم، وإستناداً على هذه الأفضال والمكارم غير المنقطعة فأنت الأدنى وهو الأسمى، وإذا نجحت مساعدته في تقدم خطواتك إلى الأمام فتأكد جيداً بأن فهمونجي لن يرتاح ابداً فقد تكون سبباً مباشراً في إصابته بداء غير منظور فلا يحق لك البحث عن المعارف دون إستشارته أو إذا كنت في مجال الأعمال فلست بالذي يستحق الإشادة.
يظن بعض الناس أن التخلف هو عدم مقدرة الفرد على الكتابة والقراءة أو أن التخلف هو عدم مواكبة التكنولوجيا الحديثة، وهذا بالضبط الفهم السائد على تفكير صديقنا فهمونجي فهو لا يضع أي إعتبار إلى أن الوقوف في نقطة واحدة يعني بأن القادمين خلفه مدركون وواعون ماذا يريدون سيكونون أمامه يوم غد. وهو في اليوم التالي يجد نفسه خلف الذين كان يضحك عليهم، وبدلاً من التحرك للحاق بهم يرفع بعض الحجارة ليرمي بها من سبقوه. وبما أن هؤلاء لهم ايادي وأعين ترى المواد التي تسبب لهم الضرر فالبعض منهم يلتفت له ليبادلوه فعلته وهؤلاء يتأخرون في بعض المرات أو تتعرقل الخطاوي… والبعض الآخر من المتسابقين يزيد الخطوات فيبتعدون أكثر عن مرمى الحجارة دون مبادلة البادئ الذي يغتاظ أكثر فلا هو نجح في مسعاه بأيقاف من ظنهم وهماً أعداءاً وكذلك فهو لم ينجح في تاخيرهم كأقل تقدير أو في إثارتهم كما حدث للذي بادلوه رمي الحجارة.
إن الغضب الذي يعتريه سبب وجيه غير معروف لكم إلاّ نادراً إذا كنتم محيطين به، فهو يظنكم تجهلون مقدراته الكبيرة، فهو المفكر وهو الاداري الأفضل وهو الموجه والواعظ والمرشد. وعليه فإن جهل المحيطين لتلك المقدرات العالية واحدة من المشاكل العويصة التي تحتاج العلاج السريع.
إن الفرق بين فهمونجي والانسان العادي هو أن الاخير يدرك جيداً بأن هذا العالم به من يفوقونه ذكاءً بنفس القدر الذي بمن هم اقل منه ذكاء، وعليه فالإنسان العادي يسعى إلى الوصول لمكانة الأذكياء بالجد دون أن يستهتر بمقدرات الآخرين. ويصل الإنسان العادي مرتبة الأذكياء وهو غير مدرك ذلك بل الآخرون هم الذين يميزون ذلك… وهؤلاء هم المؤمنون بالقول “وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا”، الإسراء 85.
لويل كودو – السوداني
1 يونيو 2010م
grtrong@hotmail.com