وتفيد متابعاتنا بأن زيارة وزير الخارجية الصينى للبلدين توجت بالاتفاق على استمرار تدفق النفط من الجنوب عبر الشمال لتحقيق المصالح المشتركة للدول الثلاث ، فالنفط يحقق مصالح (الجميع) ، وبتدفقه تضمن الصين تأمين (7%) من امداداتها النفطية، وتضمن الدولة الوليدة توافر موارد ترسي بها الحكم وتثبت بها اركان الدولة ، بينما تضمن الدولة (الام ) توافر موارد النقد الاجنبى بعد فقدان عائدات النفط التى كانت تشكل (50%) من ميزانيتها وفقدتها جراء الانفصال ، لتتجسد هذه المصالح فى استمرار تدفق النفط ، ليصبح النفط كشعار القنوات الفضائية هذه الايام ( رمضان يجمعنا) .
وأكدت مصادر مطلعةلـ(الرأي العام) ان الصين قدمت ضمانات مالية لدولتى شمال وجنوب السودان بغرض استمرار تدفق النفط الى (بكين) وتأمين احتياجاتها من الطاقة الى جانب الدخول فى مربعات جديدة لاستكشاف النفط فى الجنوب والشمال، كما طرحت الصين رؤية توافقية تضمن تدفق نفط الجنوب عبر الشمال ، وتحقق عائداً عادلاً للشمال مقابل عبور هذا النفط بأراضيه.
وقال د.عادل عبد العزيز – الخبير والباحث الاقتصادى – ان المصالح الصينية تقتضى تدفق النفط من الجنوب والشمال لتأمين احتياجاتها من الطاقة لاسيما وان النفط السودانى يشكل (7%) من هذه الاحتياجات الصينية للطاقة .
واضاف د.عادل فى حديثه لـ(الرأي العام) لهذا من المتوقع ان تمارس الصين ضغوطاً على دولتي ( السودان وجنوب السودان) من اجل التوصل الى اتفاق يضمن انسياب النفط من حقول الجنوب عبر مرافق الشمال النفطية مقابل تعويض عادل لحكومة السودان ، واردف قائلاً : ( من المسائل المهمة التى تجعل الصين قادرة على ممارسة الضغوط ولعب هذا الدور هو الاستكشافات النفطية المتوقعة فى الجنوب والشمال ، حيث توجت زيارة وزير الخارجية الصينى الى البلاد بمنح امتيازات اضافية فى مواقع جديدة ومربعات جديدة ، حيث يتوقع انتاج بترول اضافى فى غرب دنقلا وجنوب الجزيرة ، فضلا عن ولوج الصين في استثمارات جديدة بقطاعات الزراعة والصناعة والمعادن .
وحول فرص توسع الاستثمارات الصينية فى البلاد قال د.عادل ان زيارة رئيس الجمهورية الاخيرة الى الصين شهدت الاتفاق على دخول شركات صينية ضخمة للاستثمار فى الزراعة بالبلاد ، حيث تنظر الصين الى السودان بنظرة استراتيجية للاستثمار فى مجال الزراعة لمواجهة الازمة الغذائية العالمية الناجمة عن الجفاف وتغير المناخ والتوسع فى انتاج الوقود الحيوى وبالتالى فان الاستثمار الزراعى الصينى بالبلاد يدخل فى خانة النظرة الاستراتيجية.
وحول التوقعات لما يمكن ان تسفر عنه زيارة وزير الخارجية الصينى الى البلاد قال د.عادل الزيارة سيكون لها ما بعدها ، حيث يتوقع ان ترعى الصين اتفاقاً محدداً ما بين السودان وجنوب السودان فى مجال تدفق النفط ، ويمكن ان تصل الرعاية لوضع ضمانات مالية من قبل الصين فى المراحل الاولى حتى يضمن كل طرف مصداقية الطرف الآخر لتنفيذ الاتفاق لضمان انسياب النفط وتدفقه ،فضلا عن الدور غير المنظور الذى تلعبه الصين فى حل مشاكل جنوب كردفان والنيل الازرق خاصة وان الهدف الاستراتيجى للصين يتطلب ان تنعم المنطقة بالامن بشرق ووسط وغرف افريقيا ،لاسيما وان للصين مصالح ومشاريع فى اثيوبيا والسودان ودول جنوب السودان وافريقيا الوسطى وتشاد والسنغال .
وعضد د. عثمان البدرى الخبير الاقتصادى والاستاذ بمركز الدراسات الانمائية جامعة الخرطوم القول ان النفط يمثل القاسم المشترك بين السودان والصين وجنوب السودان ، بل وان استمرار تدفقه ضرورة للدول الثلاث فضلا عن الشركاء الآخرين فى مجال النفط السودانى ( الهند وماليزيا) .
واضاف د.البدرى فى حديثه لـ(الرأي العام) هنالك فرص استثمارية متاحة امام الصين بالبلاد فى مجال النفط والتوسع فى انتاجه والتنقيب عنه ، والتعدين المنظم الذى يعود على البلاد بعائد كبير وليس ما يحدث الآن من تعدين عشوائى لم يستفد منه اقتصاد البلاد شيئاً الى جانب الاستثمار فى مجال الزراعة ، عبر اقامة مشاريع استثمارية تراعى مصالح جميع الاطراف بدءاً بالمزارع السودانى والاقتصاد الوطنى والشريك او المستثمر الاجنبى وتابع : ( لابد ان يراعى المفاوض السودانى او المسؤول عن الاستثمار مصلحة المزارع والوطن ومن ثم المستثمر الاجنبى).
وأكد د. البدرى ان الصين يمكن ان تلعب دوراً ايجابياً فى طى خلافات البلدين ( الشمال والجنوب) بشأن تدفق النفط وانسيابه من الجنوب عبر الشمال واردف : ( ولكن دائما التداخلات الاجنبية فى الشأن الداخلى لن تحل الخلافات لمصلحة جميع الاطراف ، واخشى ان يكون مصيرنا مصير المفاوضين بين اسرائيل والفلسطينيين،حيث يقدم الفلسطينيون تنازلات ولكن الآخر لا يتنازل ، وبالتالى اصبحت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية مزيدا من التنازلات من الفلسطينيين وليس للفلسطينيين). [/JUSTIFY]
صحيفة الرأي العام