وبحسب متعاملين في سوق الذهب، تحدثوا مع صحيفة “الاقتصادية”، فإن ارتفاع الطلب على السبائك الذهبية أمر طبيعي، نظراً للظروف الاقتصادية المحيطة بالولايات المتحدة، وانخفاض مستوى التصنيف الائتماني، وتأثير ذلك في الدول المستثمرة بسنداتها، إضافة إلى التخوف من تدني قيمة الريال لارتباطه بالدولار، خاصة وسط مواصلة تدني قيمة العملات المرتبطة بالعملة الأمريكية.
مستقبل مجهول
وقالوا إن الطلب على الذهب من البنوك المركزية للدول المستثمرة في السندات الأمريكية ارتفع ليسجل ضعف الطلب لعام 2010، حيث بلغ 190 طناً خلال الأشهر السبعة الماضية من العام الجاري, جميعها عوامل دفعت بأسعار الذهب إلى تسجيل قفزات متتالية ومتصارعة قادت السلعة لمستقبل مجهول مع توقعات من قبل وكالات دولية بأن يلامس الذهب ألفي دولار للأونصة بنهاية 2011.
وقد واصلت أسعار الذهب مسيرتها في تسجيل مستويات قياسية مرتفعة جديدة أمس مُقترباً من 1800 دولار للأوقية (الأونصة) موسعاً اتجاهاً صعودياً قوياً منذ 2008 بعد أن أثار هبوط حاد لأسهم البنوك الفرنسية مخاوف جديدة في الأسواق العالمية القلقة.
وزاد الذهب نحو 3% ليقترب من 1800 دولار للأوقية مع تحول مخاوف المستثمرين المهتمين بأزمة ديون منطقة اليورو من إسبانيا وإيطاليا إلى فرنسا، حيث دعا الرئيس نيكولا ساركوزي إلى فرض قيود مالية جديدة مع قلق الأسواق من أن تكون فرنسا ربما تكون المحطة التالية على طريق خفض التصنيف الائتماني.
من جهته، أكد محمد عزوز نائب رئيس اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة في مجلس الغرف السعودية، أن انخفاض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة أثر في ارتفاع أسعار الذهب بوتيرة سريعة, ويهدد بكسر حاجز الألفي دولار للأوقية قبل نهاية العام, إضافة إلى الخوف والهلع من سقوط عملة الدولار, حيث بدأت بنوك مركزية تحويل كل الاستثمارات النقدية من الدولار إلى الذهب وهو الملاذ الآمن الوحيد.
وقال إن العملات الأخرى مثل اليورو أصبحت مهددة بسبب الهزات الاقتصادية لأكثر من دولة أوروبية وقد تلحق بها بعض الدول الأخرى, وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف في العملة والتحول إلى الذهب.
وأضاف أن القوى الاقتصادية العالمية الموجودة بدأت تحول أرصدتها واحتياطاتها من الدولار إلى الذهب, وشرعت في شراء كميات كبيرة من الذهب لضمان استقرار الاحتياطي في حال انهارت عملة الدولار.
وتابع: “ذلك بسبب بعض الأخبار الجدل حول سقف الدين الأمريكي, حيث لازال هناك تخوف وغموض للرؤية المستقبلية للاقتصاد الأمريكي المتحكم في الاقتصاد العالمي”.
وأوضح عزوز أن هناك تحاليل وتقارير لبنوك مركزية عالمية لدول الصين واليابان وفرنسا وألمانيا وبريطانيا تشير إلى أن هناك تخوف من عملة الدولار وبدأت البنوك المركزية في دول الصين وروسيا والهند في شراء الذهب, بسبب الغموض والشك في أن يكون رفع سقف الدين الأمريكي مسكنات لهزه اقتصادية أكبر من السابقة.
عدم الاطمئنان
وبين عزوز أن عدم الاطمئنان من البنوك المركزية الدولية من الدولار واليورو أدى إلى تحويل الاحتياطيات إلى الذهب, وأدى إلى سحب كميات كبيرة من الذهب من قبل قوى اقتصادية عالمية, وأصبح الطلب أكبر من المعروض وأي كميات تعرض في الأسواق تسحب مباشرة, مع وجود بعض عمليات التصريف البسيطة لجني الأرباح ورفع الأسعار.
وتابع: “عادة ما يكون هناك تزامن بين ارتفاع أسعار الذهب وأسعار الفضة, لكن في الوقت الحالي نجد أن التخوف بدا أكثر من السابق وبدأ تسييل الفضة والتحول إلى الذهب بشكل ملحوظ”.
ووفقاً للاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة فإن ارتفاع الطلب على السبائك أمر طبيعي نظرا للظروف الاقتصادية المحيطة للولايات المتحدة وتأثير ذلك على الدول المستثمرة بسنداتها إضافة للتخوف من تدني قيمة الريال لارتباطها بالدولار.
ولفت إلى أن هذا الطلب عالمي خاصة من قبل الدول الناشئة حيث سحبت كميات كبيرة من الذهب كعملة احتياط وخروج استثمارات من الخزانة الأمريكية, إضافة إلى استغلال الفرص من قبل كبار المستثمرين عبر مضاربات عالمية وبصفقات كبيرة دفعت بأسعار الذهب إلى أسعار تضخمية هشة عالية المخاطر وقابلة للانهيار مع أي تحسن باقتصاديات العالم مما يدخل العالم في مرحلة خطرة تقود العالم إلى الانكماش الاقتصادي, متوقعا أن يكون للذهب نقطة ارتدادية بعد تخطية 1800 دولار للأونصة ودخوله بمرحلة ثبات نسبي إلى أن تتضح صورة الاقتصاد العالمي وتوجه.
من جانبه، أوضح خالد باطرفي، شيخ الصاغة الذهب في جدة، أن ارتفاع الطلب على السبائك الذهبية والجنيهات 60% في الأسواق المحلية رغم الارتفاعات المتسارعة للسعلة باتخاذها كعملة احتياط لخفض قيمة العملات, حيث ارتفع الطلب على السبائك قياس ثمانية غرام و3.1 غرام، إضافة للكيلو ونصف الكيلو بالأسواق المحلية من قبل مستثمرين كبار وصغار.
وأرجع سبب ارتفاع أسعار الذهب إلى عدة أمور يتصدرها وضع الاقتصاد الأمريكي وتدني تصنيفها الائتماني والذي زاد من تخوف الدول المرتبطة بالدولار من انخفاض قيمة العملات، إضافة إلى ارتفاع طلب البنوك المركزية العالمية للذهب خاصة من الصين والهند واليابان وتايلاند بشكل يتجاوز الضعف مقارنه مع العام الماضي، حيث تم سحب 190 طن من الذهب خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز من 2011، مقابل 73 طن لعام 2010, إلى جانب تزايد عمليات المضاربة التي طالت الذهب نتيجة تدهور أسواق الأسهم العالمية وخروج استثمارات كثيرة من هذه الأسواق.
إلى ذلك، أشار عبدالرحمن السعداوي، مستثمر في الذهب، إلى أن التوجه الكبير لشراء السبائك الذهبية من قبل مستثمرين وتجار جاء كأداة استثمارية آمنة لتحوط وتخوف من ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية في ضل استمرارا التراجع للدولار.
وقال “مستقبل الذهب بات مجهول غير معروف نظرا للارتفاعات التضخمية التي لحقت به, فالأوضاع الاقتصادية بالعالم تدفع بالذهب للارتفاع باعتباره ملاذ آمن”، متوقعاً أن يواصل الذهب الارتفاع رغم ارتفاعه عن القيمة الفعلية له، إلا أنه أصبح الحل الوحيد للعالم, خاصة وأن الذهب يعتبر شيك غير قابل للخصم.