المقنع وما يسمع

[ALIGN=CENTER]المقنع وما يسمع [/ALIGN] من الأشياء التي سمعناها وما نزال نسمعها حتى اليوم هو وجود آكلي البشر في قبائل الدينكا. وقد جالست العديد ممن حكوا حقيقة وجودهم ممن وصفوا بتلك القصة بل سكنت معهم في حي واحد، ومن الأشياء التي لاحظتها في تلك القصص أن الراوي يقول بأن هؤلاء موجودون في قبيلة معينة من ولاية البحيرات وفي ولاية البحيرات يقولون بأن هناك أسرة محددة هي التي تختص بتلك العادة وعندما تصادف واحد من تلك الأسرة… وحدث لكاتب هذه السطور مقابلتهم أكثر من مرة وهم يحكون له في اللاماب بحر ابيض بالخرطوم وفي مدينة بورتسودان.. يقول لك الراوي بأنهم لا يلتهمون لحم البشر وهم على قيد الحياة بل إنهم يمتلكون القدرة على القيام من القبر فيتحولون إلى وحوش تلتهم البشر يبتدرونه بواحد من أفراد العائلة. ورغم أن هؤلاء الناس في زمن سكني باللاماب بحر ابيض في الخرطوم أو في حي تيكو ببورتسودان يسكنون مع بقية البشر بل إن الموت يزورهم كما يزور الآخرين من الناس… وموتى هؤلاء يدفنون في نفس المقابر التي يدفن فيها موتى الآخرين ولم نسمع يوماً بأحدهم إخترق القبر وصار وحشاً يهدد حياة البشر. إن الخرطوم وغيرها من المدن مثل بورتسودان بل خارج السودان في بعض البلاد التي لا يتم فيها دفن البشر مثل ما يحدث في عندنا بالسودان يوجد أبناء ولاية البحيرات لكن لم يحدث ما نسمعه أو ما يحكيه البعض منهم. وعليه فليس ما يسمع من قول يقنع الناس ما لم تكن هناك دلائل على الأقوال والقصص.
ما جعلني اكتب عن هذا الموضوع اليوم، وأنا أتمنى أن يأتي أحدهم ليثبت خطأ ما كتبته ويبرهن على وجود آكلي البشر بالجنوب، هو توقعي مؤتمراً صحفياً يتحدث فيه أحد الوزراء الاتحاديين في اي يوم يبرر فيه اي إختفاء لفرد في الخرطوم ويرميه على وجود قبيلة جنوبية تأكل البشر على نسق وقوف قبيلة جنوبية تعاني الانجاب فتلجأ إلى خطف أطفال قبائل غيرها.
إن قبائل جنوب السودان في أغلب قصصها تلجأ إلى إستخدام الظواهر الخارقة التي تفوق قدرة الإنسان العادي لتثبيت بعض الأشياء في الذهن, وهذا الاستخدام لا يخلو من دعاية بعيدة المدى تخدم ناشرها وتسئ لجانب آخر مقصود.
تقوم القبائل المجاورة لقبيلة المورلي برميها بفرية لا يمكن لعقل إنسان سوي تصديقها أبداً، وتلك الفرية وجدت من يصدقها وهي تفيد بأن المورلي تقوم باختطاف اطفال القبائل المحيطة أو المجاورة بسبب أن افرادها يعانون مشكلة في الانجاب. وعليه حسب القصص فإن المورلي يخطفون الأطفال لتربيتهم وتبنيهم، أي أن تلك القبيلة تحافظ على وجودها بخطف أطفال القبائل الأخرى. وإذا إفترضنا صحة هذه النظرية مع التسليم بصحة الشق الأول منها وهي حقيقة أن المورلي فعلاً تقوم باختطاف اطفال القبائل المجاورة كحقيقة غير منكورة فالشق الآخر لم يثبت حتى الآن: كيف تحافظ قبيلة تعاني الان على وجودها؟ لماذا لم تنقرض؟. وهل الأطفال المختطفون تصيبهم نفس المشكلة بمجرد تحولهم إلى المورلي؟. ولماذا فقط تعاني قبيلة واحدة فقط من بين قبائل أخرى تسكن نفس المنطقة؟. إن فرية معاناة المورلي من عدم الانجاب كذبة ودعاية ارادت القبائل المجاورة إستخدامها كتغطية لعجزها عن مواجهة شراسة ابناء المورلي في الحروب، وإذا كانت هذه حقيقة لما تخلى المورلي عنها في المدن فهم ينجبون ويتناسلون دون الحاجة إلى الخطف.ليس كل ما يسمع يقنع.

لويل كودو – السوداني
24مايو 2010م
grtrong@hotmail.com

Exit mobile version