زواج مزدوج وقرار منفرد

[ALIGN=CENTER]زواج مزدوج وقرار منفرد [/ALIGN] شهدت المدينة المنورة قبل أيام حدثا فريدا، تمثل في زيجة مزدوجة، لأن شقيقين قررا الزواج معا في حفل زفاف مشترك، واستكملا إجراءات عقدي الزواج، وجهز كل منهما عش الزوجية بطريقته الخاصة ولم يبق سوى الحفل الختامي الذي يتوجه بعده كل زوجين الى بيتهما او الى فندق لقضاء أحلى أيام الزوجية.. نعم فالأيام الأولى من الزواج هي الأحلى لأنها تمثل نقلة كبيرة للطرفين ويكونان خلالها متفرغين تماما لبعضهما البعض قبل ان تبدأ دوامة: جيب بصل وبطيخ وفسيخ وزرنيخ
وفي السعودية كما في معظم الدول الخليجية، يكون حفل الزفاف الرئيس نسائيا فقط، ولأن الزيجة مزدوجة فقد كانت القاعة التي استأجرها الشقيقان مزودة بكوشتين متلاصقتين تتسع للعروسين.. وجاءت عروس الأخ الأكبر أولا تسير على إيقاع الدفوف وجلست على الكوشة، وبعدها بقليل جاءت العروس الثانية ولما همت بالجلوس على الكوشة الخالية قالت لها العروس الأخرى: شوفي لك مكان ثاني تجلسي فيه! أحست البنت بالحرج واجتمع أهلها حولها ليجلسوها على الكوشة، ولكن زوجة الأخ الأكبر قالت بوضوح وحزم: نحن دفعنا تكاليف الكوشة ولسنا ملزمين بإجلاسها!! يا بنت الناس عيب.. المسألة مو فلوس.. بل زواج وارتباط مدى العمر ان شاء الله ومهما كان هاذي زوجة أخو زوجك! ولكن هذه المناشدات وقعت على أذن صماء، وزاد الطين بلة أن العروس التي دفع أهلها تكاليف الكوشة عايرت الأخرى علناً بفقرها وبأنها من عائلة مبهدلة، لا تملك من المال حتى ما يكفي لاستئجار كوشة.. وتعميما لـ “الفائدة” طلبت من مطربة الحفل ان تردد كلمات استهزاء بالعروس بنت العائلة الفقيرة
للحكاية نهاية سعيدة: ما ان سمع الشقيق الأكبر بما فعلته زوجته حتى… بالضبط: طلقها… سعودي أصيل.. رجل حقيقي.. وهكذا فإن تلك المفتونة بفلوس أهلها والتي كانت تتأهب لدخول عالم الزوجية في ذلك اليوم وجدت نفسها خارجه في نفس ذلك اليوم.
أُس الداء والبلاء أننا استوردنا طقوس زواج من الشرق والغرب، وجعلناها فرض عين.. أمي وأبي لم يجلسا على كوشة عندما تزوجا، ولم يفرق بينهما إلا الموت.. ومعظم آبائنا وأمهاتنا لم تكن عندهم غرف نوم، فكل بناء مسقوف كان وسيظل مكانا صالحا للنوم، حتى لو لم يكن به سرير.. المشكلة الكبرى في الزواج في هذا العصر هو التفنن في ابتداع طقوس ترهق الجيوب: الكوشة والزفة والمطرب/ المطربة والمجوهرات (إلى درجة ان كثيرا من العائلات يضعن ذهبا لم يأت به العريس، يستلفنه من هذه وتلك، ضمن المصاغ الذي أتى به من باب الفشخرة)، وهناك التي قد تنسف مشروع الزواج لأن العريس قال إنه لا يملك مالا يكفي لشراء غرفة نوم إيطالية، وسيكتفي بواحدة من بوركينا فاسو!! أنا بنت أبوي أنام في سرير من فاسو؟ ثم يأتي شهر العسل.. إذا قضت فردوس شهر العسل في تايلند فإن جارتها إيناس تصر على أن يكون شهر عسلها في تسمانيا! وين تسمانيا يا إيناس يا بنت الناس؟ ما أدري بس شفتها مرة في الأطلس لما كنت في الإعدادي.
عندنا في جزيرة بدين في شمال السودان كانت مراسيم الزواج من كتب الكتاب الى الدخلة تتم خلال 24 ساعة وعلمت مؤخرا أن أهلي صاروا “متحضرين” وعرفوا الزفة والكوشة.. مع أن الكوشة في العامية السودانية هي مقلب القمامة!

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

Exit mobile version