* تخيلوا تعيين مدير فرع بنك في منطقة داخل العاصمة القومية تكتظ بالمؤسسات والشركات والمنظمات الأجنبية والوطنية هي مدينة الرياض بالخرطوم، ولم يعمل مصرفياً يوماً واحداً في حياته ولم يقف وراء كاونتر حتى ولو في بقالة يوماً واحداً في حياته ولا يحمل درجة جامعية في المحاسبة أو التجارة أو الدراسات المصرفية أو العلوم التي لها علاقة بالعمل في المصارف!!
* وحتى تتفادى رئاسة البنك وقوع هذا المدير (الخامة) في أخطاء مصرفية عينت له مستشارين اثنين من أصحاب الخبرة والكفاءة يعينانه على أداء عمله أو بالأحرى يقومان بالعمل نيابة عنه!!
* تخيلوا.. يتحمل البنك عبء مرتبي شخصين مع الامتيازات الأخرى بدون سبب غير القيام بعمل المدير (الخامة) الذي لا يعرف شيئاً عن العمل المصرفي.. هل يحدث هذا في أي بلد غير السودان.. أو هل حدث هذا في السودان قبل أيام الإنقاذ والمؤتمر الوطني التي ضاعت فيها كل القيم المهنية وغير المهنية، وصار الولاء هو القيمة الوحيدة المعترف بها لكسب العيش والحياة؟! أليس هذا هو ما يجعل بلادنا أكبر ساحة فى العالم للاحتراب وسفك الدماء والحصول على الحقوق بقوة السلاح.. بدلاً عن المؤهلات والخبرة؟!
* ومن المؤسف أن البنك الذي قام بهذه السابقة الخطيرة والغريبة هو أحد أهم بنوك السودان منذ فترة الاستعمار وحتى الآن. بنك ارتبط بتاريخ السودان في الماضي والحاضر ويتشرف بحمل اسم مدينة يعتز بها جميع السودانيين مثل اعتزازهم بالجامعة التي تحمل نفس الاسم. إنه بنك الخرطوم أيها السادة، باركليز (سابقاً).. وواأسفي على باركليز وأيام باركليز.. ليس حباً في الاستعمار ولكن توقاً للعدل الذي ذهب مع الريح!!
* المئات من حملة الدرجات الأكاديمية في علوم المصارف أو العلوم ذات الصلة وأصحاب الخبرة والكفاءة في مجال العمل المصرفي أحالهم هذا البنك إلى الاستيداع عند إعادة هيكلته قبل بضعة أعوام زعماً بأنه يبحث عن التميز، وها هو التميز الذي يبحث عنه جعله يعين شخصاً لم يعمل (مصرفياً) يوماً واحداً في حياته مديراً لبنك ويضع له مستشارين اثنين يقومان بعمله.. الفاتحة على روح التميز الذي شبع موتاً في زمن التيه والسفه والفساد!!.
* قد يكون من حق البنك أن يعين من يشاء إذا كان ملكية خاصة للبعض، ولكن للشعب فيه نصيب تديره الحكومة نيابة عنه.. فإلى متى تغتصب الحكومة حقوق الشعب وهو ساكت يعاني الظلم والحرمان.. وإلى متى يصبر عليها الشعب؟!.
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
16 مايو 2010