[ALIGN=CENTER]مبروك النجاح [/ALIGN]
انتهت امتحانات مرحلة الأساس في كل السودان وظهرت النتائج في كل السودان، ولكن كالعادة كانت نتائج كل ولايات السودان في كفة غائبة ونتائج ولاية الخرطوم في كفة حاضرة، فالقارئ للصحف اليومية والمشاهد للقنوات السودانية والسامع للإذاعات السودانية لاشك أنّه لاحظ الاحتفالية الكبرى التي أُقيمت للمتفوقين في امتحانات مرحلة الأساس ولاشك أنّهم جديرون بالاحتفال، فالتفوق في أي مجال له طعم خاص فما بالك إذا كان في مجال تلقي العلم، ولكن وآه من لكن هذه أليس في ولايات السودان الخمسة وعشرين الأخرى متفوقون؟ لماذا لم تهرع إليهم الصحف وتتسابق نحوهم الكاميرات وتوجه إليهم المايكروفونات؟ لماذا لم تجر المقابلات مع أسرهم ومدرساتهم ومدرسيهم؟ أليسوا جديرين بالإشادة. إنّ المتابع لتغطية أجهزة إعلامنا لنتيجة مرحلة الأساس لا يشعر بوجود هذه الامتحانات إلا في الخرطوم.. خصخصة التعليم لعبت دوراً كبيراً في هذه البهرجة الإعلامية، فالمدارس الخاصة تعلن عن نفسها من خلال نتائج تلاميذها. فالصفحات الإعلانية الملونة المحتوية على صور التلميذات والتلاميذ مع الدرجات التي تحصلوا عليها وبعض المدارس تضيف صور الأساتذة مع المباني، أمّا المدارس (الجافخة) فقد اشترت برامجاً تلفزيونية كاملة للإعلان عن نفسها فالإعلان كما هو معلوم أصبح عصب العملية التجارية ولكن السؤال هل دخل التعليم السوق؟ هل أصبح سلعة ؟ وهنا نتذكر أغنية عقد الجلاد.. قالوا العلم ملحوق كتر الفهم ما بحوق آخر الزمن يا ناس ودوا الولد للسوق.. طيّب يا جماعة الخير لو ركزنا قليلاً في إطلاعنا على سوق الإعلان التعليمي (لو جاز التعبير) وانتظرنا لمدة ثلاث سنوات (للحي البعيش) سوف نشاهد إن شاء الله ذات الوجوه، وذات أسماء المدارس وذات الآباء والأمهات الذين نسأل الله أن يزيدهم من فضله في نتائج امتحان الشهادة السودانية (القومية) فمتفوقو ولاية الخرطوم تلاميذ ومدارس هم متفوقو الشهادة السودانية، وهذا قد أصبح معلوماً بالضرورة ولا يحتاج إلى دروس خصوصية ولا حصص تركيز ولا مجموعات تقوية، لقد أصبح التعليم حكراً على أهل الخرطوم حيث (الرئيس بنوم والطيارة بتقوم والفلوس بالكوم) ولا عزاء لناس قريعتي راحت. الله يشهد أننا لسنا حاسدين ولا (راصدين) لأهل العاصمة، فأبناؤهم أبناؤنا، ويسعدنا تفوقهم فهم في النهاية أبناء هذا الوطن، ولكننا نريد أن نلفت نظر القائمين على هذه الدولة والقابعين في الخرطوم والذين يصرفون ما (يلحسون) على تعليم أبنائهم من أصلابهم بأنّ في هذه البلاد تلاميذ عقولهم لا تقل عن عقول أبناء العاصمة، وكان يمكن أن يفيدوا هذه البلاد (الظالم أهلها)، ولكنّهم للأسف مغيبون إعلامياً منذ مرحلة الأساس ومدارسهم الثانوية تعاني نقصاً في كل شيء؛ في الأستاذ.. وفي الكتاب.. وفي بنية المدرسة التحتية، وسوف تكتمل حلقة غيابهم في المرحلة الجامعية خاصة الكليات عالية الطلب، وبهذا يكون السودان قد فقد ثلثي موارده البشرية وتصبح المعادلة العلم والقروش والجمال والعاصمة كوم والجهل والفقر والقبح والأقاليم كوم.. وتبكي بس يا ريفي الحبيب.
صحيفة التيار – حاطب ليل -14/5/2010
aalbony@yahoo.com