بلادنا التي يدخلها المئات بل الآلاف يومياً من بعض دول الجوار ممن يعمل جميعهم في مهن هامشية لم يجد وكيل وزارة العمل من يضيِّق عليهم من بين كل شعوب الدنيا غير المصريين الأقرب إلينا ذمّة ورحماً!!
وزارة العمل الهمامة عزت قرارها «الثوري» إلى ما سمّته المعاملة بالمثل بالرغم من وجود أكثر من مليوني سوداني يعيشون في مصر ولا يتعرضون للطرد والضرب والإهانة ومصادرة الممتلكات التي شهدنا نموذجاً منها قبل أيام قليلة في ما حدث لبعض المجموعات السكانية الشمالية التي هُجِّرت إلى ولاية النيل الأبيض من جنوب السودان مما بثّته بعض القنوات الفضائية مثل قناة الجزيرة وشهدنا نماذج منها طوال العقود الماضية وعلى امتداد مسيرة الدماء والدموع منذ فجر الاستقلال بل منذ تمرد توريت عام 5591 وليتكم لو استمعتم لصديق كوراك الأمين العام لاتحاد التجار الشماليين بجنوب السودان الذي هاجر جدُّه إلى الجنوب في بداية القرن التاسع عشر ومات هناك ليحدثكم عن المليارات والممتلكات التي فقدوها في تلك البلاد بعد أن سكبوا العرق في سبيل إقامتها ظناً منهم أنها ديارهم ولكن!!
يقول الخبر الموجع إن الوزارة، التي يبدو أن لها مشكلة أرجو ألا تكون شخصية مع العمالة العربية تحديداً، حدَّدت 51 يوليو الجاري موعداً نهائياً لتسجيل بيانات العمالة المصرية!!
بالله عليكم هل تعمل وزارة العمل وغيرها من الوزارات بموجب سياسات وموجِّهات إستراتيجية أم أنها سياسة خبط العشواء التي يضعها من لا ينظرون إلى قضية الهجرة إلا من منظور الحب والبغض الشخصي أو قل إلا من ثقب النفس الأمّارة بالسوء؟!
قلت لمحاوري وهو يسأل عن مستقبل الوحدة مع جنوب السودان عليك يا أخي من الآن فصاعداً أن تنظر إلى جنوب السودان على اعتبار أنه دولة أخرى كانت في يوم من الأيام موحَّدة «بالإكراه» مع الشمال وينبغي من الآن فصاعداً أن ننظر إلى كل دول الجوار بما فيها جنوب السودان من منظور أيها أقرب إلينا سياسياً واقتصادياً وثقافياً مع إخضاع ذلك كله إلى نظر دقيق يتجاوز الحالي إلى المستقبل البعيد ثم سألته سؤالاً مباشراً: بالله عليك أين تجد نفسك غريباً تخشى على حياتك في القاهرة أم في جوبا؟!
أقسم بالله إنني تدخلت أكثر من مرة في شأن حالتين من الإخوة العرب الذي ضُيِّق عليهم وهم من أصحاب الخبرات إلى أن غادروا ولم تنجح كل محاولاتي بينما بلادنا تمتلئ بالقادمين والمهاجرين من كل حدب وصوب ولله الأمر من قبل ومن بعد!!
مكي بلايل
كنتُ ولا أزال أرى في الأخ مكي بلايل رجلاً متميِّزاً يستحق أن يُبذل في سبيل استرضائه وكسبه الكثير ليس لأنه نشأ في حضن الحركة الإسلامية وإنما احتراماً لشخصيته المبدئية وقوته في الذود عن قناعاته ولم أيأس من الرجل حتى عندما التحق بركب كُتاب «أجراس الحرية» وظنَّ البعضُ أنه لا محالة من الغارقين بل وحتى عندما احتدم الجدال بيني وبينه وهو يغرس قلمه «السنين» في عنقي ويتّهمني بما ظلَّ سفهاء بني علمان يرمونني به بما في ذلك تهمة العنصرية وحتى عندما وصَفَنا في منبر السلام العادل بالأمويين الجدد وأورد كلاماً يتحامل فيه على تاريخ العرب في الإسلام وينبش أسوأ صفحات التاريخ ويتجاهل أنصعها سالكاً في ذلك طريق الرافضة من الفرس وهم ينكأون ما في صدورهم حزناً على زوال ملكهم وحضارتهم الفارسية العريقة بل إن الرجل لم يفقد احترامي حتى عندما كتب كلاماً موجعاً شهد فيه لقرنق في ذكرى مصرعه بما لا ينبغي أن يصدر عن رجل ذي مرجعية إسلامية راسخة وكنت أواجهه في سجالنا الصحفي بذات التهمة وأصفه بالعنصرية وبلغ التحرش ببعضنا البعض مداه لكني أشهد بأني كنت أرى فيه ما لا أراه في غيره ممن أسقطتُهم أو سقطوا في نظري وما ذلك إلا لصدق لهجة الرجل التي لا أجدُها في كثيرٍ ممَّن يروغون كما يروغ الثعلب!!
كان بلايل من أول من وردت أسماؤهم من مدعوي صحيفة «الإنتباهة» من أبناء منطقة جنوب كردفان لحضور الاجتماع الأول الذي انبثقت عنه اللجنة الشعبية العُليا لدعم جنوب كردفان واللجان الفرعية، لم أستغرب البتة موقف بلايل وهو ينحاز إلى القوى الوطنية ويعلن الحرب على الحلو الذي يحارب بالوكالة عن حزب أجنبي يحكم دولة أجنبية ذات أجندة معادية ومتعاونة مع أعداء السودان الشمالي الذي تُعتبر قبيلة النوبة إحدى مكوِّناته الأساسية وهكذا الرجال دائماً تبِيْن مواقفُهم عند الشدائد ولذلك فقد صدق حدسي أن الرجل الذي ظننتُ به الخير حتى عندما رأيتُه بين كُتاب «أجراس الحرية» لم يخذلني وما كان من الممكن أن ينحاز لمشروع السودان الجديد المستهدِف لدينه وعقديته ووطنه.
إنها نصيحة أبذلُها لوجه الله أن على الحكومة وهي مُقبلة على تعديل وزاري بعد أن أذهب الله عنا أذى شراكة التشاكس والتنافر ونزع بعضاً من أشواك نيفاشا السامة من جسدنا المنهك أن تحرص على أن يكون الفريق العامل على مستوى المركز متناغماً متجانساً برؤية فكرية وبرنامج وطني واحد وأن تضم إلى صفوفها رجالاً مثل بلايل وتلفون كوكو الذي ينبغي أن تسعى إلى إطلاق سراحه من سجون المغول الجدد كونه مواطنًا شماليًا معتقلاً في دولة أجنبية وفرق كبير بين سلوك الحكومة تجاه كوكو قديماً وسلوكها حديثاً فتلفون كوكو مواطن شمالي معتقل في دولة أجنبية ويجب أن يُطلق سراحه.. أما الوالي أحمد هارون فقد أراحه الله من الحلو الذي «رفس» النعمة التي جاءته بالمجان بطريقة العطاء بلا مقابل التي درجنا عليها لكن رحمة الله بنا كانت كبيرة ولذلك على هارون أن يضم تلفون كوكو نائبًا له أما بلايل فأراه أنسب في المركز وفي كلٍّ خير.[/JUSTIFY]
الانتباهة