أول هذه الانطباعات التي ما تزال راسخة عند البعض إلى حد الإيمان المطلق “إنو الناس عايمين فوق أموال تهطل من السماء بدون انقطاع وبالتالي فهم منهل لا ينضب”. هذه القناعة التي ليتها كانت حقيقية تبلورت إلى شبه قناعة رسمية، فالأفراد لا يقتنعون بما يقال لهم من نفي، وهؤلاء الأفراد هم أعضاء المجتمع.. وهذا المجتمع بدوره يصبح ممسكاً بقناعته فيفرضها على الفرد كقانون غير قابل للكسر وإلا فالتبعات وخيمة وجسيمة (يا إخوانا في فرق بين وخيمة وجسيمة؟).
المهم ناس جوه لأنهم بيتمنوا الخروج ولم تتحقق أمنياتهم وفي حال وجود أقارب لهم أو معارف فلابد من تحقيق أحلامهم عن طريق هؤلاء ولو بالحديث فقط. وعليه فناس بره ديل مطلوب منهم في الوقت الراهن الذي صار عدد الهواتف يعادل عدد أفراد الأسرة في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف… المطلوب من الزول اللي ببره محادثة كل شخص وحده وإذا لم يفعل ذلك فقد صار متنكراً متعجرفاً متكبراً.. إلخ من الصفات غير الحميدة وكأنه كان قطناً أبيضاً من الصفات الجميلة عندما كان برفقتهم قبل الخروج تم غمسه في حبر الأخلاق غير الحميدة في بلاد الغربة فتشرب بها إلى النهاية..!!. وننوه إلى أنه في بعض الأحيان غير مقبول تحميل أحدهم التحايا على نمط “سلم لي على فلان”… فالشخص الذي سيقوم بتوصيل الرسالة سيقع في وزر آخر لأنه سيسمع العبارة “وهو ما عارفني أنا وين عشان يقعد يرسل لي التحايا بس من ناس تانيين…” ..طبعاً دي أخف الظنون به إذا لم يقوم المحيطون بحياكة القصص البديعة التي تحكي عن الأموال الطائلة يرسلها الزول اللي بره للشخص اللي بيتكلم معاهو دا وهو اللي اشترى ليهو الشيء الفلاني داك….
والزول اللي جوه برضو في بعض المرات هو اللي مهمتو بيهتم عليهو إظهار نفسه ضحية الظروف الصعبة للبلد وبالتالي لازم على الزول اللي ببره ما ينسى الحالة الصعبة دي، وعليه فهو لا يخطر بباله أبداً بأن أخوه أو أخته اللي ببره ما بتأكل وما بتشرب وما بتتحرك … يعني باختصار شديد كدا بيفتكر إنو اللي ببره ديل ما بيمارسوا أي نشاط إنساني له علاقة باستهلاك النقود. وهذا الاعتقاد مربوط برباط قيمة عملة بلد الزول اللي ببره فالموجود بالداخل يحسب القيمة حسب تحويل العملة الأجنبية في الداخل. والغريب جداً إنو في ناس جوه البلد ما عندهم ناس ببره وهم عايشين ومبسوطين بدون الحاجات المفترضة اللي إتكلمنا عنها فوق دي.
طبعاً الشيء المهم جداً اللي لازم أنا أوضحه هو إنو كل الأشياء اللي اتكلمت عنها فوق دي، أغلبها لا تأتي بنية سيئة ولا وراءها أغراض غير نبيلة نحو ناس بره. لكن النوايا وحدها لا تخدم إن لم تكن الأفعال متزنة مع الواقع وليست بجعلها رهينة الأمنيات.
لويل كودو – السوداني
12 مايو 2010م
grtrong@hotmail.com