ولم يكتف سلفاكير بذلك بل أكد أن الجنوب “لن ينسى أبناء دافور وأبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان”، في إشارة واضحة على مسامع الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى تلك المناطق التي تعيش توترا على الحدود.
بيد أن الأهم من ذلك، العفو الممنوح للجماعات المسلحة في الجنوب، في اعتراف صريح بأن الدولة الجديدة لديها أعداء جاهزون ومستعدون لتقويض استقرارها أو على الأقل تطويل فترة الفوضى حتى إشعار آخر.
الجماعات المسلحة
فكما هو معروف، توجد سبع جماعات مسلحة مناوئة في جنوب السودان، عديد منها يحمل السلاح احتجاجا على الفساد والتمييز العرقي، مع أن الرئيس سلفاكير سبق أن قدم عفوا سابقا بدون شروط لكنه لم يلق تجاوبا من معارضيه.
وبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة الأمن السكاني في السودان -وهي منظمة غير حكومية-، خلق الصدام المسلح بين هذه الجماعات المناوئة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان -الحزب الحاكم في الجنوب- بعد إجراء الانتخابات العامة في أبريل/نيسان 2011 حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
وأبرز الحركات المسلحة المناوئة للحركة الشعبية في الجنوب هي قوات جورج آثور، وقوات غابرييل تانغ غينيي، وقوات ياو ياور، وجميعها في ولاية جونقلي، وقوات غاتلوك غاي، وقوات بيتر غاديت في ولاية الوحدة.
سلفاكير يرفع دستور الدولة الجديدة (الفرنسية)
سجل الصدامات
في أعقاب الانتخابات العامة التي جرت في الجنوب في أبريل/نيسان 2010 وقعت اشتباكات عنيفة بين الجماعات المسلحة وقوات الحركة الشعبية.
وبعد إجراء استفتاء حق المصير في الجنوب في يناير/كانون الثاني 2011 وهو الاستفتاء الذي أعلن بمقتضاه انفصال الجنوب عن الشمال استنادا إلى بنود اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا عام 2005- انهار وقف إطلاق النار بين قوات جورج آثور والحركة الشعبية بمعارك طاحنة وقعت في ولاية جونقلي.
وأسفرت هذه الاشتباكات التي جرت يومي 9 و10 فبراير/شباط 2011 في مقاطعة فانغاك -بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة جنوب السودان- عن مصرع 200 شخص بينهم عدد كبير من المدنيين.
يشار إلى أن الحركة الشعبية كانت قد شنت في سبتمبر/أيلول 2010 حملة عسكرية وسياسية واسعة النطاق للقضاء على التمرد المسلح حيث قدم سلفاكير عفوا عاما لأهم شخصيتين معارضتين وهما جورج آثور وغابرييل تانغ غاي الذي تردد أنه يوجد حاليا في ولاية النيل الأزرق.
طبيعة الصراع
اللافت للنظر في طبيعة الصراع الداخلي في جنوب السودان، أن الفصائل الرئيسية متداخلة فيما بينها في المواقف على الأقل وعلى نحو لا يعطي أي حركة منها صفة مستقلة أو خاصة بها، ربما بسبب وجود العدو المشترك الذي يوحد هذه الفصائل في جبهة سياسية واحدة على الأقل.
ويقول التقرير الصادر عن منظمة الأمن السكاني السوداني إن جورج آثور استغل المعارك التي دارت بين الحركة الشعبية وقوات النقيب ألونوي في النيل الأعلى عندما أكد أن الأخير يعتبر من أنصاره، في الوقت الذي كانت فيه الحركة تعيد توجيه الاتهامات إلى الخرطوم بالوقوف وراء تسليح وتحريض الجماعات المسلحة في الجنوب.
وفي دراسة لباحث جنوبي نشرها المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف عام 2007 تحت عنوان “مشروع الأسلحة الصغيرة”، يشير الكاتب السوداني الجنوبي جونغ يونغ أن الفصائل المسلحة المتمردة في الجنوب لا تقتصر على الجماعات المناوئة للحركة الشعبية لتحرير السودان وحسب، بل تمتد لجماعات معارضة لدول مجاورة مثل إثيوبيا.
ويضيف الكاتب أن الأمر يزداد تعقيدا بالنسبة للوضع الأمني في الجنوب كونه يتداخل مع حالة الصراع القبلي الحاد بين أطراف مختلفة على مناطق الرعي -العمود الرئيسي للاقتصاد المحلي- مما يعطي الصراع بعدا أكبر من مجرد خلافات على حدود أو حقول النفط فقط.
الجزيرة نت