لا تطبيع مع الأغبياء والثقلاء

[ALIGN=CENTER]لا تطبيع مع الأغبياء والثقلاء [/ALIGN] كثير من زملاء الدراسة والعمل يدهشهم، بل يستنكرون أن لي أصدقاء بعضهم نصف أمي وبعضهم “أم أمي”، وهذا الصنف الأخير هو الذي لم يجد الفرصة حتى لمجرد الإمساك بالقلم.. قبل هجرتي الى الخليج كان لي أصدقاء من مختلف الفئات من بينهم الحلاق والخياط والبائع المتجول وصانع الأحذية، ومن أهم مواصفات الصديق عندي الوفاء وخفة الظل والروح.. وعرف أصدقائي “المثقفون”، قيمة مثل هؤلاء الأصدقاء عندما بدأت الاستعداد للزواج.. كانوا يضفون على كل تجمع وحفل روحا مرحة وصاخبة لأنهم عفويون وعلى سجيتهم، ولكن ما أدهشني وأدهش أصدقائي المثقفاتية هو ما قدمه لي “العوام” أولئك عند الزواج: تولوا كل الترتيبات التي تتطلب الحركة والتنقل.. الخياط أهداني عددا من الجلابيب وهي من ضرورات الزواج السوداني،.. وهناك من تولى توريد الثلج لحفل الزفاف على نفقته.. صانع الأحذية طلب رؤية فستان الزفاف وصمم للعروس حذاء من نفس الخامة صار “ورثة”، بمعنى ان كذا عروس استخدمته لاحقا.. المهم كل ما يلزم الحفل تولى ذلك النفر توريده لأنهم يجيدون المفاصلة ويعرفون خبايا الأسواق والشاهد ليس إثبات أنني “متواضع”، فليس في مخالطة الناس العاديين تواضع وإن كان في مجانبتهم وتفاديهم استعلاء، بل هو انني أحب الناس الأذكياء المرحين، دون النظر الى درجاتهم التعليمية، وتبعا لذلك أنفر من الأغبياء، بمعنى أنني أتفادى مخالطتهم لأنني لا أضمن عدم “فلتان” أعصابي ومن ثم صدور كلام جارح مني تجاههم، وخاصة ان أغبياء كثرا يعشقون الثرثرة والبربرة والافتاء في كل شيء.. وقرأت مؤخرا عددا من الحكايات “الواقعية” عن الأغبياء ورأيت أن أشرككم في الاستمتاع بها حتى لا أكون وحدي من يعاني الغازات الهضمية التي تسببها مثل تلك الحكايات: بعد النزول في المطار اكتشف الراكب ان حقائبه لم تصل وتوجه الى المكتب المختص وهناك طمأنته الموظفة بأنه في أيدٍ أمينة ومحترفة وقالت له انها تريد تسجيل بعض المعلومات عنه وعن الحقائب ثم سألته: هل وصلت طائرتك؟.. ودخل صاحبنا الى مطعم وطلب بيتزا صغيرة كاملة، فسأله الجرسون هل نقطعها الى أربع أم ست قطع فكان الرد: لا أحس بالجوع الشديد.. خليها أربع قطع فقط.. أما الأمريكي الذي اشترى ثلاجة جديدة فقد رأى الغباء بالعين المجردة: وضع الثلاجة القديمة أمام البيت وكتب عليها: ثلاجة في حالة طيبة وحلال على من يريد أخذها.. وظلت الثلاجة ملقاة في الشارع طوال أسبوع، فسحب الورقة القديمة وكتب عليها ورقة أخرى: الثمن المطلوب 50 دولارا، وبعد ساعات كان أحدهم قد سرقها!!
حكى أحدهم عن سمسار عقارات كان يعرض عليه بيتا ليشتريه، وسأل السمسار عن الاتجاهات، وعلل ذلك بأنه يعاني حساسية من الشمس ويريد ان يعرف إذا ما كانت غرف البيت ذات نوافذ تدخل أشعة الشمس صباحا وعصرا، ولما رأى الدهشة على وجه السمسار شرح له: لا أريد بالتحديد نوافذ تطل على ناحية الشرق حيث تشرق الشمس.. هنا صاح السمسار: بالله؟ هي الشمس تشرق من الشرق.. هذه أول مرة أسمع فيها بهذه المعلومة.. أما قمة الغباء – على مستوى عائلتي – فقد تجلت عند ولدي لؤي الذي جاءني عندما كان عمره أربع سنوات شاكيا: بابا بطني توجعني لما أهز جسمي شديد، يمين شمال ولما قلت له: طيب، بلاش تهز بطنك! اعتبر ذلك عدم اهتمام مني بصحته.
جرب أن تقف وسط مجموعة من الناس ثم انظر الى السماء واصرخ: يا إلهي هذا طائر ميت، وسترى حولك نفرا من ذوي العقول الميتة ينظرون الى أعلى بحثا عن الطائر الميت الذي “يطير”.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

Exit mobile version