والتقينا ببلال عبدالله الهادي «مزارع» وقال لنا: ابو لمبة شيطان مخادع يولع نورا ويطفئه ثم يولع نورا مرة اخرى، وهو بذلك يغشك ويضلك عن الطريق، وفي احيان كثيرة يكون على شكل امرأة، وقد تسمع صوت موسيقى كأنك اقتربت من «سيرة عرس»، وكثيرا ما يروي اهل قريتنا عن المقالب التي وقع فيها الشباب عند عودتهم مساءً الى القرية، اذ يظهر لهم ابو لمبة موحيا بمكان عرس تلوح منه الانوار وتصدح فيه الموسيقى، ويعتقد الشباب انه مناسبة زواج ويتجهون نحوها، وكلما اقتربوا ابتعد عنهم الى أن يصيبهم التعب ويضلوا الطريق.
ويواصل بلال حديثه معنا متحدثا عن تجربة شخصية قائلا: ذات مرة تحركت من قرية الزليط متجها الى الحواشات، وفجأة لاح نور وتوجهت نحوه، وكلما ازيد سرعتي لاصل اليه يزيد النور بعدا مني، واخيرا عندما توقفت لم اعرف اين انا، وبعد مشي عدة كيلومترات اقتربت من النيل، ووجدت مزارعين ارشدوني الى اتجاه قريتي الصحيح.
بينما يؤكد نعيم يسن «حداد» انه كثيرا ما يتعرض الى ابو لمبة عند ذهابه الى مجاملة اجتماعية في القرى والريف، ولانه اصلا لا يلم بطبيعة المنطقة فإنه يتعرض الى خدع ابو لمبة، معتقدا ان ذلك الضوء هو منزل احد الاشخاص ليدله على مسار الطريق، فاذا به يخرج عن الطريق الصحيح، مضيعا وقته ووقود عربته، وقد يضطر الى المبيت حتى الصباح ليتبين الطريق .
وتوجهنا الى السوق الشعبي بالخرطوم حيث ترحيلات الشاحنات الي الولايات، والتقينا بخاطر مختار الامين «ترحيلات التضامن»، وقال لنا اسم ابو لمبة يطلق على شيطان يرى في الاماكن البعيدة الخالية من السكان، ولا يظهر في المدن او المناطق المأهولة بالسكان، وغالبا ما يظهر في صورة لمبة مضيئة من على البعد، ويكون في الاماكن النجسة، واصحاب وسائقي اللواري من اكثر الاشخاص الذين يتعرضون لمحاولات تضليل ابو لمبة، خاصة في لحظات تعطل اللوري، ويظهر ابو لمبة من على البعد معطيا احساسا لسائقي الشاحنة ان هناك منزلا او قرية قريبة يستطيع ان يجلب منها الطعام او المساعدة، ويتحرك السائق نحو الضوء معتقدا قربه منه، ويتباعد ابو لمبة رويدا رويدا والسائق يزيد معدل سرعته ليصل اليه، في حين أن الشيطان يبتعد اكثر حتى ينال من الشخص التعب ويضل الطريق ولا يعرف اين هو ولا كيف يرجع الى المكان الذي ترك فيه شاحنته.
ويؤكد خاطر ان سائق العربة الحصيف والمجرب لا ينخدع بابو لمبة، لكن احيانا الظروف التي تواجه السائق من تعطل العربة والحاجة الى الامداد والمساعدة، تضطره الى الوقوع في ضلال ابو لمبة مرة اخرى.
ومهما كانت درجة تلاعبه بنا قصدا ام عرضا .. ومهما كانت مقاصدنا بالاستجابة لعبثه، فإن بونا شاسعا يفصل بينا .. متمنين ألا نراه او يرانا.. فهل يا ترى ينصت لامنياتنا، أم يحمل بيده ألاعيب جديدة.
الصحافة
الخرطوم: عبد الوهاب جمعة: