والخردة هي الاشياء القديمة التي قوامها الحديد وكان يستعملها الناس او اجزاء منها. وتشمل كل شيء من مخلفات الافران الكهربائية الى ماكينات الثلاجات والمراوح وغيرها، وقد ادي ظهور مصانع الحديد الصلب بانواعه الى بروز هذه التجارة، اذ يتم تجميع تلك النفايات بهدف اعادة تصنيعها مرة اخرى، وتراها في اماكن التجميع مجمعة في قطع كبيرة ومقطعة ومصفوفة بعناية. وللخردة اسماء تختلف من نوع الى آخر، فتجارة قطع السيارات المستعملة تسمى «تشليح». وتجارة الاجهزة المنزلية والمفروشات القديمة تدعى تجارة المستعمل . اما كلمة الخردة فهي تطلق على الاواني المنزلية القديمة، وعلى تجارة الحديد والنحاس المستعمل، وكل ما يدخل ضمن هذه الاشياء. وفي أعقاب إنشاء مصانع الحديد بالبلاد برز اشخاص يشترون سيارات نقل ويقومون بجمع الحديد التالف، اما من الشوارع ومحلات ورش السيارات لبيعه بالكيلو الى مصانع الحديد، او الى مصدري الحديد المستعمل الى الخارج. وفي السنوات الاخيرة برزت شركات كبيرة باتت توظف فقراء المدن الذين اعتادوا على ممارسة هذه المهنة. كما ادى ارتفاع اسعار الحديد في الاسواق العالمية الى تجميع الخرد وبروز أسواقها.
وحسب تجار الخرد فقد وصل سعر طن الخردة في مراكز التجميع واسواق الدلالة الى «300» جنيه، ويعمل في مراكز شراء الخردة أكثر من شخص، مما يدل على أن سوق الخرد بات من الأسواق الرائجة.
«الصحافة» وقفت عند هذه التجارة الرائجة، التقت بخليل حسين خليل بالمنطقة الصناعية الجديدة «جبرة» وهو يزن الحديد الذي اشتراه لحظة حضورنا، وبعد أن فرغ من عمله قال انه يعمل منذ فترة فى هذا المكان، ويعمل في بيع حديد الخردة، ولدى كل تاجر «سريحة» يجوبون الأحياء ليشتروا الحديد الخردة من المواطنين. واضاف خليل انه يشترى بسعر واحد جنيه للكيلو، وعندما تتجمع لد يه كمية كبيرة يقوم ببيعها للموردين الذين يبيعون الحديد الخردة لاصحاب المصانع.
ويرى رافع الإمام الذي يعمل في مجال الخردة، إن بيع الخردة هو مصدر رزقه، مشيرا الى شراء كل انواع الحديد والنحاس الاصفر والاحمر، واشتكى خليل من منصرفات الايجار ورسوم النفايات والمحلية. وأشار رافع الى اهمية اخلاء المنازل من المقتنيات القديمة وغير المستعملة من أسوار الزنك لعدم جدواها، ماضيا للقول إن للخردة سوقا رائجا، خاصة أن هنالك مقتنيات بحالة شبه جيّدة أو مستخدمة استخداماً خفيفاً، وغالباً ما يقوم محدودو الدخل بشرائها نظراً لانخفاض سعرها.
الخبير الاقتصادي د. عبد العظيم المهل قال إن من فوائد مصانع الحديد الجديدة في السودان، الاستثمار في الحديد الخردة، وكان السودان سابقا يعتمد على المسبك المركزي، لكن نشاطه كان محدودا للغاية، لذلك تأخر السودان كثيرا في الدخول في مجال مصانع الحديد مقارنة بالدول الاخرى، وكان من المفترض ولوج عمل الحديد في وقت مبكر من ذلك.
ويواصل المهل حديثه قائلاً إن الدخول الى مجال صناعة الحديد بدأ بمصنع واحد، ثم تمدد عدد المصانع ووصل الى «8» مصانع الآن، وهذه المصانع لم تعتمد فقط على الخام المستورد، بل اعتمدت على الحديد الخردة والذي كان يصدر للخارج.
ويمضي المهل الى ان تجارة الحديد الخردة برزت بصورة اكبر بعد قيام مصانع الحديد، واصبحت تجارة رائجة خاصة للاطفال الفقراء الذين يجمعون الحديد الخردة، وهم يحصلون على مكاسب جيدة تفوق مرتبات الموظفين. وكانت تجارة الخردة ينظر لها في البداية على انها تجارة هامشية وقذرة وتجارة متشردين، اما الآن فهي تعتبر تجارة ضخمة ويجني منها التجار فوائد كبيرة، علماً بأنها توفر للدولة مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي الذي كان يستورد به الحديد.
وعن حجم تجارة الخردة والمأمول منها يقول المهل إنها تبلغ حوالى «100» مليون دولار سنويا، وهناك فائدة اخرى جاءت عبر تجارة الخردة، وهي تكوين المصانع الصغيرة للحديد المعتمدة على الحديد الخردة، وتوقع نمو هذه التجارة بزيادة استيراد العربات بعد دخول مفهوم إعادة التدوير عبر منظور بيئي، كما أن تجارة الخردة وفرت عدداً كبيراً من الوظائف.
[/JUSTIFY]
صحيفة الصحافة