نصيحتي لـ(إخوان مصر) الاطلاع على إخفاقاتنا
محاكمة مبارك رادعة … ولكني لست منشغلاً بتصفية الحسابات الشخصية
لا بد أن تفتح الحدود بين مصر والسودان وجعل حلايب منطقة تواصل لا نزلع حوارنا اليوم مختلفاًً مع الزعيم الإسلامي والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي، يتحدث فيه عن زيارته الوشيكة إلى مصر التي منع عن زيارتها 30 عاماً إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، ويقول إن منعه ارتبط بمحاولة اغتيال الرئيس المصري، لكنه في الحقيقة إرضاءً للحكومة السودانية.
ويقدم الترابي نصائح لـ «إخوان مصر»، ويقول: عليهم الاطلاع على تجربتنا في السودان والنظر إلى إخفاقاتها.. وحذر من حدوث فشل لتيار إسلامي آخر بالمنطقة وخاصة بمصر، لأن ذلك سيؤكد أن الدين فشل في الإدارة.
وكعادته؛ فإن الشيخ الترابي يربط كل القضايا بعضها ببعض، لايترك الشأن الخارجي دون أن يتطرق للشأن الداخلي، وفي هذا الحوار يتحدث عن ضرورة فتح الحدود بين مصر والسودان، وهو مهتم أيضاً بأن لا تتحول قضية حلايب إلى أزمة بين البلدين. تالياً نص الحوار:
{ هناك أخبار بأنك قررت زيارة مصر.. ما هي ترتيبات هذه الزيارة؟
– نعم قررت زيارة القاهرة بعد الثورة، وهناك وفد مقدمة من الحزب الآن للتمهيد للزيارة، يتكون من المحبوب عبد السلام الناطق الرسمي للحزب في الخارج، وكمال عمر الأمين السياسي، ونجوى عبد اللطيف مسؤولة المرأة، وسوف يقابلون كل الاتجاهات والأحزاب السياسية بمصر، وهم بالفعل قابلوا المرشد العام للإخوان المسلمين د. محمد بديع، والإخوان رحبوا بزيارتي للقاهرة، وقال لهم بديع إنه سيزور الخرطوم قريباً.
{ هل هناك جهة مصرية معينة قدمت لكم الدعوة؟
– لا، ليس هناك جهة معينة، وإنما سآتي مصر لأزور كل الأحزاب والاتجاهات ومرشحي الرئاسة والشخصيات العامة والكتاب، وكل أطياف المجتمع.
{ متى ستبدأ هذه الزيارة؟
– أنوي زيارة تونس واليمن وتركيا ومصر، من الممكن أن نقول في خلال أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير، فلديّ بعض الأعمال في السودان، فدارفور لم تُقدم، وكذلك المشاكل مع الجنوب.
{ شيخ حسن لماذا كانوا يمنعوك من زيارة مصر؟
– كانت هناك اتهامات بأنني وراء محاولة اغتيال مبارك، مع أن النظام السابق في مصر كان يعلم تماماً من هم المدبرون الفعليون لهذه العملية، واستقبلوهم بمصر، ولكن أنا منعوني، ربما إرضاءً للنظام في الخرطوم، رغم أنهم كانوا يستقبلون كل المعارضة السياسية بالبلاد وقياداتها، وكذلك الحركات المسلحة بدارفور.
{ قبل زيارتك للقاهرة ما هي قراءتك للمشهد السياسي في مصر بعد الثورة؟
– هناك عبر دائماً من الثورات، ودائماً العداء للنظام الذي كان، ولو سألنا الثوار ماذا يريدون بعد ذلك يحتاجون إلى تفكير، والمفروض ألا نقف عند العداءات، والمجتمع معقد، وهنالك قطاعات كبيرة في مصر مخلصة، فمثلاً السلفيون مخلصون، ولكنهم مخلصون ديناًً في شعائرهم، أما في شؤون الحياة وكبار القضايا والهموم فلم يتعايشوا مع الناس وليس لديهم تجربة في الإدارة.. من قبل عندما كنا إخواناً تيمنّا بإخوان مصر ومناصرتهم، ولم يكن لنا علاقة سوى ذلك الاسم، بعد ذلك قلنا (قومية)، وهي كلمة عادية في السودان للتعدد، وانفتحنا على الآخرين حتى قبل دخولنا للحكم، وكانت لنا علاقات بالخارج، وبالأحزاب الأخرى كالشيوعي، فلا بد من الحياة في إطار أكبر من العلاقات الاجتماعية والثقافية والسياحية والرياضية والسياسية وغيرها، وذهبنا للسعودية وللصين وغيرهما من الدول بغية الانفتاح على الآخر في الداخل والخارج.
{ وما تقييمك لحالة الانفلات الأمني التي جاءت بعد الثورة؟
– أراها أمراً طبيعياً، فبعد كل الثورات تحدث دائماً حالة من الفوضى، فالشعب كله كان مكبوتاً، وكل همه هو الهدم، وها قد حدث وهو سهل، والبناء هو الأصعب، ولكني أقول إن مصر مجتمعها مترابط، ولا خوف عليه.. الثورات خربت بلداناً أخرى نتيجة الفتنة في السلطة مثلما حدث في الصومال، فالدين هناك واحد، ولكنها الفتنة، لكن أثق أن هذا لن يحدث في مصر.
{ في تقديرك ماهي فرص الإخوان المسلمين في حكم مصر؟
– (صمت قليلا وقال): والله فرصهم واسعة، وكنت أتحدث معهم أن ينزلوا منهجهم إلى الناس والحياة العامة وفي كل الأمور التي تهم قطاعات كبيرة من الشعب في الاقتصاد والمعاش والاتصال، وغيرها من أمور الحياة، حتى يكتسبوا التجربة.
{ معنى ذلك أنه كان هناك حوار بينك وبين الإخوان في مصر في السابق؟
– لا ليس كذلك، ولكن كان يزورني قيادات منهم وتجار عندما كانوا يأتون للخرطوم بشكل فردي، وكنا نتبادل الكتب، وكنت أنصحهم بالمنهج ونزوله لأرض الواقع، والابتعاد عن الشعارات للدخول في كل القضايا والتفاعل معها، حتى تكون هناك تجربة، وعندما تأتي الفرصة في الحكم تكون الأمور سهلة، أما عدم نزول الأفكار فيجعل الأفق ضيقاً، وأشفق على الشعوب، فلو فشلت الحركة معناها أزمة كبيرة على البلاد.
{ وما رأيك في فكر الإخوان بالفصل بين الكيان الديني وتكوين حزب سياسي؟
– العلاقة بين هذا الكيان والحزب لم أعرفها حتى أحكم، فما يهمني هو العلاقة بينهما، ولكن أتوقع أن تكون احتمالات التداخل كبيرة بينهما.
{ هل لديك نصائح للإخوان إذا وصلوا للحكم، خصوصاً بعد تجربتكم في الحكم؟
– نعم لدينا تجربة، ورغم حديثي عن الانفتاح فيها على الآخرين بالداخل والخارج، ولكن تجربتنا في حكم السودان بها أخطاء، أهمها الفتنة في السلطة، فلم نكن نتوقع أننا سنفتن فيها بهذه الدرجة، وكنا نطمئن إلى أن المال الخاص هو المال العام، فتجربتنا بها سلبيات وإيجابيات، فهناك سلطة وأخلاق ومجتمع، وينبغي أن نترك الرقابة والضغوط للمجتمع، ومن المهم أن تكون وزارة الأوقاف مشرفة على العمل الخيري.. كتبنا عن إنجازاتنا وسلبيتنا بتجرد حتى يتعظ من يريدون تقليدنا.
{ هل نستطيع أن نقول إنه بعد تجربتكم في الحكم اقتنعتم بفصل الدين عن الدولة أو عن السياسة؟
– لا، فالناس تنظر للدين التقليدي، ولكن الدين الحقيقي هو الحياة، والصناعة والزراعة والعلاقات الدولية، هو كل مناحي الحياة، والدين يستطيع أن يدير الحياة، لكن المشكلة في الأفراد الذين يطبقونه، فهم يخطئون في التطبيق، فلا بد من تنزيل العبادة إلى أرض الواقع، فالدين هو الفنون، ويمكنني أن أعبد الله بالفن، ونريد التطوير في كل النواحي. أقول للإخوان إن لدينا تجربة لا بد وأن تطلعوا عليها لأن بها إخفاقات، لا نريد لكم الفشل إذا كانت لكم الغلبة في حكم مصر، حتى لا تكون تجربة ثانية لحركة إسلامية، وفي بلد مثل مصر هذا يعني الكثير، ومصر بلد رمز بالمنطقة، والفشل معناه أن الحكم بالدين تجربة سيئة. فلابد من تنزيل التجربة حتى يستفيد منها الآخرون، أقول للإخوان انفتحوا على الجميع في الداخل والخارج، فلكم وزن كبير في العالم الآن.
{ من وجهة نظرك من هو الأوفر حظاً من المرشحين لرئاسة مصر؟
– طبعاً هي ليست كفاءة في شخصية الفرد، بقدر ما هي دعم شعبي وقاعدة عريضة وتواصل مع المجتمع، لابد من النزول إلى الناس والشارع والالتحام وحل المشاكل، والتعاطي مع القضايا بشكل فعلي لتلبية احتياجات الناس، قد تكون هناك شخصية لديها كفاءة، لكن تعاملها مع الناس والقواعد لا أعرفه، فلا أستطيع أن أقول هناك من هو أوفر حظاً، كل ما أقوله إن الشعب في مصر هو الذي سيقود في المرحلة القادمة.
{ تفصلنا ثلاثة أشهرعن الانتخابات.. كيف يمكن للشعب أن يميّز الصالح وسط هذا الكم من المرشحين؟
– الكل سوف يعمل في مصر في هذه الفترة القليلة.. النيابة والصحافة والرأي العام والمجتمع كله سيتكلم، وهذا مهم جدا لأن الشعب هو الذي سيتحدث الآن.
{ هل المناخ العام في مصر مهيأ لإجراء إنتخابات؟
– لابد أن ننظر للمناهج والبرامج ونقارنها، وأن يكون هناك نظام للانتخابات يتسع لفرص إعلامية بالعدل، وحملات إعلانية للترويج عن البرامج، حتى نعرض كل السلع في المعرض لنختار ما يناسبنا. الكل سيعمل، ولست مشغولاً بالشخص الأول فهذه فكرة انتهت، لابد أن نترك فرصة للشورى أن تعمل حقيقة، بعد ذلك سنجد أن الأحزاب ستتجه من تلقاء نفسها إلى الناس.
{ معناه نطمئن على قيام انتخابات في مصر في هذا المناخ؟
– نطمئن على نتائجها، فكل من عنده كبت فكري سيتحول إلى عملي، وفي السابق كان التحرك بفكر شخص، والآن تبدلت الصورة تماماً.. الجماعة هي التي تحرك.
{ هناك جدل في مصر الآن حول أيهما أصلح: قيام الانتخابات البرلمانية أم الرئاسية أولاً؟
– بالتأكيد البرلمانية هي الأهم، لكننا موهومون بفكرة الفرد، حتى في الاتجاهات الدينية، هذا شاذلي وهذا حنفي وهذا شافعي.. وهكذا. المجلس هو الذي سيشرع ويوجه، ويستطيع أن يقيل وزيراً ويبدله بآخر.. في الماضي كانت فكرة الرأي الواحد في الحكم، الآن الشعب المصري أطلق سراحه وانطلق.
{ هل تؤيد محاكمة مبارك؟
– محاكمة مبارك ستكون رادعة لكل جديد يحكم ويرتكب خطأ، لابد أن يعاقب مبارك حتى يكون عظة للمستقبل، ولكن لا بد ألا ننشغل بالحسابات مع الماضي، كنا مشغولين بالهدم، وقد هدمنا، فلا أحب الانخراط في الماضي، لابد من العمل للأمام، وإطلاق الحريات، بعمل ضوابط جديدة نستفيد فيها من أخطاء الماضي. أنا سجنت فترة طويلة في نهاية حكم نميري، وعندما خرجت بعد الانتفاضة، لم أنشغل بالماضي، ولم أذكره، لكني استفدت من التجربة للأمام، فلا بد ألا ينشغل المجتمع بالمحاكمات، وأن يتركها للقضاء بعد تحريره واستقلاله.. نترك له هذه المهمة، ونحن نذهب لنبدل سيئاتنا حسنات، لست مشغولاً بالملاحقة الشخصية، لن نستطيع أن نحيط بكل هذا الفساد، نحاكم الرموز حتى يكونوا عبرة وعظة، فلو حاكمنا الجميع، لابد أن نحاكم أنفسنا أيضاً لماذا سكتنا على كل هذا؟ الأهم الآن أن نطلق الحريات، وأن نبدأ بإصلاح الأسرة حتى تكون نواة للمجتمع كله.
{ الإخوان في مصر أنشأوا شركة للإنتاج الفني ربما لمرور الفن عبر بوابة دينية.. ما رأيك في هذه الفكرة؟
– هناك فرق بين التحكم بالقانون، والتحكم بالإخلاق، لا بدّ أن تبتعد السلطة من هذه الأشياء، ولا بد أن نترك المجال لرقابة المجتمع، لابد من إنتاج فني يفيد الناس، لابد من تشجيعه وتمويله حتى يكون هناك إنتاج جيد ينافس الفن الخبيث.
{ حتى لو كان هذا العمل الفني به مشاهد مخلة؟
– نترك هذا لحكم المجتمع، هو الذي يحدد ذلك ونبعد السلطة تماماً، نستعمل الضغوط الاجتماعية، ونجعل المجتمع هو الرقيب، في الوقت نفسه نغذي المجتمع بثقافتنا، ولا بد أن يكون الفن عالياً.. ننتج موسيقى تنافس، وشعراً ومسرحاً وكل أشكال الفنون.. الله أعطانا مواهب فنية ممكن أن ندخل بها الجنة مثلما تدخل أعمالنا في السياسة والصحافة والنواحي الأخرى كلٌ في مجاله. لا بد أن نترك التعليم والخدمات الاجتماعية للعمل الخيري والطوعي بعيداً عن السلطة أيضاً، نختصر كل الترهلات والعمالة الزائدة في العمل الواحد ونزيد الأجر، حتى لا نجبر العامل أو الموظف على الفساد، وحتى أستطيع أن أحاسبه في ما بعد، ولذلك نحتاج إلى أخلاق جديدة عن طريق الكتب والمنظمات ونترك الناس تعمل بحرية.. كلٌ كما يشاء.
{ شيخ حسن ماذا تقول لمن يأتي لحكم مصر.. كيف يؤسس لعلاقات مصرية سودانية سليمة؟
– أقول له لست وحدك الذي يعرف سياسة مصر الخارجية، لابد أن تترك الشعب كله يشارك معك، حتى يرتبط مع الشعب السوداني، الكل يتوحد الآن، ولدينا لغة وثقافة وتاريخ ودين مشترك، وفرص اندماجنا سهلة، لا بد من تفاعلات بيننا، نفتح الحدود ونتلاحم حتى نضمن علاقة قوية تعود علينا بالخير، وأفضل علاقة هي العلاقة الاجتماعية، لست مع علاقة الحكام فقط.
{ ما رأيك في شكل العلاقة بين مصر والسودان بعد الثورة؟
– مصر انقطعت عن السودان فترة طويلة، وكذلك السودان، فكان هنالك من يتعلم بمصر، وأذكر عندما أتى وفد مصري لزيارة السودان بعد الثورة، تحدث أحد أعضاء الوفد عني على أننا سلفي ولدي جيش سلفي، وأنا من القاعدة وأنا الذي فصلت الجنوب، فهذا يدل على أن مصر بعدت عنا كثيراً. ولابد لنا أن نطلق التجارة والمعاملات، ونتبادل الثقافات والزيارات ونتفاعل مع بعضنا البعض.
{ رغم حديثك عن ضرورة التلاحم والتعاون إلا أنه عند زيارة الوفد المصري للخرطوم، وتبرع الحكومة بمليون فدان لمصر، وجدنا معارضة من قطاعات كبيرة في الشعب السوداني؟
– هذا لأن الوفد الذي أتى إلى الخرطوم لا يمثل كل الشعب المصري، ثانيا الحكومة أتت به لخوفها من الثورة المصرية وتمددها في السودان، نريد فتح الشعوب على بعضها البعض، وهناك مصريون أتوا للعمل بالسودان وجنسيات أخرى كثيرة، فنحن شعب يحب الألوان، وشعب (خلائط)، وأمريكا نفسها شعب (خلائط)، ونريد أن نتطور.
وقضية الحريات الأربع أتت بطريقة قُطر مع قُطر، لا أريد أن تكون اتفاقيات وبروتكولات وتمثيلية نحتمي بها من ثورة مصر، أريد الشعبين مع بعضهما البعض دون اتفاقات.
{ كيف تنظر للنزاع حول حلايب؟
– نحن مع الجنوب لدينا حدود واسعة بعرض السودان، وهي حية، على عكس حدودنا مع مصر، وننادي أن تكون الحدود للترابط والروابط والتصالح والحياة وليست للنزاع.. للتواصل وليست للقواطع.. والثقافة النوبية من شمال السودان وجنوب مصر.. فالشعوب واحدة ولا بد من تواصلها.
{ دعنا ننتقل إلى الوضع في السودان.. هل الأحزاب السودانية قادرة على تحريك الشارع؟
– الشوارع في المنطقة في مصر وتونس مثلاً لم تخرج تحت قيادة الأحزاب.
{ إذن تعتمدون على الشارع؟ في رأيك هل سيتحرك الشارع السوداني؟
– سيتحرك.. جربناه من قبل مرتين في عام 1964، وفي عام 1986، الثورات دائماً صعب التنبؤ بها، الحال في مصر وتونس كان يائساً، ولم يكن أحد يتنبأ بأي حال بما حدث، والوضع في السودان شذ عن كل القواعد، ومن الصعب جداً استمرار حكم مركزي محتكر للسلطة، وليست هناك أي معادلة للتراضي مع الناس، فالسودان لم يكن قطراً عبر السنين، كنا نتحرك عبر أفريقيا كلها، ومالي كانت سودانية، ولم نكن نشعر بأي غربة ولا استنكار في الحركة والتجارة.
{ هناك تغييرات يشرع فيها النظام السوداني حتى يلبي تطلعات الشارع. في تقديرك هل هذه التغييرات كافية لإرضاء الشارع؟
– أين هذه التغييرات؟
{ الرئيس البشير أعلن أنه لن يترشح بعد ذلك، وهناك دعوة صريحة للقوى السياسية المختلفة للمشاركة في تشكيل الحكومة وفي صياغة الدستور، وتكوين جهة لمحاربة الفساد، وتقديم الذمم المالية للمسؤولين.. ألا ترى أن هذا تغيير؟
– البشير قال إنه لن يرشح نفسه فعلاً، ولكن أين نحن والترشيح الآن، ما زالت هناك أربع سنوات، وهذا يعني أن هذا ليس وقت الحديث عن الترشيح، أما عن الدستور، فأسألك هناك كم دستور تم إلى الآن؟ كثيراً، فهم كلما انتهت دورة في الحكم يصيغون دستوراً آخر حتى يحدد لهم فترتين أخريين وهكذا، أما عن المشاركة في السلطة فهي مجرد ديكور يزينون به حكمهم، وليست مشاركة حقيقية، وقصة محاربة الفساد كلها شعارات، ولا توجد لدينا حرية صحافة، ولكن لدينا حرية كلام، فالكلام في الشارع ينتشر أكبر وأسرع من أي صحيفة. فهذا كله حديث لن يُنفذ، كانوا قبل ذلك لا يتحدثون ولا ينفذون، أما الآن فهم خائفون أن يأتي حاكم آخر يحاسبهم مثلما يحدث في مصر وتونس.
{ لكن هناك حوار بين المؤتمر الوطني وبين حزبي الأمة والاتحادي حول هذه المشاركة؟
– لا أحب أن أتحدث عن المعارضة، فالنظام يعمل بطريقة فرق تسد، ولكن دعيني أقول إن الثورات يقودها الشعب، وستأتي أحزاب جديدة للساحة السياسية، والقديمة سوف تتجدد، وسيأتي الحديث عن الحريات.
{ هل تعتقد أن الأمة والاتحادي سيشاركان في الحكومة الجديدة؟
– لو دخلا في الحكم سيكونان شيئا آخر غير الأمة والاتحادي، وسيكون عملهما مجرد ديكور للسلطة، يلبيان أوامرها، ولن يكونا شريكين في صنع القرار، وسوف تظهر أحزاب جديدة، وسوف تتغير صورة الزعيم الديني للحزب. على أية حال توقعاتي بانضمام الأمة والاتحادي في السلطة ليست كبيرة، وانضمامهم سيفقدهم قواعدهم، ولن يعطي شعبية للنظام.
{ ماهي طبيعة الخلاف الذي دار بينك وبين الصادق المهدي؟
– عندما كنت أحذر من النزعة للانفصال من قبل كنت أدافع عن السودان وليس عن الحكومة، فالجنوب ليس حلايب، فهو مساحة كبيرة وثروة هائلة، ونحن في الأحزاب قررنا إسقاط النظام، واجتمعنا على أنه لابد من إزالته، حتى نحافظ على الأقل على أجواء سليمة مع الجنوب بعد الانفصال، وعندما خرجت من السجن، وجدت أن الصادق المهدي يحاورهم، ولا ندري ما هي النتائج، ولم أذكر اسم حزب، قلت إن هناك جهة خلفت وعدها، والصادق رد بانفعال شديد، وتحدث عن أشياء قديمة، وأن الترابي فعل كذا وكذا، لكني لن أرد عليه، ليس اعتباراً للنسب بيننا، ولكني لا أنشغل بالشخصيات، وأعتبره خلافاً في وجهات النظر.
{ ماهي رؤيتك لما يعتبره البعض خلافات بدأت تنشب داخل الحزب الحاكم؟ – في السابق كان الرأي واحداً فقط داخل المؤتمر الوطني، أما الآن فهم يرون م احولهم، فُعلت الأصوات المكبوته، ودائما نلاحظ أن النظم عندما توشك على الانهيار نجد داخلها ينهار وخارجها يقوى. وهنا يحدث الضغط.[/JUSTIFY]
صحيفة الأهرام اليوم