تصرفات هذه الشابة لا يمكن تفسيرها إلا من خلال مصطلح (الترصد)، وهو ظاهرة يعاني منها المجتمع الغربي وعلى وجه الخصوص مشاهير الفن مع معجبيهم، وقد تابعتها في حبكة كثير من الافلام حيث يتوهم الشاب أو الشابة أنه يحب الطرف الآخر، وأن حياته تتوقف على مبادلة ذلك الشخص لعواطفه، فيظل يترصده بمتابعة خطواته في الماشة والجاية، واللف والدوران حول منزله النهار ما طال ككلب الحراسة، وإمطار هاتفه بالرسائل النصية، وقد يستفحل الأمر إذا ما راودت (المترصد) بعض الافكار السوداء وقرر أن يتعرض بالأذى لمحبوبه ليمنعه من التفكير في الارتباط بغيره، مما يضطر المجني عليه أو عليها (حبيّا) للجوء للبوليس عديل، واستصدار (أمر ابعاد) يُلزم المترصد بعدم الاقتراب من محبوبه لمسافة كذا .. بيني وبينكم، حال صاحبة الرسالة الـ ختمت رسالتها برغبتها في قتل أستاذها المحبوب ثم الانتحار، مش بيستاهل (أمر ابعاد) ولو بتغير الكلية حسب ما نصحها صاحب الزاوية ؟!!
ضحكنا من قبل لمفارقات السير والسلوك عبر الازمان، حيث كان الحبيب – زمان -يحلم بنظرة من المحبوبة ويغني لها (نظرة يا السمحة أم عجن)، وكيف أنها تحولت لـ (امسكي عليك عيونك ديل أمسكيهن)، عندما تنامت قهارة النظرات في عيون البنات، ورصد الشارع العام بعض المحاولات -المعزولة -لـ(بنات قاعدات يشاغلوا الأولاد عديل) ..
سك المحبوب وفرض الحب عليه بقوة سلاح الالحاح على طريقة (أعلنت عليك الحب)، كنت أحسب أنه (شر) بعيد عن مجتمعنا المحروس بفضيلة (الحياء) خاصة إذا كانت هذه المشاعر موجهة من أنثى لذكر، فقد تعودنا على التصالح مع فكرة أن يطارد الشاب محبوبته ويسعى بكل جهده للفت نظرها وكسب مودتها، ولكن أن ينعكس الحال فذلك لعمري شيء جديد لنج!
بالتزامن من هذه القصة الغريبة، كنت قد صادفت تلك الصبية التي شاهدتها وهي تجلس في مطعم سياحي بكل برود لتتلقى صفعات الاهانة والاذلال، من شاب أقل ما يمكن أن يوصف به -لا مؤاخذة -أنه مجرد (زول لعبنجي) ساكت، وتقبل منه الاساءات بالجملة عشما في أن تنال منه نظرة رضى أو وعد بالعشة الصغيرة، رغم اعلامه لها على الملأ بأنه (ما بتاع عرس) .. على الأقل كان من المفترض أن تعمل بنصيحة ست الودع (لملم كرامتك وزح بعيد ما يحرجوك) ..
يقول أهلنا لمن يرضى بالسوء خوفا من الاشد سوءا:
(قالوا ليهو شن جابرك على المُر .. قال الأمر منو) !! فهل يا ترى صارت الفتيات تتجرع (مُر تقل الشباب) هربا من شبح العنوسة (الأمر) منه.
بالمناسبة جاءتني مكالمة تلفونية من معلم فاضل بالجزيرة، استفزه موقف صبية المطعم كحال الكثيرين الذين أرسلوا بتعليقاتهم على الموقف، ولكن هذا المعلم الفاضل ارجع مشكلة الانفتاح والتفلت في علاقات الشباب، لوجود ساعات طويلة من الفراغ خاصة في جداول المحاضرات بالجامعة، حيث يتيح عدم التنسيق وقلة الكادر التعليمي الفرصة لساعات طويلة بين المحاضرات يقضيها الشباب في ونسات تؤدي لرفع الكلفة والجكس وبقية التبعات.
على كل حال، صاحبة المشكلة وصبية المطعم السياحي، تؤرخان بتصرفاتهما لعهد جديد تدفع الفتيات فيه دماء وجوههن ثمنا لمحبة محبوب، تقيل ومطنّش بل وعامل فيها العشرة بي قرش !! على شنو يا بناتي؟ قالوا المشتهي الحنيطير اليطير !!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com