علي محمود حسنين في حوار مع الصحافة ( 1-2): حل أزمة دارفور يتطلب صدور قرارات في يوم واحد عن الرئاسة

20082008063447alihasneen[ALIGN=JUSTIFY]قدم نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي علي محمود حسنين، شروحات مطولة للمعالجات التي طرحها في بيانه بشأن قضية دارفور، وشدد على انها تمثل الموقف الرسمي لحزبه، وانتقد بشدة تصريحات تنفي علاقة الحزب بالأطروحات التي اعلنها اخيرا، ووصف انتقادات في هذا الخصوص بـ«الهيافة»، ودعا حسنين مؤسسة رئاسة الجمهورية الى إصدار «12» قرارا تمثل النقاط الاساسية لاطروحته لحل مشكلات السودان، بما فيها تغييرات جوهرية في شكل الرئاسة الحالي ونظام الحكم بالبلاد، وتعديلات على القانون الجنائي السوداني تشمل جرائم الحرب والإبادة الجماعية، ورسم خارطة طريق قانونية للخروج من نفق الأزمة القائمة بين السودان ومحكمة الجنايات الدولية.
وتحدث حسنين في هذا الجزء من مقابلة مع «الصحافة» بمكتبه في الخرطوم، عن دوافع اعلانه لمعالجات فورية لأزمات البلاد، وتأثير أية تغييرات في نظام حكم البلاد على الاتفاقيات الموقعة التي من بينها اتفاقية نيفاشا للسلام، وأكد على حقوق الجنوب المكتسبة من اتفاقية السلام، لكنه طالب رئاسة الجمهورية بإصدار أوامر، تقلص البلاد الى سبعة اقاليم، وما يتطلبه ذلك من تعديل في الدستور والقانون، كما رفض بشدة عقد مؤتمر جامع او بدء محادثات جديدة بين الحكومة والحركات المسلحة، واعتبر كل ذلك مجرد تكرار لحديث ممل و«لت وعجن»، موضحا أن رؤيته تتخذ خطوات عملية للحل النهائي.
وتاليا نص الحوار الذي أجراه الزميلان حسن البطري وخالد سعد.

? وسط هذه المبادرات الكثيرة لحل ازمة دارفور، ما هي الدوافع وراء طرح مبادرة جديدة؟
* هي ليست مبادرة، انا لم اطرح مبادرة، انا بوصفي نائبا لرئيس الحزب الاتحادي تقدمت برؤى للحل المباشر، فقضية دارفور أصبحت قضية تثير هموم الشعب السوداني والمجتمع الدولي، ولديها مضاعفات كثيرة جدا، اولا حجم الاذى الإنساني لا يمكن أن يقبله الضمير السوداني او الضمير الديني، ودارفور جزء عزيز من وطننا، ولا يمكن ان يعامل بهذا الهوان الذي يتعامل معه الآن، من حرب وقتل وتشريد.
ومن حيث المضاعفات، فقد كانت دارفور سببا في تدخلات اقليمية عديدة وكثيرة، كان لها دور في اخماد أو تصعيد ما يحدث في دارفور، واصبح السودان في مواجهة مباشرة مع بعض الدول حول ما يحدث في دارفور والسودان.
ومن مضاعفات دارفور ايضا، انها أثارت الضمير الانساني الدولي، وظلت قضية دارفور هي القضية الاولى على جدول القضايا الانسانية في العالم، فليس هناك برلمان او حزب او منظمة في العالم الا ووضعت دارفور في أولوياتها، ولا تجد انسانا في العالم لا يتعاطف مع اهل دارفور، بل الجميع يطالب برفع الغبن والاذى الذي وقع على أهل دارفور.
وتطورت هذه القضية أبعد من ذلك، وأصبحت تأخذ ابعادا قانونية دولية، فالجرائم مستمرة والحساب غير قائم، وليست هنالك جدية في المحاسبة والمساءلة، وحتى عندما ظهرت بعض الأسماء التي قيل انها ارتكبت جرائم كبيرة وخطيرة تثير الرأي العام الانساني الدولي، لم تتعامل حكومة السودان مع هذا الامر الا باعتباره تدخلا أجنبيا وتدخلا على السيادة، واعتداءً على استقلال قضائنا المستقل، ولو كانت للحكومة الجدية لما قامت الجرائم، وإذا ما قامت الجرائم تداركتها الحكومة بالحساب والعقاب القانوني العادل، وبالتحري المسؤول المحايد امام القضاء الحر المحايد، وكان مثل هذه الجرائم يمكن أن تقبر في مكانها وتنتهي، ولا نحتاج الى تدخل دولي، ولا نحتاج الى من ينبهنا ان هنالك مآسي تجرى في دارفور، فتصاعد الأمر في القضاء الدولي عندما بدأ المجتمع الدولي ينظر في أن الحكومة ومن على رأسها، مسؤولون عما جرى في داررفور، وتحركت اجراءات قانونية في مواجهة قيادات عليا في الدولة، وفي المقابل حماية لهؤلاء المسؤولين واتهام للمجتمع الدولي بتسييس القضية، وأنه يلجأ للقانون لتحقيق مآرب سياسية، والنتيجة أن السودان مرشح لمآسٍ أخرى اضافة لما حدث في دارفور، في حال واجه السودان المجتمع الدولي، وهو أمر له أخطار مدمرة على الأمة السودانية كلها.
وتحدثت كل القوى السياسية عن دارفور، وقدمت كل جهة رؤيتها للمعالجة، وجرت حوارات عديدة بين الحكومة والحركات المسلحة، من انجمينا الى ابوجا، واصبحت الرؤى واضحة، والحل واضح لكل من له بصر وبصيرة، ولا اعتقد ان طريق الحل غائب عن احد في السودان، إلا على المتكابرين الذين لا يريدون حلاً لهذه القضية.
? ما هو هذا الحل؟
* الحل في تقديري يتمثل في قرارات تصدرها رئاسة الجمهورية، ولسنا في حاجة إلى أن نجتمع لحل مشكلة دارفور، ولسنا في حاجة لمؤتمر جامع او غير جامع، ولسنا في حاجة الى ان نتحاور مع الذين يحملون السلاح في دارفور، لأن هؤلاء قد حددوا مطالبهم وأصبحت معروفة للكافة ولكل من له بصر وبصيرة، ونحن مع هذه المطالب، ونرى أنها عادلة، ولا تؤثر على السيادة الوطنية، بل تعطي هذا الاقليم العظيم ذا التاريخ الطويل، حقه الذي يستحقه عدلا.
وأنا كنت اتنبأ بهذا الأمر منذ وقت طويل، وقدت تعديلات أساسية في مفوضية الدستور الأولى التي وضعت الدستور الانتقالي للسودان، وتقدمت برؤى باسم التجمع الديمقراطي، ولم تكن رؤى وليدة وقتها، بل كانت نتيجة بحوث ودراسات واتفاقيات تمت في أسمرا سنة 1995م، كانت تلك المقترحات هي التي قدمتها لمفوضية الدستور ورفضت، وهي أن السودان يجب أن يقسم إلى سبعة أقاليم، وأن النظام الفيدرالي يجب أن يقسم على سبعة اقاليم، هي الجنوب وقد تأكد هذا في اتفاقية نيفاشا، ودارفور، والشرق، والاوسط، وكردفان، والشمال، والخرطوم. ولكل إقليم أن ينشأ في داخل ما شاء من ولايات تكون مسؤولة امام الاقليم ولا علاقة لها بالحكم المركزي، وبالتالي يمكن لدارفور أن تحتفظ بثلاث ولايات أو عشر أو أكثر فهذا شأنهم.
? ألا يتعارض هذه الاقتراح مع الدستور الانتقالي وحقوق الجنوب في اتفاق نيفاشا للسلام؟
* الدستور يعدل ونيفاشا تعدل، ومصلحة البلد فوق كل شيء، وما يهم إخوتنا في الحركة الشعبية هو أن مكاسب الجنوب لا تمس، ونحن لا نسمها بهذا الاقتراح، ويبقى الجنوب كما هو، هذا شأنها، بل اعطيناهم حق اضافة ولايات اذا ارادوا ذلك، أو ينقصوها، هذا شأنهم، وليس للمركز شأن في هذا الأمر، ولا يستطيع أحد في الجنوب الاعتراض على هذه المقترحات، لأنه لا يمس حقا من حقوق الجنوب، فماذا يضير الحركة الشعبية أو غير الحركة أن تكون دارفور اقليما، وكردفان اقليما، فإذا حلت مشكلة دارفور، حتما ستنشأ مشكلة في كردفان وفي الشرق ايضا رغم اتفاق اسمرا، وهناك مشكلة ستظهر في الشمال، فنحن نريد أن نحل مشاكل السودان، نحن أمام منعرج تاريخي خطير، إما ننقذ هذا السودان نهائيا ونوقف كل الصراعات المسلحة وكل المطالب التي تؤدي الى تفتيت الأمة، أو نتحجر في قوالب سابقة ثبت عدم جدواها.
? كيف يمكن تطبيق نظام الحكم في البلاد على أساس سبعة أقاليم وفقاً لمقترحاتكم؟
* بقرارات تصدر عن رئاسة الجمهورية، تستدعي بالضرورة تعديلات دستورية وقانونية، وأن تقوم السلطات التشريعية والاجهزة الاخرى بتنفيذ هذه الاوامر الرئاسية.
? وكيف يتم اختيار حكام هذه الأقاليم؟
* نحن أولا يجب أن نقر بالمبدأ، ثم نأتي لاحقا للاسماء، فيجب أن ندعم النظام الفيدرالي على اساس سبعة اقاليم، بنظام قضائي لكل اقليم حتى مرحلة الاستئناف، على أن تكون المحكمة العليا قومية توحيداً للمعايير القضائية الانتهائية.
? إذن هذه معالجات لقضايا الحكم بشكل عام في السودان، ماذا بشأن دارفور؟
* هنالك قضايا ذات خصوصية في دارفور، على رأسها قضية التهميش وعدم التنمية، وانا اقترح ان يصدر قرار فورا عن رئاسة الجمهوية بإنشاء مفوضية للتنمية بدارفور، تتكون من عناصر مقتدرة من اهل دارفور او غيرهم، ولكن قيادتها يجب أن تكون من اهل داررفور، ولهذه المفوضية مهام محددة، فهي تقوم بكل مشاريع التنمية داخل الاقليم، بالتنسيق مع حكومة الاقليم في المسائل داخل الاقليم، وبالتنسيق مع الحكومة المركزية في المسائل خارج الاقليم، او بالتنسيق مع اقاليم اخرى، وتحصل على المال من الحكومة المركزية.
? لكن ألا يلغي اقتراح إنشاء مفوضية جديدة، مؤسسات قائمة مثل صندوق اعمار دارفور والسلطة الانتقالية؟
* انا اتحدث عن وضع جديد يلغي كافة الاوضاع القديمة، هذه مفوضية لاحداث التنمية الشاملة الكاملة، تستمد تمويلها من الحكومة ودعم المجتمع الدولي، كما ان هذه المفوضية تقوم بتأهيل كل القرى والمدن والمستشفيات والآبار والحفائر التي دمرت اثناء الحرب، ومن مهمتها إنشاء الطرق والمسارات داخل دارفور، وربط دارفور ببقية السودان بالتشاور مع حكومات الأقاليم الأخرى.
? وماذا عن متضرري الحرب؟
* لقد تضمنت المقترحات التي طرحتها في بيان «الطريق لحل أزمة دارفور»، اصدار قرار عن رئاسة الجمهورية بإنشاء لجنة لتعويض كل من تضرر اثناء الحرب، وهي لجنة مستقلة، تقوم بحصر المتضررين وورثة القتلى، وتعويضهم، وتشمل التعويضات كل الذين تعرضوا للأذى البدني او المعنوي، او النساء اللائي تعرضن للاغتصاب، وكل من فقد ماله، كما يجب أن تقوم هذه اللجنة ايضا بمنح معينات وتسهيلات للمواطنين لبدء مسيرة الانتاج من جديد، يعني تقوم هذه اللجنة بتعويضات خاصة وعامة.
? وكيف تتم المعالجات القانونية؟
* يصدر قرار رئاسي بتشكيل لجنة قانونية من قانونيين أكفاء محايدين غير تابعين للنائب العام ووزارة العدل، لأن وزارة العدل جهة حكومية تنفيذية تمثل الحكومة، ووزير العدل مستشار الحكومة، وبالتالي يعبر عن اطروحات وافكار ومصالح الحكومة، بل وزارة العدل تمثل الاتهام في القضايا التي تقوم بها الحكومة ضد المواطنين، لذلك وزارة العدل طرف، وانا هنا اتحدث عن انشاء لجنة قانونية من قانونيين أكفاء محايدين غير تابعين لوزارة العدل، مهمتها أن تحقق تحقيقا قانونيا مهنيا عن جميع الجرائم التي ارتكبت في دارفور خلال الفترة السابقة.
صحيفة الصحافه[/ALIGN] الخرطوم: «الصحافة» تصوير: عصام عمر

Exit mobile version