وعلى الرغم من إشارة بعض المحللين إلى ما أسموها السياسات المدمرة، فإن بعضهم الآخر رأى أن هذه السياسات ربما أصبحت أحد محفزات العودة للمواطنة بعيدا عن القبيلة أو الجهة.
وكان زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي قال إن التغيير في السودان يحتاج إلى منظومة وقيادة للانتقال من نظام إلى آخر حتى لا تقع الفوضى. لكنه أبدى مخاوفه من أن أي تغيير غير منظم قد يفضي إلى تلك الفوضى، مشيرا إلى أن السودان بلد لا مركزي وهش “تحفظ وحدته أسس قبلية”.
لكن الكاتب والمحلل السياسي محمد موسى حريكة لم يستبعد أن يواجه السودان مشكلات كبيرة “إذا ما واصلت لغة القبيلة والجهوية التطورَ”.
وأشار إلى أن ظروف التغيير في بعض الدول قادت إلى ما يشبه التقسيم بظهور بعض القضايا الطائفية والجهوية “الأمر الذي لا يقارن بالسودان الذي يتكون بالأساس من عدة قبائل وإثنيات وقوميات”.
الحسين: السودان يعاني مجموعة عناصر تهدد وحدته كالتباينات العرقية (الجزيرة نت)
مجموعة عناصر
وقال حريكة إن السودان يعاني مجموعة عناصر تهدد وحدته “كالتباينات العرقية والثقافية والجهوية والطائفية والقبلية”، مؤكدا أن الدستور السوداني الجديد “ربما ساهم هو الآخر في إحداث مشكلات أخرى مصاحبة للمشكلات المتوقعة بعد إعلان دولة الجنوب”.
لكنه توقع في حديثه للجزيرة نت أن تكون الفوضى السودانية “خلاقة” تتيح الحلول الديمقراطية الممكنة لكافة المسكوت عنه بالسودان، مستبعدا في الوقت ذاته حدوث فوضى مطلقة بالبلاد.
أما عضو المحكمة الأفريقية حسن عبد الله الحسين، فقد اعتبر أن السياسات السائدة في البلاد مزقت النسيج الاجتماعي الذي كان قائما “بل أعادت البلاد إلى تاريخ سابق تحكمت فيه القبيلة”، مشيرا إلى أن هناك اتجاها يقوده بعض المتعلمين والسياسيين يؤطر لمفهوم القبيلة أكثر من الدولة.
وقال للجزيرة نت إن أي ثورة شعبية ربما تحولت إلى أزمة قبلية أو جهوية “لأن الدولة السودانية الحالية تحولت إلى مجموعة أجنحة قبلية”، معتبرا أن تخوف الترابي دليل على قراءته للواقع الحالي السوداني “بعدما كان ينادي هو بالثورة الشعبية ضد النظام القائم”.
الأمين: عودة الديمقراطية هي الترياق المناسب لمنع أي فوضى بالبلاد (الجزيرة نت)
قبلية وجهوية
وعلى الرغم من تأكيده اشتراك كافة القوى السياسية السودانية في أزمة البلاد، فإنه اعتبر أن حكومة الرئيس عمر البشير ستكون هي المسؤول الأول عن تشجيع القبلية والجهوية “بسبب تنفيذ عدد من مسؤوليها بعض السياسات الخاطئة”.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين فاعتبر أن عودة الديمقراطية “هي الترياق المناسب لمنع حدوث أي فوضى بالبلاد”، مشيرا لاختلاط السودان اجتماعيا واقتصاديا.
وربط الأمين بين الأحزاب العقائدية وتمزيق وحدة المجتمع السوداني، مشيرا إلى أن سياستها أدت إلى شرخ كبير في سياسة البلاد.
واستبعد أن تتجه القوميات السودانية نحو المواجهة فيما بينها بسبب الخلافات السياسية التي صنعها بعض الساسة في محاولاتهم للسيطرة على الجهات السودانية المختلفة.
وشدد الأستاذ الجامعي على أن إدراك الحكومة لأخطائها والعمل على معالجتها سيقود حتما إلى تناسي ما هو حاصل الآن من شقاق وتربص بين الجميع.