ليس من حقي أن أتحدث إليكم نيابة عن الشعب السوداني كله ولكن سأحاول أن يكون حديثي معبِّراً عن عواطف أكبر قدر من أبناء هذا الشعب وأنتم القائمون بأمره.
نخاطبكم الآن وبشكل مباشر وكنا من قبل نخاطبكم في شكل مناصحة في بعض الأمور وتأييد في بعضها ونقد في البعض الآخر في شكل مقالات صحفية مبهمة ولكن الآن بشفافية ووضوح ونرجو أن يتسع صدركم لذلك.
لقد أعجبني حديثك جداً وأنت تخاطب في مناسبة سابقة أبناءك المغتربين في الدوحة وأنت تتحدث من قلبك وبعفويتك المعهودة المحببة لدينا وأنت تقول «لن أفعل إلا ما يرفع رؤوسكم وستجدونا إن شاء الله حيث ما تودون أن أكون».
حينها لمست الصدق في حديثك ودغدغ حواسنا طرباً وأنت تذهب لحضور القمة العربية في الدوحة رغماً عن الظرف العصيب وقتها والمتمثل في قرارات المحكمة الجنائية الدولية وتهديداتها هي وأذنابها من دول الغرب، وكنت كالعادة وقتها محط أنظار تلفزة وكاميرات العالم.
وهو ينظر لخطوتك الشجاعة تلك التي مرّغت أنف أوكامبو وأذنابه بالتراب.
وانتظرنا أن تنتقل إليك هذه الروح الثورية داخل بلدك وأنت تجابه الصعاب وتخوض الأشواك التي زُرعت في خاصرة هذه الأمة المتمثلة في الحركة الشعبية واتفاقية السلام الشامل وتعلم قصدكم النبيل وأنت توجه مفاوضيك بتذليل الصعاب لوقف الاحتراب ولكن الطرف الآخر لم يأتِ إلى سلام لأن هذه العبارة بغيضة لديه وغير موجودة في قاموسه.. وعشنا خمسة أعوام عجاف هي عمر تنفيذ هذه الاتفاقية ورأينا خبثهم ومماطلتهم والتفافهم على بنودها، خمسة أعوام وعينا فيها الدرس جيداً وقرأنا ما وراء السطور وعرفنا نواياهم جيداً.
حتى إن هنالك أشخاصًا مشفقين على وحدة هذه البلاد أصبحوا الآن على قناعة تامة أن الحل يكمن في الانفصال التام ولا شيء غيره خمسة أعوام دخلت على هذه البلاد تقاليد وأعراف غريبة عن مجتمعه وجرائم لم نسمع بها إلا في الأفلام السينمائية، وأصبحنا مشفقين جداً على أمن هذا البلد وتماسك نسيجه الاجتماعي. وذلك بفضل منسوبي الحركة الشعبية.
ولقد رأينا جميعاً طريقة وكيفية حكمهم للجنوب حتى إن هذه الاتفاقية أصبحت وبالاً على مواطني الجنوب البسطاء الذين كانوا ينعمون بالأمن والاستقرار قبل الاتفاقية.
وهاهم الآن يصبحون شوكة في خاصرة هذا الوطن وأصبحت لديهم نظرية غريبة يجتهدون الآن في تطبيقها وهي أنهم إذا أرادوا استقرار الجنوب فلا بد من زرع القلاقل في الشمال، وهي نصيحة تعلمون جيداً أن بها رائحة بني صهيون الذين أصبحوا الآن عرابي النظام في الجنوب ولقد نجحوا في استباحة أرض الجنوب تماماً في شكل خبراء عسكريين ومستشارين ومستثمرين فصار الموساد يمرح في أرض الجنوب.
إن خطوتكم الشجاعة والجريئة والحاسمة باجتياح منطقة أبيي أعادت لنا الثقة بأنفسنا وبقيادتكم مجدداً.. ونحن الذين بدأ يتسرب إلينا اليأس والملل ونحن نرى ترهاتهم وأفعالهم الصبيانية حتى عندنا في الشمال وذلك عبر ذراعهم قطاع الشمال.. وآخر تقليعاتهم ما حدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي يريدونها إقطاعيات تابعة لهم. ولكن بعد اجتياح ونظافة أبيي تنفسنا الصعداء، ورُدت لنا الروح، وراعي الإبل في الخلاء يعلم جيداً أن الجيش السوداني استُدرج وتم استفزازه لدخول أبيي حتى يقع تحت طائلة البند السابع، وماذا يهم أصلاً.. لو وقعنا تحت هذا البند أو غيره. وهل تتألم الشاه بعد ذبحها فنحن أصلاً تحت طائلة القانون الدولي منذ عقدين من الزمان.
ونحن نثمن لكم عدم هرولتكم وعدم خنوعكم لهم حتى ترفع العقوبات الأمريكية ولنا أن نعتبر من التجربة التركية فتركيا حتى تدخل منظومة الاتحاد الأوروبي فعلت الأفاعيل وقدمت كثيراً من التنازلات ولم يتبقّ لها سوى أن يرتد الشعب التركي عن إسلامه وتهدم مساجده حتى يرضوا عنه ويدرجوه تحت مظلة الاتحاد الأوربي ورغماً عن ذلك ما زالت هذه الدول تماطل في اتخاذ هذه الخطوة.
الأعزاء الأفاضل في رئاسة الجمهورية.
يجب أن يتواصل ما بدأتم من قرارات تصحيحية للصور المقلوبة في بلادنا ولنعتبر ما حدث بأبيي كالبيان الأول وننتظر منكم بيانات أخرى على شاكلة الأول.. فبعد التاسع من يوليو لا يوجد أي مبرر ولن نسمح مطلقاً بوجود للحركة الشعبية في الشمال تحت أي مسمى أو تحت أي بند فهم ما زالوا يتبجحون بأنهم سوف يظلون موجودين شوكة في خاصرتنا.. وذلك في ما يسمى قطاع الشمال وهو الاسم الحركي لتقطيع الشمال كما لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً مسألة الجنسية المزدوجة وهذه إن حدثت تصبح حالة نادرة في التاريخ البشري فهم بهذه الفرية وهذا المدخل يريدون ممارسة هوايتهم المحببة بزرع الفتن والقلاقل بالشمال لذلك لا بد من إيصاد هذا الباب تماماً ورفض هذا المقترح جملة وتفصيلاً.. فمنطقياً قوم استماتوا بالانفصال عن الوطن ويريدون تحديد هويتهم وكينونتهم فلماذا هرولتهم لأخذ جنسيتنا إذا لم يكن هنالك تحت الأكمة أمر.
كما أدلف ختاماً إلى بيتنا الداخلي الذي عاشت فيه الفوضى فبعد التاسع من يوليو هنالك الكثير من القرارات الثورية التي تنتظركم.
فلا بد من محاربة المنغصات الأربع وهي الفساد والبطالة والجهل والمرض فهذه أمراض يندى لها الجبين وعار على هذه الأمة أن تنتشر فيه لذلك لا بد من أن تجعلها من أهم أولوياتنا واهتمامكم الشخصي.
فهذا الشعب يستحق الأفضل ويستحق أن يعيش في بيئة صالحة لأنه شعب مثالي لذلك لا بد أن نكون مهمومون برفاهيته وأمنه وصحته وتعليمه طالما تخلّصنا من القاطرة المعطوبة التي أعاقت تقدمنا «50» عاماً اللهم هل بلغت فاشهد.[/JUSTIFY]
ابوالقاسم جادين الفادني
صحيفة الانتباهة