صدمة السودان في «د. صابر» وليست في الانفصال

[JUSTIFY]إن نظريات علم الاقتصاد تختلف من مدرسة إلى أخرى بحسب تفاوت تجاربها وتطورها بالشكل الذي يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة أولاً ثم رفاهية المواطن ثانياً، والانفصال المرتقب لدولة الجنوب عقب «45» يوماً من الآن سيتيح للشمال الذي لم يكن يعتمد على النفط منذ الأزل، العيش برخاء ورفاهية ويحقق اكتفاءه الذاتي دون الحاجة للذهب الأسود الذي اعتمد عليه خلال الفترة الأخيرة فقط، كما أن السودان قُبيل النفط ظل مستمراً في تعبيد طريقه الذي يسلكه حتى جاء الأخير، وأصبح زيادة لدخل البلاد الاقتصادي، لذا فإن اعتبار أن انفصال الجنوب سيؤثر على اقتصاد الشمال شيء لا تراه إلا نظارات محافظ بنك السودان السابق د. صابر محمد الحسن الذي اعتبر الأمر في ورشة برلمانية حول استدامة السلام والتنمية بالبلاد أمس الأول محض نظريات قائمة غير مثبتة ومدارس بالية من القرن الماضي، إذ أن اقتصاد السودان إذا كان قد تتضرر بالفعل فإن ذلك لسماح بنك السودان وعدم تكثيف إجراءات بتحويل العملات لخارج السودان بما فيها نقل العملات الأجنبية إلى حكومة الجنوب والسماح للجنوبيين بالتسبب بأزمة اقتصادية بالشمال جراء عدم محاسبتهم على الأموال التي نقلوها عند عودتهم قبيل الاستفتاء مطلع العام الجاري، مما يعني أن الصدمة الحقيقية التي لم يذكرها محافظ بنك السودان السابق للبلاد أنه في عهده نُقلت أموال خارج السودان إلى دولة الجنوب إبان فترة توليه بنك السودان، وكان يعلم تماماً أن دولة الجنوب ستنفصل منذ مفاوضات نيفاشا، لكن من الواضح أن مدرسة د. صابر الاقتصادية وضعت أعينها على نفط الجنوب ونسيت حديثه في صحيفة السوداني بتاريخ «10/12/2008» عندما قال: «إن المشكلة المالية التي حدثت في جنوب شرق آسيا عندما وصل التعسر في ماليزيا 17% الدولة أعلنت حالة الطوارئ لاسترداد الأموال وسنت ثلاثة قوانين لاسترداد الأموال.. لكن عندما حدثت في السودان الذي وصل تعسره 26% في المتوسط مما يعني أن أكثر من «ربع» أموال المودعين وموارد البنوك ذهبت في شكل تمويل لبعض الناس ولم ترجع مرة أخرى» انتهى حديث د. صابر، وتلك الأموال التي نتحدث عنها هي الأموال التي أخذها الجنوبيون من البنوك الوطنية بالشمال في أشكال تمويل ومرابحات ومضاربات خلال سنوات نيفاشا الماضية.
٭ هذا بجانب د. صابر نفسه الذي أعلن من قبل ملاحقة التجار الشماليين «الجوكية» الذين هربوا خارج البلاد بالانتربول في الأزمة في مطلع العقد الماضي، لم تصدر عنه أي أقوال بخصوص الجوكية الجنوبيين لا بايجاب أو بسلب، بل ظل حديثه خلال الفترة الأخيرة لإقالته من بنك السودان يتحدث عن تحمل الشمال للديون الخارجية وحده وعدم تقسيمها مناصفة مع الجنوب، لذا فإن صدمة السودان الاقتصادية بالتأكيد لن تكون من الانفصال وتبعاته التي ستفتح على الشمال بوابة الانطلاق وإنما من سياسيات د. صابر التي سيعاني منها السودان وأراد الأخير تحميلها للانفصال.
[/JUSTIFY]

الانتباهة

Exit mobile version