لماذا لم يقابل مجلس الامن علي عثمان .. ؟؟!!

[JUSTIFY]جاء مجلس الأمن إلى الخرطوم وذهب مخلفاً وراءه سؤالاً حول الفتور الذي قابلت به الحكومة الوفد الاممي رفيع القد، واتسع السؤال حين تعلق الأمر بعدم مقابلة الوفد لنائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه ليتحول الى عدة علامات استفهام تتلوها علامات تعجب واستغراب، ليس فقط لأن نائب الرئيس درج على التصدي لقضايا السودان مع المجتمع الدولي وتوضيح مواقف الحكومة الملتبسة بلسان غير ذي عوج، وانما لأن البرنامج المعد سلفا بين المجلس وبعثة السودان الدائمة لدى الامم المتحدة جرى الاتفاق فيه على لقاء مع النائب يتناول قضايا السلام وتسوية الملفات العالقة بين الشمال والجنوب والعلاقة مع بعثات الأمم المتحدة في السودان.
رجل جدير بالإحترام
توافق المجتمع الدولي منذ مباحثات نيفاشا وقبيل توقيع اتفاق السلام الشامل على التعاطي مع الشأن السوداني من بوابة من كان يطلق عليه وقتها رجل النظام القوي الذي يجمع بين زعامة الحركة الاسلامية وتصريف شؤون الدولة، وتأكد هذا التوافق بعد ظهور المحكمة الجنائية الدولية التي حدت من حركة الرئيس عمر البشير ومنعت الوفود الدولية وبخاصة من الدول الاوربية وامريكا من مقابلته مباشرة، وقد اثبت نائب الرئيس كفاءة في التفاهم مع الغرب ولعل من الصفات التي مكنت الرجل القدرة على التواصل مع المجتمع الدولي تلك التي لخصتها وزيرة التعاون الدولي النرويجية الأسبق هيلدا جونسون حين وصفته بأنه مستمع جيد ومخطط سياسي بارع وله القدرة علي الفعل والإنجاز. ويقول الدكتور منصور خالد في شهادته لهيلدا التي وثقتها في كتابها (تحقيق السلام في السودان: السيرة الخفية للتفاوض الذي أنهي أطول حرب في أفريقيا) الذي عرضه السفير خالد موسى (إنه نادرا ما يرفع صوته أو يفقد أعصابه)، وتقول جونسون ان له ميزة منح الآخرين فرصة للتحدث والتعبير عن آرائهم، ومن ثم يعمل علي تقدير الأمر وأتخاذ القرار المناسب بعد تأنٍ ودراسة وتمحيص. وكمثقف فأنه يري الأشياء من زوايا مختلفة، ويقدر ببراعة الممكن والمستحيل لذا فهو يتحلي بتفكير وحس براغماتي.
زيارة في الوقت الحاسم
وقد جرى تصنيف الزيارة الحالية للمجلس بأنها مهمة وتأتي في الوقت الذي تستعد فيها الدولتان السودانيتان طي ملفاتهما العالقة وقد حرص اعضاء المجلس التأكيد على رغبتهما في سماع شريكي الحكم، وكان ان رحبت الحكومة بزيارة الوفد للسودان، وقال خالد موسى الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية للصحفيين قبل وصول الوفد أن الزيارة فرصة لأعضاء مجلس الأمن للتعرف على حقائق الأوضاع على الأرض والحصول على معلومات من مصادرها الأساسية، وأشار إلى أن مثل هذه الزيارة تسهم في تدعيم علاقة السودان بالمنظمة الدولية والتزاماته الوطنية المعلنة تجاه قضية السلام والعلاقة مع المجتمع الدولي وقال انه تم الاتفاق على برنامج الزيارة التي سيلتقي فيها اعضاء المجلس بالنائب الأول للرئيس رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت وبنائب الرئيس علي عثمان محمد طه.
تفويت فرصة واغتنامها
اعضاء مجلس الامن قالوا ان الحكومة فوتت على نفسها فرصة شرح موقفها بعدم اتاحة مسؤولها الأهم في ادارة الشأن السوداني مع المجتمع الدولي، وقد عبرت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة سوزان رايس، والسفير الفرنسي جيرار أروو، عن أسفهما لما سمته رايس بالفرصة العظيمة التي فقدتها الحكومة لطرح آرائها، وقال السفير الفرنسي أروو: (نحن نتأسف لضياع الفرصة بعد أن أبلغنا الجانب السوداني أن نائب الرئيس ألغى الاجتماع معنا)، ولكن القيادي بالمؤتمر الوطني يعتبر ان الحكومة استغلت الفرصة وافصحت عن قرارها ويقول في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس ان قرار الحكومة امتداد لمواقف السودان الواضحة تجاه تعاطي المجتمع الدولي مع السودان بطريقة الكيل بمكيالين ويقول ان الحكومة عبرت عن موقفها المتسق مع تطلعات الشعب وما يحفظ مصالحه وكرامته.
لحظات حرجة
سبقت وصول الوفد احداث سياسية عاصفة تصدرتها انتخابات جنوب كردفان، وكان ان اثيرت مسألة ابيي الموضوعة على رأس اجندة الوفد الزائر، وتضاربت الأقوال حول ان الحكومة اجرت تفاهمات على مستوى بعثتها بنيويورك تقضي بعدم وجود الوالي احمد هارون في الولاية، حيث صرح القيادي بالحركة الشعبية ووزير رئاسة مجلس الوزراء لوكا بيونق لـ الصحافة ان الخارجية السودانية اعطت موافقة لمجلس الأمن على الزيارة تتضمن عدم وجود الوالي في الولاية ابان زيارتهم لها وانه لن يلتقيهم، بينما نفت الخارجية في اليوم التالي بشدة ما جاء على لسان بيونق وقالت انها لا تتهاون في ما يمس سيادة السودان.
منع وامتناع
اضيفت حادثة محاولة منع احمد هارون من البقاء في ولاية جنوب كردفان الى امتناع المجلس الدائم عن لقاء الرئيس البشير كما حدث في زيارته السابقة لهذه في اكتوبر الماضي حين دار سجال بين المجلس والحكومة بعد ان قال رئيس مجلس الامن وقتها ممثل اوغندا روهاكانا روغندا أن الوفد لم يطلب لقاء الرئيس السوداني عمر البشير وأنه سيلتقي مسؤولون سودانيين كبار اخرين، وتصدى له وزير الدولة في الخارجية السابق كمال حسن علي رافضا شروط أعضاء مجلس الأمن في عدم إجراء لقاء مع الرئيس البشير، وقال في تصريح لـ »الشرق الأوسط« اللندنية: »ليس من اللياقة أن يحدد الضيف أن يلتقي بمن يريد ويرفض لقاء أصحاب الضيافة«، وتابع »إذا لم يلتزموا بالبرنامج الذي وضعناه لن نرحب بهم.. عليهم الالتزام ببرنامجنا«، وقال: (الرئيس البشير رئيس منتخب من قبل الشعب السوداني في انتخابات شهد لها العالم كله، وهو الآن رئيس الجمهورية، كيف لا تتم مقابلته هذا أمر مرفوض) وقال: (نحن دولة ذات سيادة كاملة، وأي دعم إيجابي نرحب به ونتعامل معه، لكن لا نقبل الشروط والإملاءات)، ولكن ما حدث ان اعضاء مجلس الامن تمسكوا في الزيارتين بموقفهم ورفضوا لقاء البشير وهارون، اضيفت هذه الى تلك وقرأ فيها محللون سببا مانعا للحكومة من ترفيع مستوى استقبال المجلس مما يجعل من امتناع نائب الرئيس عن لقاء الوفد تعضيد لموقف موحد اتخذته الحكومة من المجلس وسيكون له ما بعده.
صراع اسلاميين
ينظر البعض الى ما جرى كحلقة من حلقات صراع يحتدم بين الاسلاميين بدأت نذره باقالة نافذين في الحكم وما تزال التكهنات تشير الى آخرين في الطريق يتقدمهم علي عثمان نفسه، وتذهب بعض التحليلات إلى تفاقم الصراعات بين المجموعة ذات الخلفية المدنية من الاسلاميين في مواجهة المجموعة ذات الخلفية العسكرية، واعتبرت صحيفة حريات الالكترونية الإطاحة بالفريق صلاح قوش علامة فارقة في توازن القوى بين المجموعتين، ورجحت ان تعقبها إزاحة آخرين، مثل وزير الخارجية الذي تتردد أنباء عن استبداله قريباً بغازي صلاح الدين، وكذلك إزاحة علي عثمان، التي ربما تتأخر قليلا، ولكنها قادمة حتماً ضمن المعطيات الراهنة، ومن اقوى الاشارات التي عضدت هذا التكهن ما صرح به مستشار رئيس الجمهورية احمد بلال عثمان لصحيفة التيار من احتمال إقصاء الأستاذ علي عثمان من سدة السلطة والحزب، يضاف الي ذلك ما كان جرى من استعداء للرئيس البشير ضد نائبه تولى امره زمرة من الاسلاميين لديهم اعتقاد ان تسوية نيفاشا التي انجزها علي عثمان لم تكن الا كارثة حاقت بالبلد وحكامها، ومما اشتهر في هذا الصدد احاديث المهندس الطيب مصطفى صاحب الانتباهة التي دعا فيها إلى انقلاب داخل الإنقاذ بعد نقد عنيف لنيفاشا تطيح بالنيفاشيين وفي مقدمتهم على عثمان الى خارج دائرة الفعل، ولكن عبد العاطي ينفي وجود صراع داخل الحزب أو الدولة ويقول ان الاسلاميين الموجودين في الحكومة هم منظومة واحدة ولا يوجد صراع بينهم، ويقول ما جرى تجاه مجلس الأمن من خفض مستوى استقبالهم قرار يعبر عن منظومة واحدة وليس له علاقة بصراع فهو محض برنامج خاضع لتقديرات من يديرون الدولة (وهذه من المسائل التقديرية) ويقول عبد العاطي بعدم وجود تضييق على نائب الرئيس واصفا هذا القول بـ (نسج الخيال)
[/JUSTIFY]
Exit mobile version