الذراع الطويلة .. ثلاثة أعوام من الارتباك ..!!

ربما لم يدر بخلد الكثيرين، أن حالة التنافر ،التي باعدت بين طرفي التفاوض في عملية سلام دارفور بالامس في الدوحة ،تأتي قبل يوم من الذكرى الثالثة لهجوم حركة العدل والمساواة في العاشر من مايو عام ثمانية وألفين ،والذي مثل حالة تباعد أخرى بين ذات الطرفين اللذين (يتنازعان) حول الاقليم المضطرب على طاولات التفاوض هذه الايام .ففي مثل هذا اليوم من العام ثمانية وألفين ،إجتاحت العاصمة الوطنية أم درمان ،أرتال من قوات حركة العدل والمساواة التي يتزعمها الدكتور خليل إبراهيم ،أحد أبرز رموز الانقاذ في سنوات الانقلاب الأولى ،واحد أشرس أعدائها منذ إندلاع الازمة في الاقليم المضطرب في بدايات العام 2003 ،ومابين إجتياح قوات خليل لام درمان بسياراتها المكشوفة وجنودها الملثمين ،الذين أحدثواحالة بلبلة واسعة عشية الهجوم ،وبين واقع أزمة إقليم دارفور (المنكوب) على الارض وأوراق الوسطاء والمبعوثين الدوليين ،تظل الصورة قاتمة نوعاً ما ،ومشوبة بضبابية كثيفة،تشير في معظم تجلياتها إلى أن الازمة لم تراوح مكانها منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا .وهو الامر الذي تدل عليه كذلك وقائع الاحوال على أرض الواقع وميادين القتال ،التي إتسعت رقعتها في الاونة الأخيرة ،في الوقت الذي تشير فيه تقارير مجموعات حقوق الانسان العالمية ،إلى أن الازمة الإنسانية في دارفور ،تزداد سوءًا مع صباح كل يوم جديد ،وهي المعلومات التي تشكك فيها الخرطوم ،مبينة أن الاحوال في دارفور هادئة تماماً،وان نازحي المعسكرات ،قد بدأوا في العودة الطوعية إلى قراهم ومدنهم الأصلية،وهي ذات التطمينات التي يبثها الاعلام الرسمي في الخرطوم ،منذ مايربو على الثمانية أعوام. ثلاثة أعوام مضت وعملية السلام في دارفور ،لازالت مادة دسمة لوكالات الانباء العالمية ،فعلى الرغم من الضجيج الكثيف ،الذي تثيره مداولات العملية السلمية في العاصمة القطرية الدوحة ،إلا أن الامور سرعان ماتنفجر ليبدأ الطرفان التفاوض من جديد ،وليعكف وسطاء السلام العرب والافارقة والامميون على إعداد وثائق ومقترحات ومبادرات جديدة ،لطالما جوبهت بمصائر سابقاتها ،الامر الذي وضع علامات إستفهام عديدة ،حول مصير الاقليم المأزوم غربي السودان ،وهي التساؤلات التي كانت بعض إجوبتها ،تشير إلى النموذج الجنوبي الذي ،ذهب عقب الاستفتاء ،ليتجه أهله لتكوين دولة جديدة قد يكون الامر الوحيد الجديد على السودانيين ،منذ هجوم أم درمان وحتى مرور ثلاثة أعوام عليه . بمرور اليوم نكون قد دخلنا في العام الرابع منذ إنحدار عنف دارفور في مرحلته الجديدة ،التي كتبتها حركة العدل والمساواة في العاشر من مايو ،وعلى الرغم من فشل العملية ،التي أطلق عليها حينئذ(الذراع الطويلة) ،إلا أن التساؤلات حول مشروعية الحرب المطلبية في السودان لازالت قائمة حتى اليوم، خاصة في ظل ركود العملية السلمية في دارفور ،وتدهور الاوضاع الانسانية ،والاجراءات الادارية التي ظلت الخرطوم ،تتخذها باستمرار ،مثل قرارها الاخير بتقسيم الاقليم المضطرب لخمس ولايات،في الوقت الذي تطالب فيه الحركات المسلحة بالاقليم الواحد.
خلاصة كل هذه المعطيات تشير إلى أنه ومنذ تاريخ الهجوم على أم درمان ،الذي عزز من موقف العدل والمساواة التفاوضي وحتى اليوم ،لم يطرأ أي جديد على صعيد الملف الدارفوري الملتهب ،وهو ذات مامضى له أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي المعروف ،الدكتور صلاح الدومة ،مبيناً أنه ومع رفضه المبدئي لاستخدام القوة المسلحة في حل قضية دارفور ،إلا أنه يرى في حديثه لـ(الصحافة) أمس أن أزمة دارفور لايمكن أن تحل في ظل وجود نظام الانقاذ في السلطة،لان الجمع بين بقاء الانقاذ في السلطة وحل أزمة دارفور،كجمع الماء والنار .
ويمضي الدومة مفصلاً،ليوضح أنه حتى ولومرت الذكرى السابعة والاربعين لاحداث أم درمان ،والانقاذ موجودة في السلطة ،فإن مشكلة دارفور لن تحل نهائياً،لان الحكومة ،برأيه تعمل على المماطلة والتسويف في الشأن الدارفوري ،لاطالة الازمة قدر الامكان ،لأن حلها وفق الدومة سيذهب برموزها إلى ردهات العدالة وغياهب السجون ،لذلك فإن الاستراتيجية التي تعمل عليها الحكومة برأيه، هي إعادة إنتاج الازمة كلما خف أوراها ،وخفتت نيرانها .

مصعب شريف
الصحافة

Exit mobile version