في مستهل حديثه، قدم محمد عبده محمد الدين فذلكة تاريخية عن فترة عمله باليمن مديرا لتحرير صحيفة المستقبل لسان حال الحزب الاشتراكي ومستشارا لصحيفة الاسبوع واصدر كتابا ضمنه مقالاته في تلك الصحف.
ويذكر عبده، ان وجودي صادف حرب جمهورية اليمن الديمقراطي ثم الوحدة بين شطري اليمن بسلاسة والانفصال بالقوة ثم الوحدة مرة اخرى. وقال عبده ان الوحدة تمت في اربع مراحل توحدوا بسلاسة وانفصلوا ثم توحدوا بالقوة.
ويعطي عبده سردا لحرب الجنوب ويقول «كان جنوب اليمن يحكمه الحزب الاشتراكي اليمني واشتعلت حرب خطيرة واستلم الحكم محمد سالم البيض والعطاس، ولليمن خاصية ان كل رؤساء اليمن يتم اغتيالهم في غضون سنتين الى 5 سنوات ولم يعمر سوى الرئيس علي عبد الله صالح وهناك ستة رؤساء اغتيلوا في غضون فترة وجيزة.. ففي الجنوب تم اغتيال قحطان الشعبي خريج جامعة الخرطوم، وقتل عدد اخر من الرؤساء واستلم الحزب الاشتراكي البلد وحكمه بقبضة حديدية سنة 1990 ، وبعد الحرب الباردة تمت الوحدة بين اليمن الجنوبي والشمالي بسلاسة، وحرب اليمن الاولى انا شهدتها وكان رسام الكاريكاتير ناجي العلي قد رسم كاريكاتير سماه «جنة عدن» والواشنطون بوست قالت عنها «حرب القبائل الماركسية في اليمن».
ويواصل عبده سرده ثم جاء البيض والعطاس ووضعوا دستورا انتقاليا للوحدة بسلاسة وتوحدوا برئاسة علي عبد الله صالح ونائبه علي سالم البيض وفتح الشمال على الجنوب واستمرت الاحوال بطريقة ممتازة حتى قال فيهم الشاعر:جنوبيون في صنعاء وشماليون في عدن ومنفيون في الوطن.
ويوضح عبده اسباب حرب الانفصال وقال: بدأ الجنوبيون يحسون بالتهميش وهم اناس متعلمون واذكياء ودرسوا في جامعات وفق النظام الانجليزي واول وزير للتربية في اليمن كان القدال باشا والد محمد سعيد القدال.
وعن السبب وراء كون الجنوب ماركسيا ، يقول عبده: الشمال كان محافظا ولم يستعمر قط سوى فترة قصيرة ابان الحكم التركي بينما كان الجنوب مستعمرا بالانجليز لكن الجنوبيين توجهوا شرقا ودرسوا في الجامعات الروسية، كما ان الحزب الشيوعي السوداني ترك اثرا على الجنوبيين ايام سيد أحمد نقد الله ومبارك حسن خليفة وهؤلاء اثروا ووضعوا بصماتهم وما زال اليمنيون يقولون ان الاشتراكية ادخلها السودانيون الى اليمن. وكان هذا اول تصدير لفكر سياسي وحزبي الى اليمن وثاني تصدير تم عن طريق الجبهة الاسلامية القومية بارسال 02 ألف كادر ليكونوا معلمين في المعاهد العلمية في اليمن الشمالي وهذا الوضع اثر على ثقافة الشمال مما جعل له ارتباطا بالاسلاميين.
ويوضح عبده بدايات الصراع والتوجه نحو الانفصال ومشاركة القبائل ويقول: الوحدة تمت بسلاسة برئاسة علي عبد الله صالح وعلي البيض نائبا له، لكن شعر الجنوبيون بالتهميش في الشمال، واستبعدوا من المناصب ولعبت عقلية القبائل عن الشخص الجنوبي في زيادة التهميش وفي الوظائف كان الجنوبي يعطي اجرا ويطلب منه الجلوس في البيت. ولان الانسان الجنوبي كان لديه احساس القيادة وهو من المتعلمين هذا الوضع دفعه الى المطالبة بالانفصال مرة اخرى وانفصل الجنوب بالدم واعيدوا الى الوحدة بالدم ايضا. وشاركت قبائل الشمال مع الجيش المنظم في حرب الجنوب لان كل اليمنيين مقاتلون وتوجد 03 مليون قطعة سلاح، وأي شيخ قبيلة له 01 دبابات تحرسه، وعادت الوحدة بالدماء ونحن في السودان نتمنى الوحدة مرة اخرى بين شمال السودان وجنوبه بسلاسة وليس سفك دماء.
وعن قراءته لتطورات الاحداث الحالية في البحث يقول عبده «انا مندهش لليمن الممتليء بالسلاح ويخرج الملايين في ثورة تذكرنا باكتوبر حفاة وعراة وصدورهم مفتوحة ولا يحملون حتى السلاح الابيض منعا لاعطاء فرصة للحديث عن انها حرب اهلية او قبلية».
ويواصل عبده دهشته ويقول من الساعة الواحدة الى الخامسة عصرا يكونون تحت تأثير القات لكنهم الآن وعلى مدى 3 أشهر يقفون في ميدان التحرير والتغيير، هذا تغيير كبير في العقلية اليمنية وصحوة خطيرة.
ويعبر عبده عن اعجابه بالثورة اليمنية ويقول: اجمل انتفاضة الآن هي الانتفاضة اليمنية، والليبي حولها الى ثورة معسكرة وفقدت بوصلتها ولان مصر دولة مستقرة حدثت الثورة بسلاسة، لذلك رضخ الرئيس علي عبد الله صالح للمبادرة الخليجية رغم ان شباب الثورة طالبوا بالتنحي.
وعن انتفاضة اليمن ومصيرها ومآلاتها يقول عبده:
يقدر عدد انتفاضة اليمن بـ 4 ملايين وهذا لم يحدث لا في السودان ولا في أية دولة ولا حتى في الثورة الفرنسية في ستينات القرن الماضي في ما عرف بشباب التغيير.. وكون انتفاضة اليمن تستمر 3 اشهر هذا اكبر من اكتوبر او ابريل، وشباب اليمن قالوا انهم لا يمثلون في اللقاء المشترك ولا في اي حزب وكل شاب يمثل نفسه.
وعن سيناريوهات الوضع في اليمن يقول عبده: اتوقع رحيل علي عبد الله صالح خلال اسبوعين ولن ينتظر حتى نهاية فترته في عام 3102 ، والان دخل الاعتصام في الصراع في اليمن وهو ما قد يسرع وتيرة الاحداث ، بكل بساطة لا بد من رحيل علي عبد الله صالح خلال اسبوعين او يتحول اليمن الى حرب اهلية.
ويواصل عبده الحديث «ولان شباب اليمن ليس لديهم قيادة لذلك من المرجح ان تقود الحكومة المحتملة قادة الاحزاب المعارضة او ان ينفرد الاسلاميون بالسلطة لان لديهم قوة كبيرة او يكون قادة الحكومة من التكنوقراط والاكاديميين».
وعن تفجر الاوضاع في اليمن وتأثيرها على دول الجوار يقول عبده: لم يدل الامريكان بأي تصريح حتى الآن ولان الامريكان يكيلون بمكيالين ولان الرئيس اليمني قدم لهم خدمات كبيرة ووقع اتفاقية الحدود وحارب تنظيم القاعدة في اليمن فهم في وضع حرج. واذا تحولت الحرب الى اهلية فانها لن تستثني احدا والموت سيكون بالآلاف وستؤثر الحرب على دول الجوار مثل عمان والسعودية وجيبوتي وستزيد اوضاع البحر الاحمر سوءا وسيزيد معدل القرصنة البحرية.
[/JUSTIFY]
صحيفة الصحافة