** ( .. ثمة جنس ساقط من البشر أصفه عادة بكلمة «واطي»، ولعلي استوحيتها من عنوان مقال كان يكتبه الصحافي البريطاني جيفري برنارد في مجلات لندن.. ويحكي عن الحياة الدنيا في ليل لندن.. وهو كان جزءاً من هذه الحياة، فكان يمرض ويغيب، ويكتب في مكان زاويته ( جيفري برنارد مريض) ..!!
** لست داعية أو مبشراً أو مصلحاً اجتماعياً.. وأدرك حجم الضغوط الحياتية على الناس وأقدرها وأفهمها.. فإذا طلب رجل مالاً لتعليم ابن أو علاج بنت فهو معذور.. ولكن ان يسأل لأن ( الشحادة عادة ) ، وهو ميسور، فهو يهبط عندي الى درك ( واطي) …!!
** هناك شحاذون شرشحوا الشحاذة.. وقد لاحظت ان محترف التسول عادة ما يتهم غيره.. وهي طريقة سيكولوجية معروفة.. فإسرائيل تتهم الفلسطينيين بالإرهاب، وهي أم كل إرهاب وأبوه.. وهي والشحاذ يحاولان ابعاد الشبهة بنقل التهمة الى الآخر..!!
** ما سبق مقدمة والنموذج الذي بدأت به هو أهون أنواع «الواطي».. وما كنت خصصته بمقال، لولا «الواطي» الآخر الذي يخون أهله وبلاده، وهو ما أنا في سبيله اليوم ..لن يجد القارئ أسماء في هذه الزاوية، فليست عندي قضية شخصية ضد أحد، والغرض ليس التشهير، بل التحذير، لأن «الواطي» بحق بلده لا يواري وجهه خجلاً، بل يطلب مكافأة على «وطاوته» جاهاً أو مالاً ..!!
** في العواصم الغربية هناك معارضون من كل بلد في الشرق والغرب.. وأكتفي هنا بالعرب منهم.. وأسجل ما قلت مرة بعد ألف مرة فالدول العربية كلها من دون ديموقراطية حقيقية أو حكم قانون مستقل أو شفافية أو محاسبة أو حقوق مرأة.. والمعارضة بالتالي مطلوبة.. بل أزعم أن الحكومة العربية، أية حكومة، لا تكسب شرعيتها إلا بوجود معارضة نشطة لها يحميها القانون.. وبما أن بعض بلادنا يقتل ثم يحاكم، ويختفي الناس فيه على الشبهة، أو من دون شبهة، فإنني أفهم أن ينشط معارضون لهذه الأنظمة في الخارج، ولا أدينهم .. هؤلاء المعارضون ليسوا من صنف «الواطي» الآخر الذي أكتب عنه اليوم ..!!
** هناك «واطي» لا يعرف دينه.. ويكفّر الناس ويؤيد الإرهاب.. وقد يجمع له المال.. ومع أنه أصلاً من بلد محافظ فهو ترك بلده في ليل ليضلل الصغار والسذّج في الخارج بعد أن كشفه أهل بلده ونبذوه.. مثل هذا المتطرف أفضل عون لأعداء العرب والمسلمين، فهم يقدمونه كنموذج عنا جميعاً.. ويبررون كل اساءة إلينا بخطر الإرهاب عليهم من أمثاله ..!!
** ثم هناك ( الواطي العلماني )..وربما الكافر من دون جهر.. وهو قد يلبس عمامة ويؤم الناس إذا وجد من يتبعه.. هو تآمر على بلده حتى استبيح .. وعاد اليه على ظهر دبابة الاحتلال.. ومع ذلك يتصور أنه يستطيع أن يصبح رئيس دولة أو حكومة، حتى وهو ينهب البلد مع عصابته .. هذا الواطي لم يرَ ما فعل النموذج السابق ببلاده.. فهولا يزال يقيم في عواصم الغرب ويحرض على بلاده كأنه يريد لها مصير العراق.. وهو على وقاحة متناهية يقصر عنها المحافظون الجدد ولوبي اسرائيل.. لأنه لو عاد الى الأرض التي يزعم الانتماء اليها لضاع في شوارع العاصمة. ومع ذلك يدعي انه حزب ومنظمة تحرير وحركة إصلاح.. وكل هذا وهو رجل فاسد واحد.. لا يعرفه أحد في البلد.. بل ربما أنكرته عائلته.. ففي كل قطيع نعجة سوداء كما يقولون .. !!
** نحن في زمن انتفى فيه العيب، حتى ان «الواطي» لم يعد يثير استغراب الناس أو استهجانهم، بل ان هناك من يجد الأعذار له.. لأنه يريد التغيير.. وهو غاضب على حكومة بلده أو على نصيبه من الدنيا.. وهو لو مكّن «الواطي» من نفسه وعاش لترحم على ما يشكو منه اليوم ..!!
** مرة أخرى، تعرية نموذج «الواطي» لا تتجاوزه الى الدفاع عن أية حكومة عربية، فهي غير ديموقراطية، وهناك فساد في كل بلد عربي، والفاجع أن أكثره في البلدان الفقيرة حيث السرقة من كعكة غير موجودة، وعلى حساب لقمة عيش المواطن الغلبان ..!! …)
إليكم – الصحافة -الثلاثاء 12/8/ 2008م،العدد5442
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]