[ALIGN=CENTER]حسابات الصادق [/ALIGN]
الكتابة عن العملية الانتخابية الجارية الآن كالسير في الرمال المتحركة صعب جداً، والقابلية للسقوط عالية جداً؛ إذ يمكن أن تكون هناك معلومة جديدة على رأس كل دقيقة؛ فشعار السادة السياسين هو الكلام(ببلاش)، والمايكروفونات جاهزة للالتقاط، وكمان صورة، وصوت؛- ويبدو لك أحياناً؛ كأنهم يخشون من ضياع فرصة الكلام؛ ألا قل لي بربك ماذا تفهم من اجتماعات زعماء أحزاب لقرابة نصف القرن من الزمان؟، ومرشحو رئاسة جمهورية يريد الواحد منهم أن يحكم أربعين مليون نسمة في مليون ميل مربع(هذا قبل حلول 2011)، وحكام أمضوا في سدّة الحكم عقدين كاملين من الزمان؛ وفي كل مرة يفاجئونك بكلام جديد، وقرارات جديدة، وإنذارات وهمية، ولغة مجنونة؛ وكأننا قادمون على وليمة عقارب، وليست انتخابات من أجل التداول السلمي للسلطة؛ فإن كان المثل التقليدي يقول إن(الراجل بيمسكوا من لسانه)؛ فهذا لاينطبق على رجال السياسة في بلادنا(حظّك يا فاطمة عبد المحمود)؛ فلْنبحث عن موضع آخر نمسكهم منه. عليه فأي كلام نكتبه- في هذه الساعة من هذا اليوم-؛ عندما يصل إلى القارئ الكريم؛ غداً يكون قد أصبح تاريخياً، وطمرته الأحداث فلْنبحث عن الأفعال بدلاً من الأقوال المتحركة!. الفعل الذي يستحق التوقّف عنده الآن، والذي يلقي بظلاله بشدّة على الواقع؛ هو ترشّح أربع شخصيات لرئاسة الجمهورية، ثم انسحابهم بعد أن انتهى أوان الانسحاب بصورة رسمية. عليه ستبقى أسماؤهم في سجل الترشيح، ويحصلون على بعض الأصوات الساقطة- ليس من بينها أصواتهم أنفسهم-؛ ألم يصدق من قال إن السياسة لا تعرف اللعب النظيف؟ الأستاذ نقد ترشّح، وانسحب- بناء على تكتيكات حزبية-؛ عُرف بها الحزب الشيوعي السوداني، وقد يرجع مرةً أخرى السيد مبارك للترشّح؛ لمساومة ابن عمه، ويبدو أنه الآن انسحب له. السيد ياسر عرمان رشّحته الحركة التي ضنّت بقادتها الجنوبيين من أجل الجنوب؛ ولكنه أخذ المسألة مأخذ الجد، وقاد حملةً انتخابيةً منظمةً، ومتقدمةً؛ ولكن يبدو أن الحركة(باعته). أما السيد حاتم السر؛ فكان الأمر الواضح أن مولانا يريد أن يساوم به في كل الاتجاهات، ويكفي أن زفة ترشّحه كان هتافها(عاش أبوهاشم)؛ حاتم السر أظهر أداءً جيداً؛ مما جعل المرء يستغرب كيف لرجل مثله أن يضع نفسه في هذا الموضع؟؛ ألم نقل إن السياسة لعبة … الأمر الغالب أن السيد الصادق صاحب الأرقام القياسية في التردد(معليش)؛ فلْنقل في المهلة، والتثبّت يقوم الآن بعملية جرد دقيقة؛ فالأصوات التي كان يجب أن تذهب إلى مبارك الفاضل ستذهب إليه؛ ولكن هي أصلاً كانت له لولا الصراع بين آل البيت، وتبقى أصوات الحركة الشعبية، وهي كتلة ضخمة من أربعة مليون صوت، وهي أصوات مربوطة(صرّة، وخيط). فكما أن(الجماعة) في الشمال لعبوا الحكاية فإنهم في الجنوب قد لعبوها!؛ فهل ستذهب للبشير، أم يمكن للصادق أن يكسبها ببركات(الشيخ) قرايشن. المعلوم أن الحركة أصبحت(فنانة) في التكتيك السياسي؛ فأصبحت بالنسبة للشماليين(الحُوار الغلب شيخو)؛ أمّا الأصوات التي كان ينبغي أن تذهب لحاتم السر؛ فهي أصوات يصعب توجييها وجهةً واحدةً، والكتلة الصماء فيها(الختمية)؛ أغلب الظن أنها متجهة إلى البشير. إذن ياجماعة الخير فإن السيد الصادق في انتظار قرار الحركة الشعبية(الحكومة، وليس الحزب). أمّا حكاية الثمانية شروط، والإنذار لمدة ستة أيام فهذه(بندق في بحر) مثل إنذار الـ72 ساعة الذي ذهب مع الريح.
صحيفة التيار – حاطب ليل – 5/4/2010
aalbony@yahoo.com