فمع ولدين ( وأحمد الله أنها لايمرضان كثيرا) بت أرى الدنيا بالمقلوب علما أن ما أبذله من جهد معهما لا يعادل 1% مما تبذله أمهما …
بكل بساطة هي تستيقظ في السادسة صباحا وتساعد الصغير على أرتداء ملابسه وتحضير كتبه ثم تعد له وجباته وتُطعم الصغيرة ثم تتوجه للعمل لثماني ساعات وعندما تعود ومن دخلتها على الباب تتوجه مباشرة للمطبخ لتحضر لنا الطعام أي تطبخ ( بالعربي ) لأن لها نظرية في هذه الحياة مفادها أن أكل السوق للعزاب فقط … وبعد الغداء تقود بتدريس كرم و تمشية الصغيرة أمام المنزل وتغسل الأواني وتنشر الغسيل وتكوي المغسول وما إن تأتي الساعة التاسعة حتى تكون قد ( فطست ) … فتنام بدون هز ….
ورغم ان هناك في البيت من يساعدها ولكنها تأبى أن تأتي المساعدة إلا في أمور بسيطة مثل الكنس والتنظيف أما البيت فملكها ولها …
زوجتي أنجبت ولدين أما أمي فأنجبت 11 بدءا من العام 1956 وإنتهاء بالعام 1976 … أي عشرين عاما كانت فيهما إما حامل أو على يدها ولد … تصوروا أن يكون لديكم 11 ولدا جميعهم في المدارس والجامعات وفي منزل من 4 غرف وكل واحد منهم له ذوقه الخاص ويأكل هذا ولا يأكل ذاك وله هواياته التي تختلف عن أشقائه وكللهم يريدون المصروف اليومي ويريدون أن يعيشوا كما يعيش الآخرين وكللهم لديهم وظائف مدرسية أو هموم دراسية والوالد مشغول بوظيفته التي عليها يتوقف مصير 13 شخصا.. وفي النهاية يتخرج 10 من الجامعات وتتزوج واحدة مبكرا ويُصبح لدى الوالدين 25 حفيدا وحفيدة حفيدة وعندما آتي لوالدي لدبي لزيارتي سنويا يصر الإثنان على التسوق للخمسين شخصا في العائلة وعلى حسب أمزجة وتواصي المنتظرين لعودتهم ….
تصوروا أن الوالدين يأكلان همّ أكثر من خمسين شخصا ويتابعون مشاكلهم ,ادق تفاصيل حياتهم حتى بعد أن تقاعد الأب وكبرت الأم على الهموم … وعندما أرى البعض منا يتذكر والدته أو والديه فقط في عيد الأم أشعر بالأسى على من أضاع عمره وافناه على شخص ينتظر يوما واحدا فقط في العام ليتذكرهم …. ومع كل هذا العقوق تجدهما يتسامحان وينسيان الأسيّة و النكران ….
بدون فذلكات ولا فلسفة زائدة .. الأم وطن كلما تغربت عنه تشعر بالحنين يزداد داخلك للعودة إليه … لا بل إن الأم قد تكون أهم من الوطن لأن الأوطان قد تقسو على أبنائها أحيانا إلا أن الأم لا تقسو على أبنائها أبدا …
لكل من يتذكر أمه فقط في المناسبات أقول … هل ستقبل ذلك من أبنائك ؟؟ ولو لم يكن لديك أبناء فهل تنسى من أحضرك إلى هذا العالم ؟؟؟…
لا اتمنى لمن يقرأ هذه الكلمات أن يشعر كما شعر الكثيرون ممن لم يعاملوا والديهم بالشكل الطيب ثم فقدوهم وشعروا بفداحة الخسارة وعِظَمِ الذنب فقالوا ” ألا ليت الزمان يعود للوراء كي نفي والدينَا بعضا من حقهم علينا ”
لهؤلاء أقول : من قال إن الزمن يرجع للوارء ؟؟؟؟
مدونة مصطفى الآغا – MBC
Agha70@hotmail.com