العالم في عش الطير الصيني

لم يكن عش الطيور الصيني الذي افتتحت فيه دورة الألعاب الأولمبية التاسعة والعشرين مثار الدهشة وحده رغم انه تحفة معمارية رائعة ومدهشة، ولكن الإفتتاح كله كان رائعاً ومدهشاً.
* اثبتت الصين بالحق والفعل أنها ذات حضارة راسخة وثقافة متميزة وحضور فني جميل وهي تقدم للعالم الذي احتضنت رموزه في عش الطيور مشاهد حية من حضارة الصين القديمة والصين الحديثة في لقطات يعحز القلم عن التعبير عنها.
* أجمع المراقبون الذين رصدوا هذا الحدث الرياضي العالمي الضخم الذي نجحت بكين في احتضانه وإقامته رغم المصاعب التي هددت قيامه وتهديدات أعداء السلام والحب والجمال والاجتماع والعمران البشري الذين حاولوا ارهاب المنظمين والمشاركين والحضور، المراقبون أجمعوا بأنه حقق أرقاماً قياسية في تاريخ الاولمبياد من حيث عدد المشاركين وعدد الحضور وضخامة الملعب إلى جانب استتباب الأمن وانتظام حركة الدخول والخروج رغم كل هذا الزحام.
* هناك مشاهد كثيرة رائعة ومعبرة مثل اللوحة التاريخية وكل اللوحات الصينية المدهشة، وهي جميعها عنوان نجاح للمهارة الصينية التي جمعت بين التوظيف البشري لكل هذه الأعداد من المشاركين وحُسن استخدام التقنية الحديثة في هذا المهرجان الافتتاحي.
* من الصعب في هذه المساحة تلخيص مشاهد الادهاش التي تنوعت وتعددت ولكن يبقى مشهد اشعال الشمعة لوحة فنية رائعة ومتفردة لا تشبه إلا الشعب الصيني العظيم, فقد ابتدروا طريقة مبتكرة لاشعال الشمعة غير مسبوقة ومدهشة منذ لحظة بدء اشعالها وتبادلها بين الرياضيين حملة الميداليات الذهبية, وحتى الدورة الجميلة التي أحاطت بالملعب وكذلك أسلوب الشعلة كان مختلفاً.
* إلى جانب تكريم قدامى الرياضيين الصينيين كانت مشاركات الأطفال الصينيين في حفل الإفتتاح ظاهرة للعيان منذ الاستعراض الأول الذي شارك فيه طفل من الناجين من الزلزال الذي ضرب الصين مؤخراً وحتى الطفلة الجميلة التي طافت فوق رؤوس الحضور تحمل وردة وهي تحييهم، هذا عدا مشهد الأطفال الذين كانوا يزينون الأرض وهم يلونوها بفرشاتهم في لوحة فنية رائعة ومبهرة.
* ولا ننسى كذلك لوحة كونفشيوس حكيم الصين الأشهر والتي قدمها أيضاً تلاميذ المدارس في اشارة واضحة للتواصل الحضاري المهم واستصحاب الايجابي من الماضي، وهذه ميزة حفظت للصين وشعبها التوازن بين الاشتراكية والانفتاح المطلوب بما عرف بالعصرنة الأمر الذي جعل الصين ابنة الشرق تتحول إلى قوة اقتصادية عظمى دون ان تفقد ذاتيتها وخصوصيتها.

كلام الناس – السوداني – العدد رقم 984 – 2008-08-10

Exit mobile version