هند مامون بحيري: الإسلاميون عارضوا زواجي من المتعافي ولن أتحدث عن البزنس لهذا السبب (…)

«د. هند مامون بحيري» او «مدام المتعافي» كل من الاسمين كفيلين بلفت النظر اليها، وما بين كونها ابنة رائد من رواد الاقتصاد (مامون بحيري) ليبرالي وزوجة قيادي مثير للجدل (د. عبد الحليم المتعافي) اسلامي تتقاطع وخيالك جملة من التصورات والصور وأنت تجلس معها بحكم انها لا تفضل الجلوس على المقعد الخلفي لتكون مجرد امرأة تقرفص وراء رجل مهم او ابنة معجبة بأبيها الذي تمثل ذكرياته فصلاً تاريخياً في حياة الامة.. د. هند تحدثت بصراحة وتواضع في الحوار الذي أجرته معها (الرأي العام) فماذا قالت؟:
* أنت تستظلين بسيرة رجلين مهمين كونك ابنة رائد من رواد الاقتصاد وزوجة قيادي مثير للجدل، حدثينا بداية عن اهم محطات حياة والدك التي أسهمت في تكوين شخصيتك؟ – أبي رجل ليبرالى لذا ترعرعنا على الاعتماد على النفس وحب العلم وكثير من القيم الانسانية ، إلاَّ أنه وفي أيام وفاته اكتشفت كثيراً من جوانب شخصيته فقد كان كثير من المعزين الذين تقاطروا لمواساتنا من كل فجاج البلاد، وكثير منهم من عامة الناس كان لكل واحد منهم قصة وفصول من الحكايات التي تجمعه وابي. * يعني عرفتم «لمحات» اخرى من حياته خارج نص الكتاب الذى ألفه؟ – بالتأكيد: فقد زارتنا من بين هؤلاء المعزين سيدة من منطقة الكدرو، وقالت انها أم لايتام ظل والدي يعينها في تربية ابنائها، وهذه واحدة من القيم التي علمنا لها مساعدة الآخرين على حد سواء والتواضع أمام الجميع، وهذا ما ورثناه عنه بالجينات والتعلم . فهو أب للجميع . ومنهم من لم تنقطع صلاته معنا رغم رحيل الوالد. * وانت ايضا حفيدة للسلطان علي دينار، حدثينا عن قصة ذلك الزواج السلطاني؟ – جدتي من جهة أبي ابنة السلطان علي دينار، وتفاصيل ذلك الزواج لم تكن ملوكية، فقد تزوج جدي ابنة السلطان تكفيراً لمشاركته في الحملة البريطانية التي جردتها الادارة في الخرطوم لاغتيال السلطان وكان جدي ضمن هذه الحملة بحكم كونه باشا في تلك الفترة وحكى جدي ان الحملة تعقبت السلطان على تخوم الفاشر ولاحقته وهو في طريقه لطلب الدعم لتحصين الفاشر،الا ان الحملة باغتته، واطلق عليه الرصاص وهو قائم في مصلاته واستقرت الرصاصة على جبينه. وقال جدي انه بدلاً عن مشاهدة برودة الموت كان جبينه مشرقاً بألق الحياة عندها كما روت هند اتخذ جدي قرار الزواج بأحدى بنات السلطان وقد كان. وبحكم وظيفته تنقل جدي في مدن البلاد واستقر بمدينة ود مدني حيث ولد أبي. * وتربى كحفيد للسلطان؟ – بالتأكيد : لذا وهو في سن الحادية عشرة من العمر بعثه والده للدراسة بكلية فكتوريا بالاسكندرية أسوة بأبناء الملوك والسلاطين وزامله في الدراسة الراحل الملك حسين بن طلال والسيد الصادق المهدي والممثل عمر الشريف ونسبة لتفوقه ابتعث للدراسة في اكسفورد. * يقولون كل فتاة بأبيها معجبة، وأنت شديدة الاعجاب بأبيك ومع ذلك اخترتي مساراً للدراسة غير مساره؟ – لقد علمنا أبي حرية الاختيار وفق مقدراتنا وما نهوى بعيداً عن اي من المؤثرات مع تحمل كامل لتبعات ذلك الاختيار سلباً وايجاباً ولم يربنا لنكون نسخا منه. * لذا كان انضمامك للحركة الاسلامية بمحض ارادتك؟ – كما أسلفت والدي ليبرالي ولم يكن يتدخل في اختيارتنا ما دام جاءت بقناعتنا ولا يدفعنا لاتخاذ اي قرار ولو تلميحاً، وفي ايام الجامعة كنت عضو المجلس الاربعيني لاتحاد الطلاب الشهير باتحاد أمين بناني الذي حقق فيه الاسلاميون فوزاً ساحقاً في ظروف صعبة. * وهناك التقيت بالمتعافي؟ – أنا عرفت المتعافي قبل ان أنظم في صفوف الحركة الاسلامية. * قاطعتها: استقطبك للإنضمام في صفوف الحركة؟ – الامر ليس كذلك تماماً فعندما كنت طالبة بالفرقة الثانية في كلية الطب شد انتباهي المنتدى الفكري الدوري للكلية الذي كان المتعافي واحداً من المتحدثين فيه بصورة راتبة لفت انتباهي دفاعه عن المرأة وحقوقها واحترامه لها وفي هذا الجانب كان يذكرني بأبي لأن في حديثه ربطاً بالنهج الذي تربيت عليه خاصة وانه ينتهج النهج اللين في النقاش والاقناع ويطرح رأيه باعتدال ويستمع للرأي الآخر. وكان ذلك عكس منهج الاسلاميين المتشددين. * تحديدًا كيف تعرفت به؟ – طبعاً كنت اتابع المنتدى ولم اكن ملتزمة بالحجاب. * قاطعتها: يعني كنت تلبسين مثل بنات نمرة اتنين خنفس وبناطلين وكدا؟ – ضحكت: بالضبط كدا واستنكر الاسلاميون مسألة تبادل المتعافي الحديث مع فتاة غير محجبة. * اريد ان اعرف كيف حاز المتعافي على لفت نظرك كمتحدث اسلامي دون الشيوعيين؟ – بالنسبة للشيوعيين لم يكونوا يتحدثون في قضايا فكرية كانوا يميلون الى الحديث في السياسة أكثر لذا لم اتابعهم باهتمام، وكنت اتابع الجمهوريين لأنهم يجادلون في قضايا فكرية ولديهم منطق حواري متسامح واتذكر منهم في تلك الفترة ما نسميه بـ(أيام الدالي) وكان يمكن ان اكون جمهورية، إلا ان قناعاتي دفعتني الى اختيار الانضمام الى الحركة الاسلامية. * وفي تلك الفترة التي يمكن ان نسميها ايام تعاطفك مع الاسلاميين قبل الانضمام اليهم رسمياً هل كنت تصوتين لصالحهم؟ – إطلاقاً: وهم يعرفون ذلك وانا لم ارتد الحجاب الا بعد عام من النقاش الطويل في المنتدى وأتذكر جيداً ذهبت الى المنزل وفي الصباح قررت ان اتحجب وارتديت ملابس امي وفي الجامعة انتابت الدهشة زملائي لكنهم احترموا قراري.
* بعد الحجاب قرر المتعافي الارتباط بك؟، ام انه قرار اسلاميين؟ – إطلاقاً.. الاسلاميون لم يكونوا راضين عن هذا الزواج لأنني لست اسلامية. * وماذا عن موقف الأسرة؟ خاصة وأنت ما زلت في مقاعد الدراسة؟ أمي قالت ما دام هذا خيارك فهي لا تمانع ونصحتني بمشاورة أبي،الذي تحفظ في البداية لأنه كان يرى ضرورة إكمال تعليمي اولاً ومن ثم الزواج باعتبار هذا مبدأه في الحياة ،الا اننا التزمنا له بعدم الإنجاب الى ان اتخرج من الجامعة فقبل بذلك، وتم الزواج. * الى متى التزمتم بعدم الانجاب؟ الى العام1990 وانجبت ابني البكر (احمد) يدرس الآن فى الجامعة هندسة كيميائية باحدى الجامعات البريطانية بلندن أسوة بجده، ومحمد ومأمون ولدي ابنة واحدة عُلا جلست لامتحان الشهادة السودانية هذا العام. * هذا يعني انه دعمك في دخول المجلس الاربعيني للاتحاد؟ – مطلقا.. المتعافي لم يكن يشتغل بالسياسة بمعنى سياسة سياسة وكان مهموماً بالعمل الفكري والاجتماعي . * قاطعتها: والبزنس؟ – بمناسبة (البزنس) الذي احيانا كثيرة يتجاوز فيه الحديث الحد المقبول من النقد ، المتعافي اشتغل بزنس منذ كان صبياً فى الثامنة من عمره ، وبعد ان تخرج كان يملك مزرعة في منطقة النيل الابيض ولا اتحدث عن زوجي أكثر من ذلك لأنني لم أستأذنه في ذلك. * هل كنتم كأسرة تتقبلون هذا النقد؟ – الأمر غير المعروف عن المتعافي أنه لا يحب الجلبة وان يقول فعلت كذا وكذا وانه يفضل ان تتحدث اعمال المرء عنه،لكن عندما بلغ الحديث في احدى الصحف مرحلة الترهات كأسرة رفضنا ذلك ورفع دعوى وكسبها . * الملاحظ أن نساء التنفيذيين لا يظهرن في خدمة المجتمع إلاّ بعد تولي ازواجهن المناصب التنفيذية؟ – أنا عن نفسي ومنذ كنت في مقاعد الدراسة كنت ناشطة في منظمات المجتمع المدني وبعد الزواج انشغلت بتربية الاولاد واليوم بعد ما قوى عودهم آليت على نفسى ان اعود لخدمة المجتمع ومساعدة الآخرين على قدر ما استطيع.

صحيفة الراي العام

Exit mobile version