** قبل أشهر ، شدت قوى المعارضة رحالها إلي جوبا ، وكان على ظهر راحلتها يرقد مقترح منافسة مرشح المؤتمر الوطني لانتخابات رئاسة الجمهورية بمرشح واحد تتفق عليه تلك القوى ، بل أسموه : الفريق سلفا كير .. ولكن هناك ، على حافة المائدة ، رفض الفريق سلفا كير مجرد مناقشة ترشحه ضد المشير البشير ، وقال لهم قولا معناه : أنا حدي الجنوب .. وأثناء تشاور زعماء القوى حول اسم آخر ينافس – وحده – مرشح الوطني ، قطع المؤتمر الشعبي حبل أفكارهم بمقرح أسماه ب « تشتيت الأصوات » .. وهو المقترح الذي – حين ينفذ عمليا – يشتت أصوات قواعد المعارضة فقط لاغيرها .. فأثنت الحركة على هذا المقترح الغريب بلا تحفظ ، فعادت قوى المعارضة إلي الخرطوم ، كما ذهبت ، بلا مرشح واحد ولايحزنون.. أي ، كأنك يا أبوزيد ماغزيت .. وهكذا نجح مثلث برمودا – قبل أشهر – في ابتلاع « خطة التحالف حول مرشح رئاسي » .. !!
** وقبل أسابيع ، بدأت قوى المعارضة تهمس فيما بينها بمقترح : تأجيل الانتخابات .. ولكن الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي تعاملا مع الهمس بمنتهى التجاهل واللامبالاة ، وكأن الأمر لايعنيهما .. ثم صار الهمس جهرا ، فرض المؤتمر الوطني المقترح جملة وتفصيلا ، حيث قال الدكتور نافع قولته الشهيرة : ما في حاجة اسمها تأجيل ، التعب يمرق .. فغضبت قوى المعارضة ، ثم عبرت عن غضبها كيفما اتفق ، وانتظرت غضب الحليفين « الشعبي والشعبية » .. الشعبية لم تغضب ، بل قالت – على لسان مرشحها لرئاسة الجمهورية – بالنص : إذا وافق المؤتمر الوطني على التأجيل فنحن لانمانع .. « كلام ملولو » ، يؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن موقف الحركة لايختلف عن موقف الوطني ، أو قل : هذا الموقف الرافض تلميحا مع ذاك الموقف الرافض تصريحا .. ولتأكيد ذلك ، رفضت الحركة التوقيع على مذكرة التأجيل أوالرفض ، وهي تلك المذكرة التي رفعت لرئاسة الجمهورية أول البارحة .. الحركة رفضت التوقيع عليها ..هكذا موقف الحليف الاستراتيجي الأول ، من التأجيل والمقاطعة .. !!
** أما المؤتمر الشعبي – الحليف الاستراتيجي الثاني في التحالف والضلع الثاني في مثلث برمودا – فقد كان أكثر وضوحا .. حيث يؤكد – بذات صراحة المؤتمر الوطني – منذ الخميس الفائت ، قائلا : لا للتأجيل ولا للمقاطعة .. هكذا شعار الشعبي .. فاروق أبوعيسى ، رئيس هيئة التحالف ، لم يعجبه شعار الشعبي ، فقال غاضبا : لقد حن إلي أهله .. أي ، عاد بيهو الحنين عاد بيهو الشجن ، إلي المؤتمر الوطني .. هكذا يهاجم أبوعيسى حليفه الاستراتيجي الثاني منذ الخميس الفائت .. ولسبب أو لآخر ، لم يهاجم الحليف الاستراتيجي الأول ، فاستبدل الهجوم بعتاب نصه : نتفهم عدم توقيع الحركة الشعبية على مذكرة التأجيل أو المقاطعة ، لأنها جزء من مؤسسة الرئاسة .. يا سلام .. الحمد لله ، أخيرا – يعني يادووووب – عرف رئيس التحالف بأن الحركة الشعبية جزء من مؤسسة الرئاسة .. ولم يعرف بعد بأنها ضلع من أضلاع مثلث برمودا الذي يبتلع أفكار المعارضة وطموحاتها على مدار العام ، فالمعرفة أيضا كما العافية درجات ، قد يعرف لاحقا .. أي بعد أن يكتسح المثلث صناديق الاقتراع شمالا وجنوبا ، لا بذكاء أضلاعه فحسب ، ولكن بعدم ذكاء الآخرين أيضا .. ويا لهم من آخرين ، حيث يمنحونك إحساسا بأنهم في مرحلة ..« سنة أولى سياسة » .. !!
اليكم ..الصحافة-العدد 5996
tahersati@hotmail.com