الأمراض التي يتم معالجتها بالكي .. القائمة الثانية
في كيّ جفن العين
جفون العين إذا انقلبت أشفارها إلى داخل فنخست العين، فالكي فيها على نوعين؛ إما الكي بالنار، وإما الكي بالدواء المحرق؛ فأما كيها بالنار، فتأمر العليل قبل ذلك أن يترك أشفاره، إن كان ممن ينتفها، حتى تطول وتستوي، فإن نخسته عند نباتها، فيشد عينيه بعصابة لئلا تتحرك، حتى تنبت، فإذا نبتت واستوت، فضع رأس العليل في حجرك، ثم تعلّم على جفن عينيه بالمداد علامة على شكل ورقة آس، ويكون ابتداء العلامة بالقرب من الأشفار، ثم تضع قطنة مشربة في بياض البيض أو في لَعاب “البزر قطونا” على العين ثم تحمى مكواة … ثم تكوي على الشكل الذي علّمت قليلاً قليلاً في مرات كثيرة، حتى يحترق سطح الجلد الذي هو كشكل ورقة الآس، كله، ظاهره خاصة.
وعلامة صحة عملك أن ترى جفن العين قد تشمّر، والشعر قد ارتفع عن لحمة العين، فارفع يدك حينئذ واتركه ثلاثة أيام ، ثم احمل عليه قطنة بالسمن حتى تنقلع الخشكريشة ، ثم عالجه حتى يبرأ إن شاء الله تعالى… فإن عاد شيء من الشعر بعد وقت، واسترخى الجفن، فأعد الكيّ على ذلك الموضع كما فعلت أولاً. فإن كان الشعر في الجفن الأسفل، فاكوه حتى يرجع إلى موضعه الطبيعي، ويستوي ولا ينخس الشعرُ العين.
وأما الكي بالدواء المحرق، فهو أن تأمر العليل أن يترك الأشفار حتى تطول وتستوي، ثم تصنع من الكاغد صورة ورقة آسة، ثم خذ من الصابون المعهود، ومن الجير غير المطفأ، من كل واحد وزن درهـم أو نحوه، فتسـحقهما جميعاً سـحقاً جيداً، وتفعل ذلك بالعجلة لئلا يبرد، ثم تبسط منه على الكاغد الذي صنعت كهيئة ورقة الآس وتضعه على جفن العين الواحدة أو الاثنتين، وتضع تحت العين قطنة مشربة في بياض البيض، ورأس العليل في حجرك، وتضع إصبعك السبابة فوق الدواء، وتُرِحْهُ قليلاً وأنت تحركه كلما حسَّ العليل بلذع الدواء، لأنه يجد له لذعاً كالنار، فما دام يجد اللذع فاترك الدواء وحركه بإصبعك، فإذا سكن اللذع فانزع الدواء واغسل العين بالماء، وانظر فإن رأيت الجفن قد ارتفع كما يرتفع عند التشمير بالنار أو بالقطع، وإلا فأعد عليه من الدواء على الموضع الذي لم يؤثر فيه الدواء ولم يسودّ، حتى يستوي عملك وتتشمر العين، ثم تضع عليه القطن بالسمن حتى ينقلع الجلد المحروق، ثم تعالجه بالمرهم النخلي وغيره حتى يبرأ.
وينبغي لك عند العمل أن تتحفظ غاية التحفظ أن لا يسقط في العين من الدواء شيء، فإن استرخى الجفن بعد أيام ونخس من الشعر شيء في العين، فعِد الدواء على ذلك الموضع الذي استرخى من الجفن خاصة، كما فعلت أولاً، ثم عالجه حتى يبرأ إن شاء الله تعالى…وهذه صورة ورقة الآسة:
واعلم أن أعين الناس قد تختلف في الصغر والكبر، فعلى حسب ذلك فليكن تشميرك. وليس يخفى طريق الصواب على من كانت له دربة بهذه الصناعة إن شاء الله.
الفصل السابع عشر
في كيّ الناصور الذي يعرض في مأق العين
إذا عالجت الناصور بما ذكرنا في تقاسيم الأمراض ولم ينجع علاجك، فينبغي أن تكويه على هذه الصفة؛ تأمر العليل أن يضع رأسه في حجرك، ويمسك رأسه خادم بين يديك إمساكاً لا يتحرك ولا يضطرب رأسه، ثم تضع قطنة مبلولة في بياض البيض أو في لعاب البزر قطونا على عينيه ثم تحمي المكواة … تكون مجوّفة، كهيئة أنبوبة ريش النسر، من الطرف الواحد الذي يكون به الكي، وإن شئت أن تكون منفردة الطرف الآخر، وإن شئت كانت مصمتة كالمرود، إلا أن هذه المجوفة أفضل لعملك إن شاء الله … ثم تعصر الناصور إن كان مفتوحاً، وتخرج منه المدة، وتنشفه، وإن كان غير مفتوح فتفتحه، وتستخرج قيحه، ثم تضع عليه حينئذ المكواة وهي حامية جداً، فتمسك بها يدك حتى تصل إلى العظم، وأبعد يدك قليلاً عند الكي من العين إلى ناحية الأنف، لئلا تخطئ يدك أو يقلق العليل، فتقع المكواة في شحمة العين فتفسدها. فإن وصلت في أول كية إلى العظم وإلا فأعد المكواة مرّة ثانية إن احتجت إلى ذلك، واتركه ثلاثة أيام ثم احمل عليه قطنة بالسمن، وعالجه بالمرهم المجفف، حتى يبرأ… فإن مضى له أربعون يوماً ولم يبرأ، وإلا فاحمل عليه الدواء الحاد الأكال حتى ينكشف العظم، واجرده على ما سيأتي ذكره في بابه إن شاء الله … ووجه آخر من كيّ الناصور ذكره بعض الأوائل؛ تعمد إلى موضع الناصور فتشقه ثم تضع في نفس الشق قمعاً رقيقاً … وتصفي فيه قدر وزن درهم رصاصاً مذاباً، وتمسك يدك بالقمع إمساكاً جيداً مزموماً، ولا يتحرك العليل البتة لئلا يصل الرصاص المذاب إلى عينه ، وينبغي أن تضع على عين العليل قطنة مغموسة في بياض البيض، أو في الماء، فإن الرصاص يحرق موضع الناصور ويبرئه برءاً عجيباً إن شاء الله … فإن برئ الناصور بما ذكرنا من الكي والعلاج وإلا فلا بد من استعمال ثقب الأنف، ورد الناصور إلى مجرى الأنف، على ما سيأتي في موضعه الأخص به إن شاء الله تعالى.
المِرود: Probe ؛الميل الذي يكتحل به وتسبر به الجراح، ويقال له ملمول أيضاً.
الفصل الثامن عشر
في كيّ شقاق الشفة
كثيراً ما يحدث في الشفة شقاق يسمى الشعرة، ولا سيما في شفاه الصبيان. إذا عالجت هذا الشقاق بما ذكرنا في التقسيم، فلم ينجع العلاج، فاحم مكواة صغيرة سكينية، على هذه الصورة:
ويكون حرفها على دقة السكين ثم تضعها حامية بالعجلة في فص الشقاق حتى يصل إلى عمق الشقاق ثم تعالجه بالقيروطي حتى يبرأ إن شاء الله.
الفصل التاسع عشر
في كيّ الناصور الحادث في الفم
إذا عرض في أصل اللثات أو الحنك، أو في أصول الأضراس، ورم ثم قاح** وانفجر، وأزمن جري القيح منه وصار ناصوراً، ثم عالجته ولم ينجع فيه العلاج، فينبغي أن تحمي مكواة على قدر ما تسع في الناصور، ثم تدخلها حامية في ثقب الناصور، وتمسك يدك حتى تصل الحديدة محمية إلى غوره وآخره، وتفعل ذلك مرة أو مرتين، ثم تعالجه بعد ذلك بما ذكرنا من العلاج إلى أن يبرأ، إن شاء الله… فإن انقطعت المادة وبرئ، وإلا فلا بد من الكشف على المكان وينتزع العظم الفاسد على حسب ما سيأتي في بابه، إن شاء الله تعالى.
الفصل العشرون
في كيّ الأضراس واللثات المسترخية
إذا استرخت اللثات من قبل الرطوبة، وتحركت الأضراس، وعالجتها بالأدوية ولم ينجع، فضع رأس العليل في حجرك، ثم احم المكواة التي تأتي صورتها بعد هذا، بأن تضع الأنبوبة على الضرس، وتدخل فيها المكواة حامية بالعجلة، وتمسك يدك قليلاً حتى يحس العليل بحرارة النار قد وصلت إلى أصل الضرس، ثم ترفع يدك، ثم تعيد المكواة مرات على حسب ما تريد، ثم يملأ العليل فمه من ماء الملح، ويمسكه ساعة ويقذف به، فإن الضرس المتحركة تثبت، واللثة المسترخية تشتد، وتجفّ الرطوبة الفاسدة، إن شاء الله.
الفصل الحادي والعشرون
في كيّ وجع الضرس
إذا كان وجع الضرس من قبل البرودة، أو كان فيها دود، ولم ينجع فيها العلاج بالأدوية، فالكي فيها على وجهين؛ إما الكي بالسمن، وإما الكي بالنار، فأما كيها بالسمن فهو أن تأخذ من السمن البقري، فتغليه في مغرفة حديد، أو في صدفة، ثم تأخذ قطنة فتلفها على طرف المرود ، ثم تغمسها في السمن المغلي وتضعها على السن الوجعة بالعجلة، وتمسكها حتى تبرد، ثم تعيدها مرات حتى تصل قوة النار إلى أصل الضرس، وإن شئت أن تغمس صوفة أو قطنة في السمن البارد وتضعها على السن الوجعة، وتجعل فوقها الحديدة المحمية، حتى تصل النار إلى قعر السن. وأما كيها بالنار فهو أن تعمد إلى أنبوبة نحاس، أو أنبوبة حديد، ويكون في جرمها بعض الغلظ لئلا يصل حر النار إلى فم العليل، ثم احم المكواة التي تأتي صورتها، وتضعها على نفس السن، وتمسك يدك حتى تبرد المكواة، تفعل ذلك مرات، فإن الوجع يذهب إما ذلك النهار نفسه، وإما يوماً آخر. وينبغي في إثر ذلك الكيّ أن يملأ العليل فمه بالسمن الطيب ويمسكه ساعة ثم يقذف به. وهذه صورة المكواة:
يكوى بأي طرف شئت على حسب الذي يمكن. وهذه صورة الأنبوبة:
وفي نسخة وقد يكوى لوجع السن، العرق الذي في ظاهر الأذن وباطنه، بمكواة مسمارية.
الفصل الثاني والعشرون
في كيّ الخنازير
إذا كانت الخنازير عن بلغم ورطوبات باردة، ولم تكن تنقاد للنضج بالأدوية، وأردت نضجها سريعاً فاحمِ المكواة المجوّفة التي هذه صورتها:
منفوذة الطرفين، ليخرج الدخان عند الكي من الطرف الآخر، وضعها محمية على نفس الورم، مرة وثانية إن احتجت إلى ذلك، حتى تصل إلى عمق الورم.
فإن كان الورم صغيراً، فاجعل المكواة على قدر الورم، ثم اتركه ثلاثة أيام، واحمل عليه قطنة مغموسة في السمن، حتى يذهب ما أحرق النار، ثم عالجه بالمرهم والفتايل حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.
الورم الخنزيري هو ضخامة العقد البلغمية الرقبية Lymphadenopathy. وغالباً كانت ضخامة سلّية ، هي أورام صلبة تكون في اللحوم الرخوة، وأكثر ما تكون في العنق، ولأن رقاب أصحابها تشبه رقاب الخنازير في الغلظ وقلة الالتفات يميناً وشمالاً.
الفصل الثالث والعشرون
في الكيّ من بحوحة الصوت وضيق النفس
إذا غلبت الرطوبة على قصبة الرئة، ولا سيما إذا كان ذلك مع برودة المزاج، فينبغي أن يستفرغ العليل أولاً بالأدوية المسهلة، ثم تكويه كية في نقرة النحر عند أصل الحلقوم في الموضع المنخفض، واحذر أن تصل بالكي إلى الحلقوم، ولا تحرق من الجلد إلا نصفه، ثم اكوه كيّة أخرى عند مفصل العنق، في آخر خرزة منه بليغة، وتكون المكواة مسمارية، على الصفة التي تقدمت، ثم عالجه بما تقدم حتى يبرأ إن شاء الله عز وجل.
الفصل الرابع والعشرون
في كيّ مرض الرئة والسعال
إذا كان السعال ومرض الرئة عن رطوبات باردة، ولم يكن بالعليل حمى ولا سلّ، وكان المرض مزمناً ، فاكوه كيتين فوق الترقوتين، في المواضع المنخفضة اللينة الفارغة، وكية أخرى في وسط الصدر بين الثديين، وتكون المكواة مسمارية، على الصورة التي تقدمت، ثم عالجه بما تقدم حتى يبرأ، إن شاء الله.
وإن شئت فليكن كيك تنقيطاً بالمكواة التي تسمى النقطة، التي تقدمت صورتها في تنقيط وجع الأذنين، وتكون النقط من ثلاثين نقطة إلى نحوها، ثم تعالجه بما تقدم حتى يبرأ، إن شاء الله.
وقد تصنع مكواة ذات ثلاث شعب، على هذه الصورة، فتستعجل بها الكي لأنك تكوي بها في مرة واحدة ثلاث كيات:
الفصل الخامس والعشرون
في كيّ الإبط
إذا انخلع رأس العضد بسبب رطوبات مزلقة، أو لم يثبت في حين رده عند تخلعه، حتى يصير له ذلك عادة، يرد ثم ينخلع عند أدنى حركة تعرض، كما قد شاهدناه، فينبغي أن ترد الفك أولاً، ثم يستلقي العليل على ظهره، أو على الجانب الصحيح، ثم ترفع الجلد الذي في داخل الإبط إلى فوق، بإصبعك من يدك اليسرى إذا كان المفصل انخلع إلى داخل، ثم تحمي المكواة ذات السفودين، التي هذه صورتها:
ثم تكوي بها الجلد حتى تنفذها إلى الجانب الآخر، ويأتي شكل الكي أربع كيات، وقد يكوى بمكواة ذات ثلاثة سفافيد، فيكون شكل الكيات حينئذ ست كيات، وتكون السفافيد على رقة المرود. وهذه صورة المكواة ذات الثلاث سفافيد:
وقد يزاد أيضاً على هذا العدد واحدة، فتكون الكيات ثمانٍ، ثم يحمل على الكي الكراث المدقوق مع الملح، ثم يلزم العليل الدَّعة ولا يحرّك العضو زماناً حتى يقوى… وإن كان الخلع إلى فوق، وقلّ ما يكون ذلك، فاكوه فوق المنكب كية واحدة مسمارية جيدة، أو كيات كثيرة تنقطها، فإن المفصل يشتد، وتذهب الرطوبة، ويبرأ العليل إن شاء الله تعالى.
السفود : عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوى وتاجمع سفافيد
الدَّعة : الراحة
الفصل السادس والعشرون
في كيّ المعدة
إذا حدث في المعدة برد ورطوبات كثيرة، حتى أخرَجَتْها عن مزاجها ، وكثرت النزلات إليها، وعولجت بصنوف العلاج فلم تنجع، فينبغي أن يستلقي العليل على ظهره، ويمد ساقيه ويديه، ثم تكويه ثلاث كيات؛ كية تحت ملعقة الصدر بقدر إصبع بمكواة مسمارية، وكيتين أسفل عن جنبي الكية الواحدة، حتى يأتي شكل الكيات مثلثاً، وأبعد بينهما لئلا تجتمع إذا انفتحت، ويكون عمق الكي قدر ثلثي ثخن الجلد، ويكون شكل الكيات على هذه الصورة:
وإن شئت كويته كيّة واحدة كبيرة في وسط المعدة … وتكون المكواة التي يكوى بها هذه الكية الواحدة على شكل دائرة … وقد تكوى المعدة تنقيطاً لمن جزع من هذا الكي، وهو أن تعلّم على المعدة نقطاً على القدر الذي تريد بالمداد، ثم تكويه بمكواة النقطة، ثم تعالجه بالعلاج الذي تقدم، حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.
ملعقة الصدر: لعلها موضع عظمة القص.
الفصل السابع والعشرون
في كيّ الكبد الباردة
إذا عرض في الكبد وجع من برودة ورطوبة، أو من ريح غليظة، حتى خرجت عن مزاجها الطبيعي خروجاً مفرطاً*، وعولج العليل بما ذكرنا في التقسيم، فلم ينجع ذلك، فينبغي أن يستلقي العليل على قفاه، وتعلّم بالمداد ثلاث كيات على هذا الشكل وهذا المقدار بعينه، على الكبد أسفل الشراسيف حيث ينتهي مرفق الإنسان … ويكون بعد ما بين كلّ كية وكية على غلظ الإصبع، ويكون الكي على طول البدن مستقيماً، ولا تزمّ يدك بالمكواة نعمّا، وليكن قدر ما تحرق من ثخن الجلد قدر نصفه لا مزيد، ويكون العليل قائماً على قدميه، فإن لم يكن قائماً فيكون مضطجعاً، قد مد ساقيه ورفع ذراعيه، وهذه صورة المكواة:
وقد يمكنك أن تكوي هذه الكيات بالمكواة السكينية إذا كان معك رفق وحذق بالصناعة، وتحفظ لئلا تمعن في الكي فتحرق ثخن الجلد كلّه، فتحرق البطن وتصل إلى الأمعاء، لأن الجلد هناك رقيق فاعلمه .
نعما : أي ناعما خفيفا
الفصل الثامن والعشرون
في بطّ ورم الكبد بالكيّ
إذا عرض في الكبد خُراج وأردْتَ أن تعلم إن كان ذلك الورم في لحم الكبد أو في صفاقه، فإنه إن كان في لحم الكبد فإنه يجد العليل ثقلاً ووجعاً بغير حدة، وإن كان في صفاق الكبد كان مع الوجع حدة شديدة، ورأيت أنه قد أعيا الأطباء علاجه، فينبغي أن يستلقي العليل على قفاه، ثم تعلّم موضع الورم بالمداد، ثم تحمي المكواة التي تشبه الميل، وهذه صورتها:
وتكويه بها كيّة واحدة، حتى تحرق الجلد كلّه، وتنتهي بالكي إلى الصفاق، حتى تخرج المِدّة كلها، ثم تعالجه بعلاج الخُراجات حتى يبرأ إن شاء الله تعالى… وهذا النوع من الكي لا ينبغي أن يستعمله إلا من طالت دربته في صناعة الطب، وجرت على يده هذه الأمراض بالتجربة مراراً، فحينئذ يقدم على مثل هذا العمل، وتركه عندي أفضل إن شاء الله تعالى.
الفصل التاسع والعشرون
في كيّ الشوصة
ذكرت الأوائل الكي بأصول الزراوند للشوصة الباردة، على هذه الصفة؛ وهو أن تأخذ مـن أصول الزراوند اليابس الطويل أصلاً واحداً، أطول مـا تجد منه، ويكـون كغلظ الإصبع، ثم تغمسه في الزيت، وتَقِدَه في النار، ثم تكويه كية واحدة فيما بين اتصال الترقوة بالعنق، وكيتين صغيرتين دون الأوداج قليلاً مائلة إلى الناحية التي تحت اللحية، وكيتين عظيمتين فوق الثديين فيما بين الضلع الثالث والرابع، وكيتين أيضاً فيما بين الضلع الخامس والسادس، مائلة إلى الخلف قليلاً، وكية أخرى وسط الصدر، وأخرى فوق المعدة، وثلاث كيات من خلف؛ واحدة فيما بين الكتفين، واثنتين عن جنبيّ الصلب أسفل من الكي الذي يكون فيما بين الكتفين، ولا ينبغي أن تعمق يدك بالكي بل يكون في ظاهر الجلد تشميماً… وقد ذكر بعض الأوائل أن من الناس من كان يستعمل مكواة من حديد تشبه الميل، فيحميها ويدخلها فيما بين الأضلاع ، حتى تنتهي بها إلى نفس الورم وتخرج المِدة ، كما ذكرنا في ورم الكبد، وفي هذا البطّ بالكي من الغرر إما أن يموت العليل من ساعته، وإما أن يعرض في الموضع ناصور لا برء له.
الشوصة: ذات الجنب، ورم في الصدر والأضلاع ونواحيها ومن أنواعه الشوصة والبرسام… الشوصة Pleurisy . أو أن تكون الريح الصدرية Pneumothorax .
الفصل الثلاثون
في كيّ الطحال
إذا عالجت مرض الطحال بما ذكرنا من العلاج في التقسيم ولم ينجع علاجك، فالكي فيه على ثلاثة أوجه، كلّها صواب؛ أحدها أن تكوي ثلاث كيات أو أربعة مصطفّة على طول الطحال، على شكل كيات الكبد التي تقدم شكلها، ويكون بين كلّ كيّة وكيّة قدر غلظ الإصبع أو أكثر قليلاً، وتكون صفة المكواة الصفة التي ذكرنا في كيّ الكبد سواء، ولا تعمّق يدك بالكيّ، وصورة العليل ملقى على ظهره.
والوجه الآخر في الكيّ، أن تحمي المكواة ذات السفودين، التي ذكرنا في باب كيّ تخلّع المرفق، وترفع الجلدة التي قُبالة الطحال، حيث تنتهي مرفق العليل اليسرى، ويكون رفعك للجلد على عرض البدن، لتقع الكيّات على طول البدن، ثم تدخل السفودين محميّة جدّاً، حتّى تنفذ بهما الجلد من الناحية الأخرى، ثم تخرج المكواة، فتكون الكيات أربع.
وإن شئت أن تكوي بالمكواة الأخرى ذات الثلاث سفافيد، ثم تعالج موضع الكي بعد أن تتركه يمد القيح أياماً كثيرة، فهو أنجع من سائر ما تقدم من العلاج، إن شاء الله تعالى.
الفصل الحادي والثلاثون
في كيّ الاستسقاء
الكيّ إنما ينفع في الاستسقاء الزقي خاصة. إذا عالجت المستسقي بضروب العلاج الذي ذكرنا في التقسيم، فلم ينجع علاجك، فينبغي أن تكويه أربع كيات حول السرة، وكية واحدة على المعدة، وكية أخرى على الكبد، وكية على الطحال، وكيتين وراء ظهره بين الخرزات، وواحدة قبالة صدره، وأخرى قبالة معدته، ويكون قدر عمق الكي قريباً من ثخن الجلد، ثم تترك الكي مفتوحاً يمِدّ القيح زماناً طويلاً، ولا تُخلِ العليل من العلاج بعد الكي بما ينبغي، ليجتمع فيه المعنيين، فيسرع إليه البرء إن شاء الله.
وصورة المكواة التي تكوي بها البطن تكون مسمارية على ما تقدم صورتها، والتي تكوي بها الظهر تكون زيتونية، إن شاء الله تعالى.
الفصل الثاني والثلاثون
في كيّ القدمين والساقين
إذا تورّمتا في المستسقي وامتلأتا ماءً أصفر، فينبغي أن تكوي على ظهر القدم في النقرة التي بين الخنصر والبنصر، وأقم يدك بالمكواة ولا تعوجها، ثم ترفع يدك ولا تعيدها البتة، فإنه يرشح الماء الأصفر، وتكون المكواة على هذه الصورة:
ثم تكوي على الساقين كيتين في كلّ ساق ، ويكون الكي بالطرف السكيني من المكواة، ويكون الكي على طول الساق؛ واحدة تحت الركبة، والأخرى أسفل منها نحو وسط الساق ، وعلى كل فخذ كيتين، واترك الكي مفتوحاً بغير علاج زماناً طويلاً يرشح منه الماء، ثم تعالجه بسائر ما ذكرنا إن شاء الله عز وجل.
الفصل الثالث والثلاثون
في كيّ الإسهال
إذا كان الإسهال من برد ورطوبات حتى أضعف القوى الماسكة والهاضمة التي في المعدة والأمعاء، وعولج ذلك بضروب العلاج ولم يبرأ، ورأيت العليل محتملاً للكي، وافر القوة، فاكوه كية كبيرة على معدته، على ما تقدم في كي المعدة بمكواة الدائرة، وأربع كيات حول السرّة لطاف بالمكواة المسمارية اللطيفة، وكية على القَطَن فوق العصعص كبيرة أو كيتين، فإن رأيت الرطوبات وافرة والعليل محتملاً لذلك، فاكوه كية على العانة، وكية على كل خاصرة، وربما زدت كيتين صغيرتين على المعدة بقرب الكبيرة، فإنه علاج منجح لا يخطئ نفعه إن شاء الله تعالى.
الفصل الرابع والثلاثون
في كي بواسير المقعدة
إذا كان في المقعدة بواسير مزمنة، كثيرة أو واحدة، وكانت من أخلاط غليظة باردة أو رطوبات فاسدة، وعولجت بما ذكرنا في التقسيم فلم ينجع العلاج، فاكوِ العليل ثلاث كيات على أسفل خرز الظهر، تحت المائدة قليلاً، مثلثة، وكية تحت السرة بمثل إصبعين، وإن قدّرت أن معدته قد بردت وطعامه لا ينهضم، ورأيت وجهه متورماً، فاكوه على المعدة كية كبيرة على ما تقدم، وكية على كبده، وأخرى على طحاله، بمكواة مسمارية، واترك الكي مفتوحاً زماناً، ثم عالجه حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.
المائدة : Flat part of the back ، تحدد من الجانبين بما يسمى غمازات فينوس “Dimples of Venus” وهي موضع المفصل القطني العجزي ، ولعل المقصود هنا المنطقة المستقيمة عند موضع الفقرات القطنية في الظهر كما يأتي توضيحه في كي الكلى والظهر والجذام
الفصل الخامس والثلاثون
في كي الثآليل بعد قطعها
إذا قطعت الثؤلول فاحم المكواة التي تشبه الميل، ثم أدخلها حامية في نفس الثؤلول المقطوع، وأمعن يدك حتى تصل المكواة إلى فم العرق الذي يسيل من الدم، تفعل ذلك مرة أو مرتين. فإن كانت الثآليل كثيرة، فاكوِ كل واحدة كية على ما وصفنا، ثم عالجها بما يوافقها من المراهم حتى تبرأ إن شاء الله. وإن كويته كية أيضاً كبيرة على القطن، كان أبلغ في النفع إن شاء الله.
الطب الشعبي http://www.khayma.com/cupping/index.htm