** نعم ، كما قلت سابقا ، أخطأت الوزارة بتجاهل المطالب المقدمة من قبل بعض الأطباء منذ نصف عام تقريبا ، وهي المطالب ذات الصلة بالمتأخرات ، حيث تلكأت في سدادها و تجاهلت طلبات ونداءات ورجاءات أصحابها ، وما كان عليها أن تتلكأ وتتجاهل .. تحولت تلك الشرارة – بسبب التلكؤ والتجاهل – إلي مطالب أخرى ذات سقف عال ، ومن هنا كانت بداية « تأزيم الأزمة » .. ثم يأتي قرار الفصل هذا لصب المزيد من الزيت على النار .. قد تبرر الوزارة قرار الفصل الذي طال البعض – عددهم عشرة أطباء – بالمناقل وعطبرة ومدني ، بانه تنفيذ للتوجيه الرئاسي .. وهنا يصبح التبرير أقبح من فعل التنفيذ ، بحيث الرئاسة لم تتدخل في هذه القضية إلا بعد أن عجزت الوزارة عن حلها .. أي ، أن التوجيه الرئاسي – في مقام كهذا – بمثابة رد فعل لعجز الجهاز التنفيذي عن معالجة الأزمة أو تلكؤها في المعالجة .. بالعجز و التلكؤ صعدت الأزمة وتصاعدت ووصلت إلي حيث الرئاسة .. ولو كان العقل التنفيذي بالوزارة حكيما وصادقا مع الأطباء وإيجابيا تجاه مطالبهم ، لما وصل ملف المطالب – بكل تداعياته – إلي قمة الهرم السيادي للدولة .. فالوزارة هي الأقرب للأطباء وبؤس حالهم وللمشافي وكآبة معاملها ، وهي التي تعترف يوميا بأن هناك مطالب مشروعة بيد أن تحقيقها بحاجة إلي بعض الوقت وبعض المال ، أو هكذا لسان حال الوزارة .. ولهذا يجب ألا تتخذ ذاك التوجيه تبريرا لل« كي الجائر » ، بل عليها البحث عن الوسائل المناسبة التي تصنع «الحلول المناسبة » .. !!
** ثم ، ثمة أسئلة .. لماذا خصت الوزارة عشرة أطباء – فقط لا غيرهم – بقرار الفصل ، وكأن الكل عاد إلي مشفاه ، ما عدا « العشرة المخطرين بالفصل » ..؟.. لماذا هؤلاء فقط ، وكأنهم – وحدهم – الذين أضربوا في طول البلاد وعرضها ..؟.. وهل تم فصلهم وفق لوائح الخدمة المدنية – التي تلزم المرفق بتشكيل لجنة محاسبة للغائب عن العمل – قبل اتخاذ أي قرار ضده ، أم هو ذاك النوع من « الفصل الكيري » ..؟.. وأ ليس مدهشا ألا يشمل قرار الفصل أي اسم من أسماء المشاهير باللجنة المسماة ب « لجنة الإضراب » ..؟.. وكأن المراد بفصل هؤلاء العشرة غير المعروفين – إعلاميا – هو تطبيق نظرية « دق الزراف ، خلي الجمل يخاف » .. طبعا هي ليست دعوة لمد سيوف الفصل بحيث تطال كل المضربين ولجنتهم ، لا ما هكذا الدعوة ، بل هي دعوة لوزارة الصحة – وإدارات المستشفيات – بالتراجع عن قرار الفصل ، والتخلي عن تلك النظرية « الزراف والجمل » .. تلك نظرية بائدة ، ولم تعد تشبه المناخ الذي تترقبه البلاد والعباد .. أي ، بصراحة كدة : الفصل السياسي يلوث المناخ المرتقب .. ووزارة الصحة لن تستبين فحوى تلك الصراحة ، إلا ..« ضحى التلويث » .. .!!
اليكم ..الصحافة-العدد 5994
tahersati@hotmail.com