وصباح كل يوم، يضع الكهربائي السابق نظارته التي ثُبتت عليها كاميرا لا سلكية صغيرة، ويخرج إلى حديقته وينصت إلى الصوت الذي تصدره السيارات. وعندما تمر واحدة، يقول إنه يستطيع تمييز كتلة ضوئية تقطع مرمى نظره.
“بدون هذا الجهاز -يستطرد قائلاً- لا أرى شيئًا، هناك أمل ما. أستطيع رؤية شيء ما. على المدى البعيد، من يعلم ماذا تستطيع التكنولوجيا تحقيقه. الأمور تأتي شيئًا فشيئًا”.
وفي العام 2009، وافق الكفيف على تجربة جهاز “أرجوس 2” الذي صممته شركة “سيكند سايت” (الرؤية الثانية) ومقرُّها كاليفورنيا.
وبواسطة هذا الجهاز يستطيع كونستانتوبولوس تمييز الأغراض ذات الألوان الفاتحة على خلفية سوداء، كما أنه قادر على التنقل في منزله الواقع في ضاحية بالتيمور (شرق الولايات المتحدة) عبر تحديد ضوء الشمس الذي يدخل من النوافذ.
100 ألف دولار
وأسبوعيًّا يقصد المتقاعد البالغ من العمر 72 عامًا مستشفى جامعة “جونز هوبكينز” في بالتيمور؛ حيث يقوم بتمارين لعينه بواسطة كمبيوتر، فيطلب منه الباحثون أن يشير بإصبعه إلى بقعة سوداء تتنقل على الشاشة، كذلك يصطحبونه في الأروقة لمعرفة إذا كان قادرًا على تمييز بعض الأغراض.
إلى جانب كونستانتوبولوس، يختبر 13 كفيفًا آخرون جهاز “أرجوس 2” في الولايات المتحدة، و16 كفيفًا في أوروبا.
والجهاز الذي تبلغ كلفته 100 ألف دولار، يعمل تقريبًا بطريقة أجهزة السمع المزروعة التي تسمح لمئات الآلاف من الصم من استعادة سمعهم.
والكاميرا المُركَّزة على النظارات تحوِّل الصور إلى إشارات كهربائية تنقل إلى الأقطاب المزروعة في شبكية العين، فيرسلها العصب البصري إلى الدماغ الذي يميز بقع الضوء والأشكال غير الواضحة.
رؤية أولية
من جانبه يلفت جيسلين دانييلي طبيب العيون الذي يتابع كونستانتوبولوس، إلى أن ذلك “ليس سوى درجة رؤية أولية، لكنه بداية تقدُّم ما. ونحن نحاول أن نتعلم كيفية التواصل مع شبكية العين”.
وشيئًا فشيئًا يتعلَّم كونستانتوبولوس كيف يطابق الإشارات الضوئية المختلفة بهذا الشكل أو ذاك.
وفي الانتظار، يحلم كونستانتوبولوس بأن يتمكَّن في يومٍ ما من تمييز وجه حفيده البالغ من العمر 18 شهرًا. فيُسَر قائلاً: “حزني الأكبر هو أنني لم أرَ وجهه يومًا.. ليس بعد”.
القاهرة – mbc.net