* عرف الانسان الإضراب كوسيلة لحماية الحقوق منذ قديم الأزمان، ويحدثنا التاريخ ان العمال أضربوا عن العمل في عهد الفراعنة وفي دولة روما القديمة .. إلخ، ولم يتوانوا عن الدخول في مواجهات عديدة قدموا فيها الكثير من التضحيات حتى اضطرت الدول الى الاعتراف به منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وكانت البادئة فرنسا في عام 1864 ثم بلجيكا في عام 1866 ولحقت بهما بريطانيا في عام 1871، وهكذا الى أن جاء القرن العشرين فاعترفت به معظم الدول ليس فقط كوسيلة قانونية ومشروعة لنيل الحقوق، بل حق لا يجوز الانتقاص منه او الاقتصاص من اصحابه، كما فعل الرئيس البشير بقراره الخاطئ !!
* لقد كفلت المادة (8) من العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية حق الاضراب طبقا لقانون القطر المختص على ألا يتعارض هذا القانون مع العهود والمواثيق الدولية، ومنعت الدول الأعضاء في اتفاق منظمة العمل الدولية لعام 1948 ــ ( والسودان عضو) ــ اتخاذ اى اجراءات تشريعية او غيرها من شأنها الانتقاص من هذا الحق أو الإضرار بالضمانات المكفولة لممارسته .
* وينص الدستور الانتقالى السودانى في الباب الثانى ( وثيقة الحقوق) المادة ( 27، 3 ) على أن : ( تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءا لا يتجزأ من هذه الوثيقة) والمقصود بذلك وثيقة الحقوق بالدستور!!
* عليه.. فإن دولة السودان بحكم دستورها وبمصادقتها على العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومواثيق حقوق الانسان ملزمة قانونيا وأخلاقيا باحترام حق الإضراب عن العمل الذي كفلته المواثيق الدولية ولا يجوز لها اتخاذ اي اجراء ينتقص من هذا الحق أو يضر بالضمانات المكفولة لممارسته، وبالتالى فإن قرار البشير بفصل الاطباء غير دستوري وغير قانوني من المنظورين الدولي والوطني!!
* الأهم من ذلك، وبما ان حكومة السودان تدعي أنها تحكم بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، فلقد جاء في كتاب الله.. ( يَا أَيَّها الَّذِينِ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقودِ) المائدة 1، وجاء في الحديث الشريف . ( أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) رواه ابن ماجة، ولقد إلتزمت الحكومة بتحسين شروط خدمة الأطباء قبل نهاية شهر فبراير، فلم توفِ بما إلتزمت به، بل إتخذت قرارا جائرا بفصلهم عن العمل وتشريدهم، مما يتعارض صراحة مع الدين !!
* يحدث هذا قبل أن يفوز المؤتمر الوطني في الانتخابات، فكيف يكون الحال إذا فاز؟!
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
18 مارس 2010