في رصيفها البديع : بورتسودان .. للسمك طعم ورائحة ولون
حتى وقت قريب كان متنزه الركن الهادئ الذي يقع شرق بورتسودان وقبالة ميناء السودان الأول، من ابرز معالم المدينة التي يحرص كل زائر على التوقيع في دفتر زواره. وكان بمثابة المتنفس الذي تقصده الأسر لقضاء أوقات جميلة والتمتع بهواء ونسيم البحر الاحمر العليل، بيد أن التنمية الملحوظة التي انتظمت أرجاء واسعة من المدينة خاصة على صعيد الكورنيشات الحديثة، خطفت الأضواء من الركن الهادئ الذي انتشر أمثال له على طول ساحل البحر المطل على حاضرة الولاية. وذات الأمر انطبق على سوق السمك الذي كان يتوسط «ملجة الخضار» بوسط السوق الكبير الذي تم نقله الى موقع آخر أكثر حداثة بات يجذب زوار ومواطني المدينة، ويقع شرق حي أبو حشيش سلبونا، وهو من الأحياء المطلة على البحر من الناحية الشرقية لبورتسودان وشمال الميناء. وتم تصميمه بشكل فريد، فمدخله عند بداية البحر ويستمر الى أكثر من خمسين متراً حتى الموقع الذي اطلق عليه اسم «السقالة»، ويقع السوق داخل البحر وتحيط به المياه من ثلاثة اتجاهات، ومنه يمكن رؤية السفن والبواخر الرابضة والمتحركة، وحركة آليات الميناء وهي تفرغ البواخر من الحاويات وغيرها من الواردات، وتوجد بالسوق أكثر من عشرين كافتريا مشيدة بالمواد المحلية تقدم السمك المشوي، وفي الجزء الشمالي من السوق توجد ثكنات السماكة، وهي مشيدة من المواد الثابتة على شكل غرف صغيرة تتجاوز الخمسين يتخذونها مساكن ومخازن. وفي وسط السوق توجد «ملجة» لبيع الأسماك للذين يرغبون في شوائها بالمنازل ولأصحاب الكافتريات داخل المدينة. ويتم تصدير كميات كبيرة من السمك الى الخرطوم وتحديدا الى الفنادق التي يرفض نزلاؤها تناول أسماك النيل، ويفضلون عليها اسماك البحر. وقال أحد الصادين ويدعى أحمد: إن الكميات التي ترد الى سوق السقالة من الاسماك تبلغ خمسة أطنان يوميا، وتزيد في مواسم الصيد في الصيف. وقال إن رحلة الصيد تستغرق أكثر من أسبوع داخل البحر واحيانا تمدت لأسبوعين. وإن تجار السمك يذهبون يومياً إلى موقع المراكب الحديثة التي تعمل بموتورات متوسطة الحجم لشراء السمك من الصيادين الذين يمكث بعضهم لفترة طويلة في البحر، ويحملون معهم كل المستلزمات المطلوبة من مياه شرب وأكل وغيره. وتتفاوت أسعار السمك في الملجة حسب النوع، أما في الكافتريات التي تقدم مختلف أنواع الأسماك، فيقول عثمان إن سوق السمك في موقعه الجديد يبدو أفضل بكثير من موقعه السابق. وأشار الى ان أعداد الزبائن ارتفعت، وانها تشمل كل شرائح المجتمع، حيث يفضل الكثيرون تناول السمك في السقالة للتمتع باجواء البحر خاصة في الشتاء. ورغم ذلك ترتفع الاعداد في الصيف، وذلك لاعتدال الطقس داخل السوق الذي يقع داخل البحر، كما أن الكثير من الأسر تحضر خاصة في ايام العطلات لتناول وجبة الفطور بالسقالة التي استقبلت معظم مشاهير السودان من سياسيين وفنانين ولاعبي أندية الممتاز والسواح الأجانب وغيرهم. ويقول انها باتت معلما بارزاً للمدينة، وأن أصحاب الكافتريات يجنون أرباحاً وصفها بالجيدة. وكشف عن توفير سوق السقالة لفرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب الذين يعملون في الصيد وبيع ونظافة السمك، وفي الكافتريات وغيرها من وظائف. وتقول أحلام وهي من نساء حي ديم مدينة الراقي، إنها تحرص كل جمعة على اصطحاب أبنائها والحضور الى سوق السقالة، ليس لتناول وجبات شهية وطازجة من الأسماك، ولكن لقضاء لحظات صفاء جميلة تزيل عنهم رهق و«جري» أسبوع كامل، وأشارت إلى أن الأسعار في متناول اليد وكل «زول يأكل حسب وضعو».
ومن جانبه طالب صاحب كافتريا فضل حجب اسمه، سلطات محلية بورتسودان بتخفيف الرسوم المفروضة على تجار السوق، الذين أكد عدم رفضهم دفعها، ولكن يطالبون بتخفيضها حتى يتمكنوا من تطوير تجارتهم وتأهيل السوق بصورة أكثر حداثةً .