** هل أريكم نماذج من نهج الحجاج بن يوسف ..؟.. حسنا ..على سبيل المثال ، ترشح عبد الله أبوفاطنة – مستقلا – لتولي أمر الناس بولاية البحر الأحمر ، ثم دشن حملته الإنتخابية يوم السبت الفائت بخطبة عصماء طرح فيها برنامجه الإنتخابي ، وهذا فعل مشروع ، ولكن ختمها قائلا بالنص : إن لم أفز بمنصب الوالي ، فعلى أنصاري تحسس مقابض سيوفهم ..هكذا خاطب أنصاره ، فسارت بخطبته بعض صحف الأحد الفائت خبرا رئيسيا.. فتأمل نهج الحجاج بن يوسف الذي تجلى بكل وضوح في خطاب عبد الله بن أبوفاطنة ..!!
** مع الإتفاق على النهج ، إختلف أبوفاطنة عن الحجاج في الوسيلة .. حيث إن الحجاج توعد مخالفيه بضرب أعناقهم بسيف مقبضه في يده ، أما أبوفاطنة فإنه يتوعد غير مواليه – في حال خسارته – بسيوف مقابضها بأيدي مواليه.. أي ، وسيلة الحجاج المستخدمة في تنفيذ نهجه – ضد من يخالفه الرأي – أفضل بكثير من وسيلة أبوفاطنة المرتقب بها من لا ينتخبه ، حيث وعيد الحجاج كان وعيدا أحاديا ضد كل أهل العراق ، وهذا وعيد مقدور عليه مهمها عظم شأن المتوعد .. ولكن وعيد أبوفاطنة نوع من تحريض البعض ضد البعض الآخر ، حيث ينصح مواليه بتحسس مقابض سيوفهم ضد الآخرين الذين لم ينتخبوه ، وهذا النوع من الوعيد يسمى بالعربي الفصيح : إثارة ثقافة العنف وسط القواعد ..!!
** تمنيت صادقا بأن يصدر المرشح عبد الله أبوفاطنة بيانا واضحا – البارحة أو قبلها – ينفي فيه ما خرجت به صحف السبت الفائت على لسانه ، أو بيانا توضيحيا يوضح فيه بأن حديثه لم يكن بهذا المعني التحريضي ، أو بيانا أكثر وضوحا يعتذر فيه عن إستخدامه للغة الحجاج ونهجه في حفل تدشين حملته الإنتخابية .. تمنيت بيانا من تلك البيانات ، يومي الأحد والإثنين ، ولكن ما تصحيح مسار الساسة وسياستهم بالتمني .. والذي يحزن في وعيد أبوفاطنة هذا ، هو أنه صدر من مرشح لقب نفسه بالمستقل ثم يلقبه البعض الذي حوله بالديمقراطي .. أي ، الذي يهدد غير ناخبيه بسيوف ناخبيه ، مرشح مستقل وديمقراطي ..!!
** نعم ، أبوفاطنة مرشح ديمقراطي ومستقل ، ولكن حسب التصنيفات السودانية للأشياء السياسية ، وكما تعلمون لنا في تصنيفاتنا من الغرائب والعجائب ما يحير الإنس والجان .. فالأحزاب الديمقراطية عندنا هي تلك الأحزاب التي لم تتغير قيادتها من زمن ( حفرو البحر ) ..هذا نموذج تصنيف سوداني ليس إلا، ذكرته عرضا وليس تعمدا ، فإن تعمدنا – وتعمقنا – قد يصرفنا عن حجر الزاوية ، وهو ( خطاب المرشح أبوفاطنه )..خطاب يشبه كل خطب الدكتور نافع على نافع ، على سبيل المثال لا الحصر ، ولذلك أدهشني بأن يكون قائل ذاك الوعيد التحريضي من الملقبين بالديمقراطي المستقل .. وهذا يعكس لك بأن الديمقراطية والاستقلالية – في السودان – ( خشم بيوت ) .. خطاب نافع العنيف مرفوض ، ولكن خطاب أبوفاطنة العنيف مقبول ، أوهكذا نهج الجماعات والأحزاب التي تسمى نفسها بالديمقراطية .. ولذلك دائما أنصح نفسي – ومن أحب – بأن نتخذ لعقولنا مكانا قصيا ، بحيث لا تتأثر بطرائق تفكير أحزاب هذه المرحلة ، شمولية كانت أوديمقراطية .. فهذه وتلك – خطاب أبوفاطنة دليلا – بمثابة ( طرة وكتابة ) ..!!
اليكم ..الصحافة-العدد 5972
tahersati@hotmail.com