ومن المعلوم أن اتفاقية نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية قد نصت على منح الجنوب حق تقرير مصيره ، عبر استفتاء الجنوبيين الموجودين في الجنوب والشمال وخارج البلاد، وقد أقيم الاستفتاء مطلع هذا العام، وصوت فيه الجنوبيون لصالح خيار الانفصال، وسيتم في الأسبوع الأول من شهر يوليو المقبل الإعلان رسمياً عن انفصال الجنوب، ومن البديهي أن لانفصال الجنوب أثاراً عديدة، سياسية واقتصادية واجتماعية، وكذلك أمنية، في ظل ملفات لا تزال محل خلاف، أبرزها قضية أبيي والحدود وغيرها من القضايا، ولأهمية ذلك رأى المركز ضرورة استطلاع آراء فئات من الرأي العام المستنير بولاية الخرطوم، وشمل الاستبيان سياسيين ومحامين وإعلاميين واقتصاديين وتجاراً ورجال أعمال وطلاباً ومعلمين وأطباء ومهندسين، وفق عينة عشوائية طبقية بلغت (1000) مفردة، وكانت نسبة الاستجابة (91%).
ومن أبرز النتائج التي خلصت إليها الدراسة:
– بلغت نسبة الذكور من أفراد العينة (61.5%)، فيما بلغت نسبة الإناث (38.2%)، وكان أغلب أفراد العــينة، أي نسبة (66.6%) من الفــئة العمرية التي تقــع بين (21 و 40) سنة، كما أن أغلب العينة أي (60.9%) من ذوى التعليم الجامعي، فضلاً عن ذلك فقد كانت نسبة تمثيل المعلمين (24.2%)، ثم المحامين (11%)، والطلاب والمهندسين والاقتصاديين (10.5%) لكل فئة منهم، أما التجار ورجال الأعمال (10.8%) لكل، والإعلاميون والأطباء (9.9%) لكل فئة، والسياسيون (2.6%).
– أغلب أفراد العينة بنسبة بلغت (58%) راضون عن انفصال الجنوب في مقابل (38.9%) غير راضين.
– يعتقد (36.5%) (وهي النسبة الأكبر في الإجابة عن السؤال حول الطرف الذي يرى أفراد العينة أنه مسؤول عن انفصال الجنوب)، أن الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ومواطني الشمال والجنوب والحكومات السابقة وجهات خارجية مسؤولة عن انفصال الجنوب.
– يتوقع (71%) من العينة أن تحدث مشاكل بين الشمال والجنوب عقب إعلان انفصال الجنوب، وقال (35.4%) إنها ستكون بسبب الحدود، فيما قال (29.2%) إنها ستكون بسبب منطقة أبيي، إلا أن (14.7%) يتوقعون أن ينشب هذا النزاع حول الموارد.
– يرى (64%) من العينة أن إنفصال الجنوب لن يضعف الشمال، لكن (35.2%) يرون أنه سيضعفه.
– وعند ما سئل أفراد العينة عما يتوجب على الحكومة القيام به لحفظ الاستقرار في الشمال بعدما ينفصل الجنوب قال أغلب العينة إنه ينبغي الإسراع في حل مشكلة أبيي وتأمين الحدود وإقامة علاقة طيبة مع الدولة الجديدة في الجنوب، كما رأوا ضرورة تشكيل حكومة قومية تضم كل القوى السياسية بالبلاد، فضلاً عن تعديل الدستور، وإجراء انتخابات عامة، ورأى هؤلاء أن على الدولة العمل على استغلال ثروات البلاد بالطريقة المثلى في مجال التنمية وتحسين أوضاع المواطنين وتوزيع الثروات بشكل عادل ومحاربة الفساد والمحسوبية وإتاحة الحريات العامة، والعمل على حل أزمة دارفور، وحل مشاكل الخريجين العاطلين عن العمل.
– وقد انقسم أفراد العينة حينما سئلوا عما إذا كانوا يرون أنه بالإمكان حل الخلافات القائمة بين الشمال والجنوب، حيث قال (49.5%) إن ذلك ممكن، بينما أجاب (49.2%) إن ذلك غير ممكن.
– أبدى (60.4%) من العينة تأييدهم لموقف الحكومة الرافض منح الجنوبيين جنسية مزدوجة، فيما لم يؤيد (37.4%) هذا الموقف، وعندما سئل أفراد العينة عن الوضع الذي ينبغي أن يكون عليه الجنوبيون في الشمال، قال أغلب هؤلاء إنه يجب التعامل معهم كأجانب، وهناك من قال إنه يجب إعادتهم إلى ديارهم، بينما رأى آخرون أنه يجب الإبقاء عليهم في الشمال على أن يلتزموا بقوانين البلاد، وأضاف بعض آخر إنه إذا فضل الجنوبيون البقاء في الشمال فإنه يجب على الحكومة أن تحرص على أن يعاملوا بالطريقة التي تحفظ حقوقهم وكرامتهم.
– يعتقد أغلب أفراد العينة (82%) أن الشمال قادر على معالجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن انفصال الجنوب وخسارة عائدات البترول، كما يرى (65.7%) من العينة أن الجنوب كان عبئاً على الشمال طوال السنوات منذ الاستقلال.
– وعندما سئل أفراد العينة عما ينبغي على الحكومة القيام به للتخفيف من الآثار الاقتصادية الناتجة عن انفصال الجنوب، قال كثيرون إنه يجب التنقيب عن البترول في الشمال، وقال آخرون إنه ينبغي التوسع في النشاط الزراعي وتطوير الصناعة وتنمية الثروة الحيوانية، وهناك من رأى ضرورة تشجيع الاستثمار، خاصة من الخارج، ورأت مجموعة إنه ينبغي ترشيد الإنفاق الحكومي.
– وفي نهاية الاستطلاع طلب من أفراد العينة إبداء آرائهم ومقترحاتهم بشأن موضوع الدراسة فقال البعض إن على الحكومة العمل على تخفيف الضغوط المعيشية على المواطنين بإقامة مشروعات خدمية وتنموية، فيما رأى آخرون إن على الحكومة الحفاظ على وحدة الشمال من خلال التوصل إلى صيغ اتفاق مع القوى السياسية وحل أزمة دارفور بدون تدخل خارجي، وهناك من رأى ضرورة إقامة علاقة بين الشمال والجنوب تستند إلى حسن الجوار والمصالح المشتركة.
صحيفة الراي العام