فالنادي الكاتالوني احتضن موهبة الفتى الشاب باكراً، عندما ضمه إليه في سن صغيرة، وتكفل بعلاجه من المشاكل الصحية التي كان يعاني منها، حتى نضج وبدأ يشارك مع الفريق الأول، رفقة كبار اللاعبين أمثال البرازيلي الساحر رونالدينيو والأسد الكاميروني صامويل ايتو إضافة إلى تشافي وديكو وغيرهم.
ولا يختلف عاقلان في أن اللاعب الأرجنتيني الشاب رد الدين للبارسا، وكان سبباً مباشراً ومهماً في وصول برشلونة إلى ما هو عليه، فالسداسية التاريخية ما كانت لتكون لولا وجود الفتى الأرجنتيني الذي اقتنص الفوز لفريقه في العديد من المباريات الصعبة، وخير دليل على ذلك أن جلوس ميسي على مقاعد البدلاء كان ينعكس معاناة كبيرة على اللاعبين داخل الملعب، ليعود مدربه عوارديولا ويستنجد به ليجد معه الحل.
لكن هذا التألق لميسي في طريقه إلى الزوال، والسبب برأيي هو برشلونة! ولكن كيف؟! الأمر ببساطة يتعلق بأسلوب لعب النادي الكاتالوني الذي بات مدرسة تستفيد منه المدارس الكروية المختلفة، وهو السيطرة على الكرة أطول وقت ممكن، وتدويرها في الملعب، واسترجاعهما من الخصم في أسرع وقت ممكن وبداية هجوم جديد.
المشكلة في هذا النوع من التكتيك -إن صح وصفها بالمشكلة- هي أن اللاعبين مطالبون بالحركة الدائمة في طول الملعب وعرضه، إضافة إلى أن امتلاكهم للكرة يعني حركة مستمرة لا تنقطع، وهذا بالضرورة يستهلك الكثير من الطاقة واللياقة لدى اللاعبين.
لا يكاد يذكر ميسي إلا وذكر تشافي معه، فهو اللاعب الذي يمنح “ليو” تمريرات حاسمة، ويقدم له الكثير من الأهداف على طبق من ذهب، وأذكر أن العاجي ديديه دروغبا سئل يوماً متى ستصبح أفضل لاعب في العالم مثل ميسي.. فقال: من أين لي بلاعب مثل تشافي لأكون الأفضل؟!.
ورغم التألق الكبير الذي يقدمه اللاعب في برشلونة والمنتخب، إلا أن عمره جاوز الثلاثين، وهذا يعني أن قدراته على الركض والتحرك بالطريقة التي يطالبه بها غوارديولا لن تكون بالكفاءة المطلوبة، ما يعني أن إمداداته الكروية لميسي ستتقلص بشكل كبير، والنتيجة بالضرورة نقص عدد الأهداف التي يسجلها ميسي وفي ذلك تقليل من خطورته وأهميته في الملعب.
أمر مهم آخر هو أن غوارديولا لا يستطيع بحال الاستغناء عن الفتى الأرجنتيني إلا إذا كان الغياب للإصابة، وعدا ذلك لا يغامر المدرب الشاب بعدم إشراك جوهرته، مهما بلغت أهمية المباراة، بعدما عانى كثيراً في غيابه، وهو أمر يفعله مورينيو مع كريستيانو، لكن النادي الملكي يلعب بشكل جماعي أفضل بغياب “الدون” في حين يتأثر برشلونة كثيراً بغياب “الليو”.
ومما يزيد من الأمر صعوبة على ميسي هو اشتراكه من منتخب التانغو الأرجنتيني بشكل دائم، واعتماد الفريق عليه بشكل كبير، واقتراب الاستحقاقات الدولية معهم من خلال كوبا أميركا وكأس العالم المقبلة، وكلها ستؤدي إلى إرهاق اللاعب الشاب في ظل المشاركات الكثيرة مع منتخب يطلب كثيراً في مباريات ودية، ومع ناد ينافس في كل بطولة يشارك فيها على اللقب.
وأظن أن المسؤولية في الحفاظ على قدرات ميسي هي مسؤولية غوارديولا بشكل أساسي، فهو مطالب بإيجاد أسلوب لعب جديد، يتناس مع اللعب، ويعمل من خلاله على المحافظة على طاقاته وقدراته وتوزيعها ليجعل منه نجم الكرة الأول على مدى السنين.
Eurosport