** هكذا المدخل ، فلندخل الي حدث اليوم وأحاديثه المهمة .. الحدث هو الاتفاق الذي تم بالدوحة بين الحكومة وحركة العدل والمساوة ، أما الأحاديث المهمة هي تلك التي يتحدثها المؤتمر الشعبي منذ يوم الاتفاق .. الاتفاق ، كأي اتفاق سلام يجنب الناس والبلد ويلات الحرب ، مهم ومحل اتفاق الجميع وبمثابة اختراق حكومي ناجح للأزمة .. فالحرب لاتسعد الا تجار السلاح ، ولذلك ليس هناك خلاف بين الناس بأن ما حدث بالدوحة يصب في استقرار دارفور ، وبالتالي يساهم في استقرار السودان .. هذا من حيث المبدأ العام المحب للسلام وبغض النظر عن النتائج والثمرات ، علما بأن نتائج الحصاد وثمراته لم تعد خافية حتى على أحد في بلادي ، بحيث كفة الحكومة هي الراجحة سياسيا ، وأن العدل والمساواة لم تخرج من مولد الأزمة بغير منصب هنا وآخر هناك وثالث بين هذا وذاك ، وهكذا حالهم كما حال الذين سبقوهم في أبوجا ، وكأن الغاية من كل مآسي الحرب كانت هي تلك النتائج التي لا تتناسب مع شعارات التهميش والديمقراطية والحريات وغيرها من الثياب المزركشة التي ترتديها نخبنا السياسية لزوم « خم القواعد » .. علي كل ، فلندع الحصاد ، ونحدق مليا في حديث المؤتمر الشعبي ، وكما تعلمون بأن ذاك الحصاد من هذا الحديث .. !!
** لم يكن مدهشا أن يبارك المؤتمر الشعبي جهرا وبلا أي تحفظ اتفاقية الدوحة ، كأول مباركة جهيرة يبديها الشعبي في تاريخ الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة مع الحركات .. ولم ينس أو تناسى ، يجب التذكير بأن موقف الشعبي من أبوجا يختلف عن موقفه من الدوحة ، فالتأييد بحماس يتجلى في الموقف الآخير .. نعم ، قوى المعارضة مؤيدة لهذا الاتفاق ، ولكن ليس بذات حماس الشعبي .. وهنا يطل سؤال حائر عن سر هذا الحماس ..؟.. الله أعلم ، ربما الشعبي « بقى موضوعي » .. ولكن بفهم ذاك الزميل .. !!
** وليس بعيدا عن ذاك الفهم ، حدق في ملامح التصريحات الأخيرة للشعبي .. حيث حذر الدكتور الترابي ، البارحة بو دراوة ، المؤتمر الوطني من مصير الاتحاد الاشتراكي ، ثم قال نصا : « أصبحنا نخشى عليه بعد أن فارق مبادئ الحركة الاسلامية .. أخشى عليكم من مصير الاتحاد الاشتراكي .. عمود النص اذا أزيل فلن تبقى فيكم باقية » .. هكذا تحدث ، فتأمل هذه اللغة « المشفقة والناصحة » ، وأغرب ما فيها أن الناصح بها هو الشعبي .. يجب الابقاء على عمود النصف حتى لاينهار المبنى ، ويصبح حالكم كما حال الاتحاد الاشتراكي ، وهذا ما أخشاه لكم ، هكذا يقدم الشعبي النصائح الغالية للوطني ، وهى من النصائح التي لن يجدها الوطني حتى من « أقرب الأحزاب الموالية معه » .. وهنا نسأل ، ما سر النصائح التي حلت – فجأة كدة – محل التهكم والسخرية والشماتة ..؟.. الله أعلم ، ربما الشعبي « بقى موضوعي » .. ثم ، قبل كم يوم ، قدم الشعبي مقترحا بتشكيل حكومة قومية تشرف على الانتخابات ، مع الابقاء على «الرأس » أو« بالرأس والكتفين » .. أي هناك ثوابت في مقترح الحكومة القومية ، الرئيس أو الرئيس ونائبيه .. هذه الثوابت أيضا بمثابة لغة جديدة لم يكن يتحدثها الشعبي سابقا ..؟.. فما سر هذه اللغة ..؟… الله أعلم ، ربما الشعبي « بقى موضوعي » .. ولكن بفهم ذاك الزميل …!!
اليكم ..الصحافة-العدد 5970
tahersati@hotmail.com