الأول: ان الانتخابات القادمة قد تشهد نوعا من (الفساد الذكي) الذي يصعب أو يستحيل اكتشافه حتى على أكثر المراقبين خبرة في اكتشاف الحيل والألاعيب، ويستطيع المفسد أن يتلاعب بواسطته بسهولة شديدة بالانتخابات، إما بالفوز بها من غير حق أو إلغائها لتعاد فيما بعد لعدم اكتمال النصاب إذا أحس أنه سيخسرها!!
* الثانى: ارتفاع عدد الاصوات التالفة بشكل كبير جدا وهو أمر مؤكد، الأمر الذى سيؤثر على النتيجة بشكل كبير!!
* السبب الرئيسي فى ذلك هو نظام الانتخابات المعقد الذي يفرض على الناخب ان يدلي بصوته مرات عديدة كما يعرف الجميع، بالاضافة الى تصويته اكثر من مرة في ورقة واحدة بالنسبة لانتخابات البرلمان التي عليه ان يصوت فيها لمرشح الدائرة الجغرافية والقائمة والمرأة .. إلخ، وهو أمر معقد جدا خاصة لكبار السن وللناخبين بشكل عام لعدم وجود الخبرة الانتخابية الكافية.
* أذكر أننى قمت بتغطية الانتخابات البرلمانية الاسكتلندية (فى مايو عام 2007) التى تزامنت مع انتخابات المجالس المحلية، وكان على الناخب ان يصوت مرتين فى ورقة واحدة، مرة لمرشح الدائرة الجغرافية والثانية لمرشح القائمة، بالاضافة الى تصويته فى ورقة منفصلة لمرشح المجلس المحلى، وبرغم الإرث الانتخابى الهائل للمواطن الاسكتلندى الذى يزيد عن مائة عام لم تنقطع، وعدم وجود مواطن واحد لا يعرف القراءة والكتابة، إلا ان عدد الأصوات التالفة كان اكثر من (142 ألف) – حوالى 7% من إجمالى أصوات الناخبين وهو رقم قياسي – وقد عزا الخبراء ذلك للنظام الانتخابي المعقد مما ادى لكثير من الطعون في صحة الانتخابات. ولو كانت استكتلندا دولة متخلفة لحدث فيها ما لا يحمد عقباه، فكيف سيكون الحال فى السودان؟!
* نأتى الآن الى موضوع (الفساد الذكي)، فمن المتوقع حسب النظام الانتخابي المعقد وتعدد مرات التصويت .. إلخ، أن تستغرق العملية الانتخابية بالنسبة للناخب الواحد مدة لا تقل عن عشر دقائق بأي حال من الاحوال خاصة بالنسبة لكبار السن والذين لا يفكون الخط، وليس ثلاث دقائق كما تقدر مفوضية الانتخابات، الأمر الذي يعني ان عملية التصويت ستأخذ وقتا طويلا جدا لن يحتمله معظم الناخبين فى الظروف العادية، ويستطيع أي ضابط انتخابات في أي مركز ان يجعل التصويت أكثر بطئا إذا اراد، فينصرف الناخبون غير المرغوب فيهم، أو اكثر سرعة ليصوت المرغوب فيهم بأصواتهم، وبهذا يستطيع ان يتحكم فى الانتخابات ويفسدها بينما تبدو وكأنها نزيهة وتحدث فى ظروف طبيعية!!
* كل شئ جائز.. والحذر واجب وطني لضمان انتخابات نزيهة تعبر عن ارادة الشعب الحقيقية!!
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
28 فبراير 2010