يقولها الصبي المرسال لـ (ست البيت) وهو متكئ في مدخل المطبخ، وأصابع عيونه البريئة تبحث عن (جارتنا وبت حارتنا) لعلها تلمحه وتبادله (ملحاً) بشوق، وما أسعده لو أن (ست البيت) نادت على إبنتها ملهمة (أولاد الحلة) وهي تقول: (قومي ياسعاد تعالي أدي أخوك ده حبة ملح)..!
ربما أوجعتك أيها الولد المسكين كلمة (أخوكي) التي إنزلقت من فم الأم ببراءة وأمومة زادت على (البت) وفاضت عليك، لكن لا بأس، فإن تأتي جارتك (سعاد) على سرج الإخوّة، خير من ألاّ تأتي أبداً، مُش؟!
أتحسر على مؤسسة (بت الجيران) التي إنهارت بعد أن تجاور كل خلق الله في (حتة ضيقة)، حتى الأغنيات التي كانت تمجد (الجيران) انكمشت وتوارت بعد أن صارت (الحبيبات) مثل وزراء الدولة، (أكتر من همّ الحب على قلب الحبيب)..!
في ذمتكم، من منكم يذكر آخر زيجة تمت بين جار وجارته في الحي، ومن منكم يذكر آخر كتاب إستلفه من (بت الجيران)، وبالطبع لم ينس أن يدس في كرش صفحاته رسالة بريئة على شاكلة: (سلام إليك سلام مُحب يواجه جيش المآسي وحيداً/ سلام إليك لتأتي وتفرش على راحتيك الورودا)..
وإستباقاً لسؤال خبيث يمكن أن يدحرجه لي أحدكم عن: (إشمعنا المقطع ده بالذات؟!)، سأقول أنه كان آخر ما كتبته لبت الجيران (حبئذٍ)، فمن كان منكم بلا (ريدة جيرانية) فليرمني برسالة كما كنت أفعل، فعلى الأقل، أنا ما (كنت ناكر للهوى زيّك)..!
رحم الله أبي، كان يسخر من خطاباتي التي أكتبها لجارتنا (سعيدة) وهي تطلب مني أن أكيل السباب لزوجها المغترب لأنه لم يكن يرسل لها المصاري بـ (أخوي وأخوك)، وحين أزعم بأني شتمت زوجها بما يكفي كل سكان الجزيرة العربية، كانت تقول وهي تسحب الخطاب مني: (هات أشوف شتمتو كيف)، تقولها في ثقة رغم أنها أمية لا تعرف الفرق بين قصب السبق وقصب السكر، حينها كان أبي يقول لي:
ــ (يا ولدي أشتم ليها الراجل كويس، أصلو حب العجايز ليهو ركائز)..!
آخر الحكي – صحيفة حكايات
wagddi@hotmail.com