وصعدت حكومة جنوب السودان في الآونة الأخيرة من حملتها ضد الخرطوم ودعمتها بوثائق تتهم من خلالها الجيش السودانى بالتورط في دعم متمردين منشقين جنوبيين، في وقت يقوم فيه الوسيط الأفريقي للسودان ثابو مبيكي بتحركات مكوكية لإنقاذ محادثات ما بعد الاستفتاء من الانهيار بعد تعليق الجنوب المفاوضات.
وقررت حكومة جنوب السودان أخيرا، تعليق المحادثات والاتصالات الدبلوماسية مع حكومة الخرطوم بسبب ما تدعيه عن تمويل الشمال بعض الميليشيات المسلحة في الجنوب.
وقال اتيم قرنق القيادى فى الحركة الشعبية فى تصريح لوكالة أنباء (شينخوا) “ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال يعمل من أجل زعزعة الاستقرار في الجنوب عن طريق تمويل ميليشيات خاصة من القبائل وتدريبها وتسليحها”.
وتابع “ان قادة المؤتمر الوطنى يريدون وضع عراقيل أمام سعى الجنوب للاستقرار وتهيئة الأجواء من أجل اقامة دولة جنوبية وفقا لنتائج الاستفتاء”، معتبرا “ان حكومة الشمال تريد إسقاط حكومة جنوب السودان قبل يوليو المقبل”.
لكن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان ينفى اتهامات الحركة الشعبية له بالسعي للإطاحة بحكومة الجنوب.
وقال ربيع عبد العاطي القيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني فى تصريح لـ(شينخوا) “هذه مجرد اتهامات لاأساس لها، من الواضح ان حكومة الجنوب لا تستطيع تحمل المسؤوليات الجديدة التي ستلقى على عاتقها بعد إعلان انفصال الجنوب في يوليو المقبل”.
ومضى قائلا “ان حكومة الجنوب تواجه تمردا من قبل جماعات جنوبية ترفض سياسة انفراد الحركة الشعبية بحكم الجنوب، وكلما فشلت الحركة الشعبية فى القضاء على معارضيها رمت باتهامات مكررة للشمال”.
ويحذر محللون هنا من تداعيات تعليق المحادثات بين الشمال والجنوب على وقع الاتهامات المتبادلة بين شريكي الحكم في السودان.
قال المحلل السياسي محمد المعتصم عبدالرحيم فى تصريح لـ(شينخوا) “ان الاتهامات المتبادلة تأتى فى توقيت حساس وقبل نحو أربعة أشهر من انتهاء الفترة الانتقالية وموعد الانفصال الرسمى لجنوب السودان”.
وأضاف “أن تعليق المحادثات بين الشمال والجنوب يعتبر اجراء خطيرا يهدد بعودة التوتر من جديد وربما يتطور الأمر الى الحرب لاسيما وان الكثير من القضايا ما تزال معلقة وفى مقدمتها قضية ابيى ومسألة ترسيم الحدود”.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج قد دعت أمس إلى استئناف الحوار بين الخرطوم وجنوب السودان، المتوقف منذ السبت الماضي.
وأصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج بيانا مشتركا قالت فيه ان لديها مخاوف جدية بسبب تعليق المحادثات في اطار الاستعدادات للانفصال.
وشكلت الدول الثلاث لجنة لدعم اتفاقية السلام الشامل بين الجانبين (الشمال والجنوب) والموقع في عام 2005.
وقالت الدول الثلاث في البيان “ندعو الطرفين (شمال السودان وجنوبه) الى اتخاذ تدابير فورية لكبح جماح الجماعات المسلحة الخاضعة لنفوذهما.”
وصوت ما يقرب من 99 في المائة من الناخبين الجنوبيين لصالح اعلان الاستقلال في استفتاء جرى في يناير بموجب اتفاق السلام الموقع عام 2005 والذي أنهى عقودا من الحرب الاهلية مع الشمال.
وقال جنوب السودان ان ما يزيد على 100 شخص قتلوا في اشتباكات بين جماعات مرتبطة بالشمال والجنوب في منطقة أبيي المتنازع عليها، بينما أوضح جيش جنوب السودان ان ميليشيا شنت هجوما على ملكال السبت الماضى قتل فيه أكثر من 42 شخصا.
واتهم باقان أموم الوزير في حكومة الجنوب الخرطوم بتسليح الميليشيات في كلا الهجومين وفي اشتباكات أخرى اندلعت في الجنوب في الاونة الاخيرة ، وأعلن تعليق المحادثات المتعلقة بترتيبات ما بعد استفتاء الجنوب.
وكان من المقرر ان يكثف الجانبان، المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية، من المحادثات من أجل الاتفاق على قضايا شائكة تسمى بترتيبات ما بعد الاستفتاء وسط خلافات كبيرة بشأن معظمها وفى مقدمتها الخلاف حول منطقة “أبيي” الغنية بالنفط وترسيم الحدود.
ومن أبرز القضايا التى يتعين تسويتها قبل انتهاء الفترة الانتقالية، الترتيبات الأمنية، الحدود المشتركة بين الشمال والجنوب، وعائدات النفط وتوزيعها في سياق الموارد الطبيعية، والجنسية، والديون الخارجية، وأوضاع الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب، والمياه ووضع القوات العسكرية المدمجة.
وكان استفتاء جنوب السودان الذى تم تنظيمه فى التاسع من يناير الماضى أسفر عن اختيار نسبة 98,83 بالمائة من اجمالى الناخبين لانفصال الاقليم وتأسيس دولة مستقلة، فيما لم يصوت لخيار الوحدة الا 1,17 بالمائة من جملة الناخبين البالغ نحو اربعة ملايين ناخب.
شينخوا