واستناداً على نص المادة «88» من دستور ولاية الخرطوم الانتقالى لسنة 2006 والمادة «48/4» من لائحة تنظيم أعمال المجلس التشريعى بالولاية لسنة 2010م، والمادة «6/2/أ/ز» من قانون ديوان المراجع القومى لسنة 2007م، تأسست مشروعية تقرير جهاز المراجعة القومى لولاية الخرطوم عن الأداء المالى والحسابات الختامية للولاية للعام المالى 2009م، وفقاً لأحكام المواد الدستورية والقانونية. ومنذ أن صدر تقرير المراجع العام فى اوائل فبراير من عام 2010م، ظل الجميع يترقب تحريك الملف واسترداد المبالغ التى تم الاعتداء عليها دون وجه حق من اموال المواطنين التى يجب أن تعود عليهم فى شكل خدمات، وتنعكس على حياتهم لتخفيف واقع المعاناة والفقر. وبعد انتظار اكثر من «12» شهراً وبإيقاع سلحفائى أصدرت لجنة الشؤون القانونية ولجنة الشؤون المالية والتنمية الاقتصادية بالمجلس التشريعى لولاية الخرطوم تقريراً «مشتركاً» عن حالات الاعتداء على المال العام الذى ورد فى العام السابق لكشف تجاوزات العام المالى الأسبق.
وبحسب تقرير اللجنتين، فقد أكدوا انهم ظلوا فى حالة انعقاد دائم منذ تاريخ استعراض المراجع القومى لتقرير الحسابات الختامية للولاية مع وزارة المالية، وديوان المراجع، وامين الشركات، بالإضافة الى جهات ذات صلة.
وتجدر الإشارة الى ان تقرير المراجع العام لولاية الخرطوم، عبد المنعم عبد السيد حسين ابو دقن، اوضح أن حجم الاعتداء على المال العام بالولاية بلغ في العام المنصرم «3.947.212» جنيها، بزياده قدرها «3.467.409» جنيهات عن الفترة السابقة بـ «16» حالة تمت محاكمة حالة واحدة وتبقت ثلاث منها امام المحكمة، ومازال هناك «12» اتهاماً امام النيابة، وقد اثبت التحليل النوعي لإجمالي مبلغ الاعتداء على المال العام الذي بلغ «138.649» جنيها، خيانة أمانة بنسبة 4%، و«3.808.563» جنيها تزوير بنسبة 96% من جملة المبلغ المعتدى عليه.
وقال أبو دقن إن تصنيف المبلغ إدارياً بلغ «3.913.316» جنيها في نطاق الحكم الولائي، و«33.896» جنيهاً في نطاق الحكم المحلي، واشار الى أن القطاع الصحي حظي بنسبة 60% من جملة حجم الاعتداء، وإن ما تم استرداده من إجمالي المبلغ المعتدى عليه «254.127» جنيها بنسبة 6% فقط من حجم المبلغ المعتدى عليه.
وقال ابو دقن إن اكتشاف هذه الحالات تم بعدة آليات بواسطة فرق المراجعة القومية والداخلية والأجهزة التنفيذية، وتم الابلاغ عنها لدى نيابة الاموال العامة، وديوان المراجع الحكومي، وأضاف «ان حالات الاعتداء على المال العام لأعوام خلت وحتى تاريخ اليوم تنوعت في استخدام الاساليب، مما ينم عن ذكاء اجرامي استغل ضعف الرقابة الداخلية وغفلة المسؤولين في بعض الاحيان».
وأشار أبو د قن الى أن تقرير المراجعة ضم عدداً من الملاحظات المهمة لكشف اوجه الفساد المالي في الولاية، وذلك بوجود تباين في نسب التحصيل من وحدة الى أخرى ومن بند لآخر، وارجع ذلك الى أن التقديرات التي وضعت بنيت على أسس غير واقعية ومدروسة، بالإضافة الى وجود خلل كبير في حفظ واستعمال الدفاتر المالية التي كثرت فيها التجاوزات والشطب والإلغاء والنزع لايصالات «15» خاصة بوزارة الزراعة، ومحلية ام درمان وأمبدة، إضافة الى ترك مراجعة الدفاتر المالية قبل التوريد للمراجعة الداخلية في كثير من الوحدات مما يخالف لائحة الإجرات المالية والمحاسبية، واستمرار ظاهرة فقدان الدفاتر المالية خاصة بـ «إدارة النقل والبترول، ومحلية أم بدة».
وكشف التقرير بوضوح الخلل الكبير في الفصل الأول في الموازنة بعد رصد حسابات الأصول والخصوم، وتبين أن الهياكل الوظيفية وسجلات الوظائف غير مكتملة ولا تطابق الواقع في المحليات، وأنه تم تعيين بعض العاملين بعد التقاعد الإجباري للمعاش دون الحصول على الموافقة النهائية، وعلى الرغم من الوفر الظاهر بالفصل الأول، الا أنه تم تعيين عدد كبير من العاملين ذوي المؤهلات تعييناً مؤقتاً على الفصل الثاني، إضافة الى العمالة غير المدربة، وعدم اكتمال كثير من ملفات العاملين من ناحية الأوراق الثبوتية، وتكرار بعض الأسماء، ووجود بعض منها وهمية في كشوفات المرتبات ببعض الوحدات، مما يؤكد عدم دقة نظام حوسبة الأجور والمرتبات، ويوضح التقرير إجراء تعيينات لبعض العاملين بصفة شخصية لا سند قانوني او لائحي لها. ورغم التوصيات المتكررة مازال التنسيق مفقوداً بين إدارات الحسابات وشؤون العاملين، مما أدى الى استخراج مرتبات لبعض العاملين وهم في إجازات من دون مرتب، وتم ضبط مثل هذه الحالات في محلية أم درمان.
وأوصى التقرير، بالحد من ظاهرة فقدان الدفاتر المالية بتشكيل آلية الرقابة الميدانية لفحص الايصالات المتداولة طرف الممولين ومطابقتها لما هو مرصود في السجلات والدفاتر، ودراسة أسباب القصور في تحقيق الربط المقدر للايرادات الذاتية، ومعرفة تفاصيل الدعم القومي للولاية.
وذكر تقرير لجنة الشؤون المالية والتنمية الاقتصادية، برئاسة أحمد محمد عبد الله دولة، ورئيس الشؤون القانونية مريم جسور، أن الوحدات التى خضعت للمراجعة بلغت «109» وحدات، الجزء الأول يختص بالأداء المالى والحسابات الختامية للوحدات الولائية والمحلية المضمنة بالموازنة المجازة من المجلس التشريعى، ويبلغ عددها «55» وحدة، وقد تمت مراجعة الوزارات والمحليات والأمانات العامة «21» وحدة بنسبة 100%، اما مكاتب الضرائب وعددها «34» فقد تمت مراجعة «27» مكتباً بنسبة 79%، ومازلت هناك «7» مكاتب تحت المراجعة بنسبة 21%.
وأوضح تقرير اللجنتين أن حصة الضرائب لعام 2009م زادت من العام السابق بنسبة 10% مما يعنى حجم الجهد المبذول لتطوير النهج الإيرادى، فيما بلغت الأرصدة النقدية للبنوك «35,303,16700» جنيه، بلغت فى قطاع الوزارات «33.771.075» جنيها، وفى المحليات «1.532.092» جنيها، ولذلك لا بد من متابعة الأرصدة فى البنوك دفترياً، والنظر فى الحسابات قليلة الحركة واتخاذ قراراً بشأنها، ومن ثم تحري الدقة فى التنزيل بدفتر البنك، اما ارصدة العهد فقد وصلت الى «34.145.452» جنيهاً مقارنة بمبلغ «37.287.513» جنيها للعام السابق، مما يعنى زيادة محصلة العهد بنسبة 16%، استحوذت الوزارت منها على نسبة 86% والمحليات 14%. ويرجع ذلك الى التضخم لكثرة الشيكات المرتدة، اضافة الى مرتب شهر ديسمبر الذي تعالج فى شهر يناير الذى يليه، مما يعنى تراجعاً فى الجهد لإزالة العهد، وانه لا بد العمل على الحد من تنامي هذه الظاهرة، وتصفية العهد اولاً بأول، واتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الشيكات المرتدة.
وفى جانب الاستثمارات وصل المبلغ الى «181.872.873» جنيهاً، مقارنة بالعام السابق «156.036.760» جنيها بزيادة «25.836.113» جنيها، وتوصي اللجنتان بإظهار عائدات الاستثمار بصورة واضحة للتأكد من وجودها، وتقديم كشف تفصيلى للاستثمارات.
وفى جانب حسابات الأمانات التى بلغت حركتها «29.606.926» جنيها، بزيادة 17% من العام السابق، ورصيدها التراكمى «206.844.646» جنيها، مقارنة بالعام السابق «177.237.720» جنيها، كان نصيب الوزارات نسبة 93% والمحليات 7%. ويرجع ذلك لعدم إجراء المعالجات المحاسبية اللازمة، إضافة الى وجود مرتجعات استحقاقات، مما يعنى أن حساب الأمانات لا يزال يمثل عبئاً محسوساً كما فى السابق فى إطار الأداء المالى للولاية، مما يستوجب تكرار الدعوة لمعالجة هذا الأمر بصورة ناجعة، واوصت اللجنتان بتسليم الأمانات لأصحابها، وحظر منح الحوافز على حساب الأمانات.
وكشف تقرير اللجنتين عن حجم الاعتداء على المال العام الذى بلغ «1.108.962» جنيهاً، من جملة الموازنة البالغ قدرها «1.777.000.000» جنيه، ووصل التزوير والاختلاس الى «10.475.34» جنيها، وخيانة الأمانة «61.428» جنيها، كان نصيب الولاية منها «1012898» جنيها، والمحليات «96.064.75» جنيهاً.
وأكد التقرير فى الموقف العدلى أن هناك «16» حالة امام النيابة، و«3» امام المحاكم، و«4» تمت محاكمتها، وشطب واحدة من جملة «24» قضية، وأن المبالغ التى تم استرجاعها من الاعتداء على المال العام حسب توزيع المراجع بلغت «150.638» جنيها بنسبة 12% من المال المعتدى عليه من مال الميزانية البالغ قدره «89.500» جنيه، وبالرجوع الى الوحدات التى وقع منها الاعتداء على المال العام، يظهر أن خيانة الأمانة «61.428» جنيها، وفى تفصيل المبلغ كان نصيب محلية شرق النيل «5914» جنيها، واتخذت الإجراءات ضد المتهم وتم استرجاع المبلغ كاملاً، وجراحة القلب والكلى «51.062» جنيها واتخذت الإجراءات ضد أمين المخزن، وفى مستشفى ابو صالح «4.452» جنيها وتم استراداد المبلغ.
اما في حالات التزوير والاختلاس فيتضح تفصيل المبلغ بدايةً بوزارة المالية «61.000» جنيه وتم استرداد المبلغ، وشركة الخرطوم «25.300» جنيه وتم استرداد المبلغ ايضاً، وفي وزارة الثقافة والإعلام وصل الاعتداء الى «26.710» جنيهات والأمر امام المحاكم، وفي هيئة الأوقاف الإسلامية عجز مواد «28.517» جنيهاً وهي امام النيابة، وفي وزارة الصحة ــ الطب العلاجى «16.327» جنيها امام النيابة، والحكم المحلى والخدمة المدنية «77.469» جنيها امام نيابة المال العام، بالإضافة الى عدد من القضايا من بينها محلية الخرطوم وهيئة التأمين الصحى، مركز جراحة القلب، وزارة الصحة، مازالت امام النيابة، وتم استرداد جزء من المبلغ من محلية الخرطوم ومركز صحى السريحة، مستشفى الفتح، صندوق الإسكان، مستوصف جبل الطينة ومجلس تشريعى بحرى. وفى المخالفات المالية تم استرداد جزء من المبلغ من الدعم الاجتماعى لمحلية بحرى ووزارة التنمية الاجتماعية، مستشفى شوامخ، شرطة المرور، وشركة مروة.
وخلص تقرير اللجنتين إلى ان كل حالات الاعتداء على المال العام سواء أكانت خيانة امانة عامة أو اختلاسا أو تزويرا أو مخالفات مالية، فقد تم تقديمها الى الجهات العدلية. ولقد استردت اكثرها وفقاً للقانون والمتبقى امام الجهات العدلية. وتوصى اللجنتان بمتابعة الإجراءات القانونية حتى يكتمل استرداد كل المبالغ التى أخذت دون وجه حق، مع ملاحظة كثرة الشطب والكشط والأخطاء المطبعية، ولذلك لا بد من رفع قدرات العاملين بالتدريب المؤسسى، وحظر استخدام المتحصلين الموقتين، وتقوية المراجعة الداخلية، والزام الوحدات بتصفية حسابات العهد والأمانات بصورة سنوية عند قفل الحسابات، ومن ثم التأكد من متابعة الاستثمارات بالشركات المختلفة وإظهار عائداتها فى الميزانية، والوقوف على الجدوى من المشار له فيها مهما كانت نسبة المشاركة، والتأكيد على أهمية تمليك المجلس لميزانيات وخطط وتقارير الأداء للهيئات، والالتزام التام باللوائح المالية، وضرورة تقوية المراجعة الداخلية وتعميمها على كل الوحدات والشركات والهيئات والمؤسسات ومراقبتها، وأشاد تقرير اللجنتين بتقرير المراجع العام لولاية الخرطوم، وأوصى بشدة على توفير معينات العمل والكوادر لجهاز المراجعة القومى، حتى يتمكن من أداء دوره فى إحكام الرقابة وضبط المال العام، ومن ثم متابعة البلاغات المفتوحة ضد المعتدين.
صحيفة الصحافة