إتحاديون ولكن.. إنشقاقيون :الوحدة الإتحادية وحجوة «أم ضبيبينة» ..!

يعتبر الحزب الاتحادي الديمقراطي من أقدم الأحزاب السياسية في السودان وهو حزب تاريخي له إسهاماته الواضحة في تاريخ الحركة الوطنية وتكوّن نتاجاً لاتحاد حزب الشعب الديمقراطي بزعامة السيد علي الميرغني والوطني الاتحادي بزعامة الزعيم إسماعيل الأزهري، والأخير كان أيضاً نتاجاً لتوحد «6» أحزاب توحدت في جمهورية مصر من بينها الأشقاء ووحدة وادي النيل والأحرار الاتحاديين والأحرار الدستوريين.. إلا أن فيروس الانشقاقات قد طال هذا الحزب وأصبح الآن ينقسم إلى مجموعة من التيارات أبرزها «الأصل» برئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني وهو في ذات الوقت مرشد الطريقة الختمية، والمسجل ويشغل منصب الأمين العام به دكتور جلال يوسف الدقير وهذا في طريقه إلى الانقسام إذ الشريف صديق الهندي قاد تياراً داخله أسماه تيار الإصلاح بجانب الوطني الاتحادي بزعامة الشيخ أزرق طيبة، والاتحادي الموحد الذي ترأسه هيئة قيادة من بينها جلاء الأزهري. وكثيراً ما نسمع بمبادرات لإعادة توحيد الحزب الاتحادي، إلا أنها دائماً ما يكون نصيبها الفشل أو تظل حبراً على ورق داخل أدراج تلك الفصائل.. وأصبح توحد الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي تجمع عليه القاعدة الاتحادية أشبه «بحجوة أم ضبيبينة» التي نسمع بها في الأمثال السودانية. فكل فصيل من تلك الفصائل يؤكد على أنه يدعم الوحدة الاتحادية إلا أنهم يختلفون في الآلية التي تساعد على ذلك.

«آخر لحظة» أعادت فتح ملف وحدة الاتحاديين وأخذت رأي كل تيار منها حول الوحدة و مأخذه على الفصائل الأخرى.

الانشقاقات غير مبررة:

هذا السؤال كان يجب أن تسأليه لقيادة الحزب المعنية بهذا الأمر، هذا كان رد عثمان عمر الشريف القيادي بالحزب الاتحادي الأصل عندما وجهت له السؤال، إلا أنه استرسل في حديثه معي وقال: الانقسامات داخل الحزب الاتحادي ليس لها أسباب وغير مبررة، فكل هذه التيارات ضد الأنظمة الشمولية، ولكن كان عليهم أن يوضحوا أسباب الخلاف والانقسام، وقال قد تكون أسباباً شخصية و ليس لها معنى، والمطلوب من كل الفصائل الاتحادية توحيد الصفوف والعودة إلى الحزب، مشيراً إلى أن الجماهير الاتحادية هي سيدة الموقف، مؤكداً أنه يمكن الاتفاق، وقال «اختلاف الرأي لا ينقسموا له»..

وفيما يتعلق عن مآخذ حزبه على الفصائل الأخرى، نفى الشريف أن تكون لديهم مآخذ عليهم، وقال ليس لدينا خلاف مع أي فصيل ولا يوجد أي واحد منها اشترك معنا في عمل ما واختلف معنا، بل نحن نعتقد أن كل الاتحاديين وطنيون ومخلصون ويؤيدون الجهود للوحدة.

رجس من عمل الشيطان:

وعلى عكس عثمان الشريف أكد القيادي بالاتحادي المسجل محمد يوسف الدقير بأن هناك خلافات أساسية مع بعض الفصائل الاتحادية وقال إن الوحدة الاتحادية قرار مؤسسة، بالإضافة إلى أنها أشواق كل الاتحاديين، ونحن في «المسجل» جادون في هذا المضمار وكونّا لجنة من قيادات الصف الأول، مشيراً إلى أنه بدأت بعض المؤشرات للوحدة ابان التسجيل للسجل الانتخابي في بعض الولايات، إذ أن ذلك فرض تعاوناً عضوياً بين بعض الفصائل، وقد باركنا ذلك ودعمناه.

ويرى الدقير أن الوحدة الاتحادية يجب أن تقوم على مبادئ وأُسس وليس بشخصنة الأمور، وقال في بعض الأحيان لمسنا أن بقية الفصائل أو بعضها لا يملك الجدية المطلوبة، مشيراً إلى أن هناك خلافات أساسية بينهم وبعض الفصائل الأخرى تتمثل في مشاركتهم في الحكومة، وقال يرونها كأنها رجس من عمل الشيطان ويطالبونا بالتطهر منها ونحن رفضنا ذلك لأن المشاركة في الحكومة قرار مؤسسة لا يمكن تجاوزه، وأكد الدقير على ضرورة الاتفاق على رؤية وطنية موحدة للوحدة الاتحادية، موضحاً أن حزبه قدم أطروحات ومقترحات جادة للوحدة من خلال اللجنة التي كونها معرباً عن أمله في أن يتم التوافق حولها.

رؤية الموحد:

أما رؤية الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد حول الوحدة الاتحادية فلخصها القيادي بالحزب محمد عصمت في «4» نقاط، حصرها في الاعتراف بأن هناك أزمة حقيقية تتلخص في تفتيت الاتحاديين منذ العام 1985م، نتيجة لما أسماه ممارسات سوء الإدارة الحزبية بجانب الجلوس في مائدة مستديرة تمثل فيها كل الفصائل الاتحادية دون إقصاء للتفاوض عبر موفدين منها، والالتزام بقيم الديمقراطية والمؤسسية الحزبية، ونفض اليد عن التحالفات أو المشاركات مع النظم والحكومات الشمولية.. أما فيما يتعلق بمآخذ الموحد لبقية الفصائل قال عصمت: يظن كثير من الناس في الشارع الاتحادي أنه لا توجد أي خلافات جوهرية أو مبدئية بين الأحزاب الاتحادية، وهذا الظن مجافاة للواقع ومحاولة لذر الرماد على العيون، مؤكداً أن هناك خلافات جوهرية بينهم والفصائل الأخرى منها أنهم يتبنون خطاً معارضاً لسياسات النظام الحالية بينما هناك حزبان اتحاديان متفقان مع المؤتمر الوطني أولهما المسجل الذي يربط بينه والوطني حبل لا يقطعه سيف كما تقول قياداته، أما الاتحادي الأصل أصبح شريكاً للوطني منذ أن وقع اتفاقي جدة والقاهرة، وقال إنه شاركه في البرلمان والحكومة قبل الانتخابات، والآن تدور بينهما محادثات لمشاركة أوسع في مرحلة ما بعد انفصال الجنوب كما يرى عصمت أن هناك خلافاً جوهري آخر له علاقة بمرتكزات حزبه الفكرية، متهماً الأصل والمسجل بتبني سياسات المؤتمر الوطني الاقتصادية، ويضيف عصمت خلافاً آخر، وقال لدينا خلاف حول كيفية الإدارة الحزبية للمؤسسات الاتحادية، فالمسجل لا تعرف كيف يدار فرئيسه ومنذ رحيله لم يحل محله أحد حتى الآن، والأصل يدار بالإشارة عندما يكون رئيسه بالداخل وبالريموت كنترول عندما يكون بالخارج، أما خلاف الموحد مع فصيل الوطني الاتحادي في أن الموحد يرفض العودة لهذا الاسم أصلاً ولا نجد غير اسم مؤسسة الزعيم إسماعيل الأزهري.. وأكد عصمت أن اسم الحزب الاتحادي الديمقراطي المسمى الوحيد بكل تخلقات الحركة الاتحادية، وسنعمل على عودة الحزب الاتحادي الديمقراطي موحداً كما كان في سابق الأيام.

تيار داخل فصيل:

وأمن الشريف صديق الهندي القيادي بالاتحادي المسجل، والذي يقود تيار إصلاح داخل حزبه على حديث محمد يوسف الدقير بأن الوحدة الاتحادية مسألة إستراتيجية داخل الحزب التي قال إنها قائمة على وحدة الحركة الاتحادية وتنظيمها ديمقراطياً، مؤكداً أنه دون الوحدة الاتحادية لا يمكن تأدية المهام الوطنية، وأضاف أن كل الجماهير الاتحادية تهدف للوحدة لاهميتها..

ورفض الهندي الحديث حول أنه يقود انقساماً آخر داخل الاتحادي المسجل وأكد أنه عضو به، ولكن يقود حركة إصلاح، إذ أنه يعتبر أن أجهزة الحزب الموجودة الآن انتهى أمدها وفقاً لدستور الحزب، مشيراً إلى أن حركات الإصلاح مستمرة في الحزب الاتحادي الديمقراطي منذ نشأته مما يؤكد أن به حياة تتحرك، مشيراً إلى أن شكل هذه الإصلاحات قد تأخذ شكل المواجهة أو التراضي وهي تسعى للحداثة وليس الانقسام.

وحول فشل مبادرات الوحدة الاتحادية عزاها الهندي إلى النخب المسيطرة على الأحزاب الاتحادية وحرصها على مواقعها وعدم استيعابها للآخر، مشيراً إلى أنها تركز على المحاصصات حول المواقع والمكاسب، وقال في الفرقة الكل خاسر، مؤكد أن القواعد الاتحادية موحدة وواعية لازمات البلاد.

زمن الوحدة انتهى:

أما الحزب الوطني الاتحادي الذي يتزعمه الشيخ أزرق طيبة والذي كان من أكثر الفصائل الاتحادية الساعية لوحدة الحزب، يبدو أنه يئس من توحيد تلك الفصائل وآثر على نفسه أن يسجل نفسه لدى مسجل الأحزاب باسم الوطني الاتحادي ابان الانتخابات السابقة في خطوة فاجأت الجميع، وأكد على لسان القيادي حسن علي قسم السيد الذي قدم فذلكة تاريخية عن الحزب الاتحادي والحركة الاتحادية عموماً، أكد أن زمن وحدة الفصائل الاتحادية انتهى وأصبحت لا معنى لها في الظروف التي تمر بها البلاد حالياً، مشدداً إلى أن حزبه سيبذل من الجهود للبناء التنظيمي مؤكداً أنه أصبح مستقلاً وقائماً بذاته وقال أي حديث عن الوحدة الآن يصبح حديث مصالح.

إلا أن قسم السيد عاد وقال إن حزبه يطرح مشروع الوحدة عبر القواعد مشيراً إلى أنهم يرتبون لعقد مؤتمر عام يطرح من خلاله برنامجه وشرعية المؤسسات.

وحول مآخذ الوطني الاتحادي على الفصائل الأخرى قال حسن ليس لدينا مآخذ عليها، ولكن موقفنا من النظام يحدد تقاربنا من التيارات الأخرى مشيراً إلى أنه لا يمكن الاتصال مع الاتحادي الأصل باعتبار أنه مرتبط بالسلطة منذ عهد التركية والحكومات السابقة، أما الاتحادي المسجل قال إنها مجموعة صنعتها الشمولية.

Exit mobile version