شن الدكتور علي الحاج محمد مساعد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، هجوماً على المؤتمر السابع للحركة الإسلامية السودانية، الذي بدأ أعماله أول من أمس بالخرطوم، وحضره عدد من قيادات الحركات الإسلامية في العالم. ودعا علي الحاج المؤتمرين الى تبرئة أنفسهم مما قامت به الحكومة السودانية من جرائم، وصفها بالابادة الجماعية في دارفور.
وقال علي الحاج لـ«الشرق الأوسط» من العاصمة الألمانية برلين، إن الحركة الإسلامية التي تعقد مؤتمرها في الخرطوم لا تمثل التنظيم الذي استولى على الحكم بانقلاب نفذه الرئيس السوداني عمر البشير في عام 1989. واضاف «الحركة الإسلامية الآن أصبحت حكومية ومتواطئة وهذه نقطة مفارقة».
واوضح ان الحركة الإسلامية لم تعلن إدانتها بما فعلته حكومة البشير في دارفور من ابادة وقتل وتشريد وحرق للقرى. واضاف «اذا لم تتبرأ الحركة وتتطهر من تلك الجرائم وتعلن توبتها فاننا سنعتبرها مشاركة في تلك الجرائم». وطالب علي الحاج الإسلاميين ان يفكروا في مصير السودان لا الأشخاص، لأنهم إلى زوال.
وأضاف أن المطلوب إتباع الأقوال بالأفعال، لان دعوة الوحدة تأتي في وقت غير مناسب، بعد اتهام البشير امام المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى ان الحركة الإسلامية تأتمر بأمر الحكومة، وقال «لم يفتح الله لهم بكلمة بما يحدث في دارفور طوال هذه الفترة الا بعد اتهام البشير». ورفض علي الحاج الدعوة التي قدمها البشير بمد أيادي الحركة الإسلامية بيضاء، في اشارة إلى الزعيم التاريخي للحركة حسن الترابي، وقال: «في الظروف الراهنة الأيادي ليست بيضاء، كما ذكر البشير، اقلها أنهم متهمون في جرائم ابادة»، واضاف «البشير نفسه قال ان عدد الذين قتلوا في دارفور 10 آلاف مواطن.. ولكن من قتل نفساً فانما قتل الناس جميعاً»، معتبراً ان الخلافات التي احدثت الانشقاق بين الإسلاميين السودانيين خلال فترة حكمهم السودان في اوخر التسعينات كانت محصورة حول انتخاب الولاة، لكنها الآن اتسعت، وقال «الآن هناك اتهامات بجرائم ابادة ومحاكم دولية… هل الأولوية لوحدة الحركة الإسلامية أم وحدة السودان، التي تواجه المخاطر، ام ما يحدث في دارفور ويحتاج الى حلول جذرية»، داعياً الحركات الاسلامية في العالم الى مراجعة نفسها وموقفها مع الحركة الاسلامية الحاكمة في السودان. وقال ان الجرائم التي تم ارتكابها في دارفور ليست من الخيال، وانما حقائق ماثلة وموجودة وشاهدة. واضاف «نائب الرئيس علي عثمان اعترف بنفسه انه سلح بعض القبائل في دارفور لتقتل اخرى». واضاف «نحن لا نلقي اللوم على الحركات الاسلامية العالمية، لانها تم تضليلها من الحركة الاسلامية الحكومية في السودان، لكن عليها ان تتبرأ مما قامت به الحكومة في دارفور، وإلا سنعتبرها متواطئة وحتى لا تكيل بمعيارين في اننا ندين ما يحدث من جرائم في فلسطين، ويتم الصمت على اخوانهم الذين يتم قتلهم في دارفور». وشدد مساعد الترابي على ان حزبه يقف مع تحقيق العدالة في دارفور التي وصفها (بدارفورستان)، وقال ان القضاء السوداني قاصر وغير مؤهل لتحقيق العدالة، لانه يهتم بمقاضاة الرعية، واضاف «لم نسمع ان القضاء السوداني قام بمحاكمة احد من المسؤولين في الحكم، وهذا تبعيض للعدالة وقضاء غير مؤهل». مشيراً الى ان القانون السوداني لا تحتوي نصوصه على جرائم الابادة والانسانية وجرائم الحرب، واصفاً قرارات وزير العدل عبد الباسط سبدرات، بتعيين مدع عام من الوزارة ارتجالية ولا طائل من ورائها. وقال ان النظام يجري وراء السراب خلف الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وتابع «كل هذه الأموال الطائلة لن تحل القضية لان المحكمة الدولية قرارها من مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع، ولن يتم اسقاط الاتهامات اذا اقرها القضاة». وقال علي الحاج على البشير ان يتعظ بما حدث لزعيم صرب البوسنة كراديتش، الذي قتل مسلمين كما فعل البشير، واضاف «سبحان الله ان تحمي الحركة الاسلامية السودانية من البشير». وقال ان الاسلام في دارفور يرجع لاكثر من 360 عاماً وسبقت الدولة العباسية، مستهجناً اتهام حزبه بانه وراء ما يحدث في دارفور في اطار تنافس الاسلاميين. واضاف «من الظلم ان ينسب ما يحدث لاهل دارفور بانه يقف وراءه المؤتمر الشعبي هذا هو التهميش والظلم لان المقاومة ليست جديدة لديهم وهم الذين قاوموا كل العهود الاستعمارية والوطنية».
من جهة اخرى، قال عبدالله بدري القيادي البارز في الحركة الاسلامية في السودان، التي تمسك بمقاليد الحكم في البلاد لـ«الشرق الاوسط»، انه شخصيا يستبعد ان يخوض الرئيس عمر البشير انتخابات الحركة الاسلامية لاختيار امينها العام اليوم، واضاف ان الاسباب هي ذات الاسباب التي ابعد اتجاه ترشيحه للمنصب في الدورة السابقة التي جاءت بنائبه علي عثمان محمد طه للمنصب، والتي تتمثل في ان اختياره قد يخرج الرئيس للمنصب من دائرة القومية الى انه شخص يمثل كيانا محددا في البلاد. وقال بدري ان الرؤية حول الأمر تتضح اليوم، ولكن اعتقد ان هذا الاقتراح بعيد، غير انه اشار الى انه شخصيا يرى من المهم اختيار شخص متفرغ لهذا المنصب. وحسب بدري فان الامين العام علي عثمان، الذي انتهت دورته حاليا، حقق نجاحات كبيرة في الدورة، ابرزها انه استطاع ان يحيي الحركة بعد ان اعتقد البعض انها ماتت، وقال ان الاوراق التي قدمت تؤكد ان الحركة في حال افضل، واضاف اجتماعات الحركة الاسلامية ركزت هذا العام على دارفور على خلفية مذكرة مدعي المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير، كما تطرق إلى مسألة فكر الحركة وتجديدها المستمر، وحول الوحـــدة بين شقي الحركة الاســلامية «البشير والترابي»، قال ان الامر لم يطرح بشكل مباشر ولكن الحدث دار حول ضرورة الانفتاح على الاخر وتوحيد صف السودانيين في وجه المخاطر التي تحدق بالبلاد.
الشرق الاوسط