ازمات الحزب الاتحادي الداخلية وأسبابها.. الحديث عن رئاسة مولانا للحزب وانعقاد المؤتمر العام، الحديث الذي رشح عن توريث ابن الميرغني، إمكانية فك الارتباط بين الطريقة الختمية والحزب الاتحادي.. هذه وغيرها ضمن جملة استفهامات طرحناها على القيادي البارز بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) د. علي السيد.
تطرقنا في حوارنا معه إلى إمكانية توحيد فصائل وتيارات الحزب الاتحادي، وسألناه عن العلاقة بينهم والمؤتمر الوطني وإدارة حوار بين الحزبين بغرض مشاركة الاتحادي في الحكومة، فضلاً عن رأي حزبهم في الحكومة العريضة التي دعا لها رئيس الجمهورية. تطرقنا معه كذلك إلى ما تناقلته المجالس عن وجود صفقة سياسية بين الاتحادي والوطني بموجبها دفعت الحكومة (8.5) مليار، علاوة على الاتهام المقدم للاتحادي بأنه دائماً يخذل المعارضة.. رأي حزبهم في الدعوة لإسقاط النظام.. سألناه عن الأسباب التي دفعت قيادات من الحزب للخروج والانسلاخ منه، وسألناه عن مصير نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين وخلافاته مع الحزب. استمع الرجل إلى جميع أسئلة (الأهرام اليوم) بكل طيبة نفس وأريحية، ورد عليها ببرود تام رغم سخونة الأسئلة ودافع دفاعاً منقطع النظير عن رئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار..
{ الحزب الاتحادي الديمقراطي ما زال يعاني من أزمات التنظيم الداخلية.. ما هو السبب في هذه الأزمات؟
– هذه الأزمة قديمة منذ قدم الحزب الاتحادي الديمقراطي، والاتحادي الديمقراطي كحزب نشأ في ظروف قبل استقلال السودان وهو كان فيه مجموعات فكرية اتحادية متشعبة، وكان كل فصيل من هذه الفصائل له آراء وأفكار وكان يجمعهم فقط الحديث عن الوحدة مع مصر، وهذه الفصائل المفترقة والمتشتتة تم توحيدها عام 1952م في الحزب الوطني الاتحادي، وبالتالي نشأ الحزب الاتحادي الديمقراطي عبارة عن منابر، وهذه المنابر هي التي في النهاية تمخضت عن الوطني الاتحادي، وكان هنالك اتفاق لحد أدنى بين هذه الفصائل نحو استقلال السودان وتجميد ما بينهم من خلافات فكرية عميقة إلى حين استقلال السودان، ومن ثم قام الاتحاد الديمقراطي على هذه المرتكزات وبعد أن وصل إلى سدة الحكم عام 1953م باعتباره حصل على الأغلبية في البرلمان، ومعروف في جميع دول العالم الثالث أنه دائماً الحزب الذي يقود النضال والتحرر الوطني هو الذي يتسلم السلطة، ولكن بالعكس الاتحادي الديمقراطي بعد أن وصل وتسلم الحكومة منفرداً لمرة واحدة بعد ذلك لم يستطع أن يعمل، وذلك لأن الحزب طبيعته هي عبارة عن جبهة وهي أحزاب كثيرة منضوية داخل حزب، وبالتالي تحدث الشقاقات والانقسامات والصراعات، بالتالي أصبح الحزب الوطني الاتحادي مجموعة من الأفكار إلى أن انقسم انقسامه الشهير بين الاتحادي الديمقراطي والشعب الديمقراطي، ثم كلما يأتي نظام شمولي يعمق الانقسامات والشقاقات في كيفية النضال ضده، وبالتالي تظهر جماعة (الحاج مضوي وأزرق طيبة والهيئة العامة والاتحادي المسجل والوطني الاتحادي والاتحادي الديمقراطي وهكذا)، وهذه الأفكار تأتي لأن النظام الشمولي يقوم بقمع الناس وتبقى كل مجموعة تعمل لوحدها، وهذه هي مشكلتنا الحقيقية المتعلقة بالتنظيم، وبالتالي المسألة هذه قد تواكبه لزمن طويل لأننا لم نعقد مؤتمراً لهذا الحزب منذ تأسيسه، لم يعقد أي مؤتمر، عقدنا مؤتمر المرجعيات وهذا كان مؤتمراً استثنائياً في ظروف القهر السياسي، لكن حقيقة مؤتمر ينتخب قيادة حقيقية هذا لم يتم أصلاً حتى اليوم، وأزمتنا هذه ستلاحقنا الى حين انعقاد مؤتمر عام للحزب.
{ ظل مولانا محمد عثمان الميرغني رئيساً للحزب الاتحادي الديمقراطي طوال سنوات عمره تقريباً أليس هذا الأمر ضد الديمقراطية التي ينادي بها الحزب؟
– ليس صحيحاً أن السيد محمد عثمان هو رئيس للحزب طوال سنوات عمره، بل العكس السيد محمد عثمان تم اختياره عندما اندمج حزب الشعب مع الوطني الاتحادي وأصبح الاتحادي الديمقراطي، ومنذ تلك الظروف لم تأت أية فترة ديمقراطية كي ينعقد فيها مؤتمر للحزب، والآن إذا عقدنا مؤتمراً آخر أيضاً السيد محمد عثمان سيأتي رئيساً للحزب لأنه هو الشخص الذي يمكن أن تجمع عليه جميع الفصائل التي تحدثت عنها في بداية حديثي، ولا يوجد أي إزعاج في أنه هو للمرة الثانية سيكون رئيساً منتخباً إذا دخل الانتخابات.
{ هل يمكن وصف ما يجري في الحزب الاتحادي بأنه ديكتاتورية من رئيس الحزب مولانا الميرغني؟
– لا أعتقد أن هنالك ديكتاتورية بمعنى ديكتاتورية قيادة الأحزاب، فقط لأن الحزب غير منظم تصبح الكلمة الأخيرة هي اتفاق أعضاء الحزب حول مولانا محمد عثمان ويؤمنون برأيه، لأن الحزب هذا أصلاً جميعه لم يكن فيه قاعدة، جميعه قيادات، تركيبته هي مجموعة من القيادات، ولم يكن فيه إنسان له قناعات في الآخر كي يقدمه أصلاً، ولذلك القاسم المشترك بين الناس جميعاً هو السيد محمد عثمان.
{ كان الحزب من قبل قال إنه عقب الانتخابات الماضية مباشرة سيقوم بعقد مؤتمره العام ما هي الأسباب الموضوعية التي أدت الى عدم قيام المؤتمر العام؟
– والله المؤتمر العام الآن لديه لجنة تم تشكيلها كي تقوم بالإعداد للمؤتمر العام، لكن ينقصنا التمويل لأن المؤتمر العام هذا يحتاج لـ(قروش)، هنالك لجنة تم تشكيلها وتضع في الدراسات لكنها حتى الآن لم تحدد موعد انعقاد المؤتمر.
{ هل ستضع اللجنة سقفاً زمنياً محدداً لقيام المؤتمر؟
– حتى الآن اللجنة لم تحدد سقفاً زمنياً محدداً.. شكلنا لجاناً لتعد الأوراق لكن حتى الآن لم يتم تحديد زمن قيام المؤتمر.
{ من وجهة نظرك؛ المؤتمر العام للحزب إذا قام هل يمكن أن يعالج قضايا الحزب ويخرجه من أزماته؟
– نعم المؤتمر إذا قام سيعالج القضايا جميعها لأنه سيضع أسساً واضحة ويختار قيادة في نفس الوقت، وأي إنسان يخرج من هذا الإطار يكون خارجاً عن المؤسسة.
{ هنالك اعتقاد بأن المؤتمر العام للحزب الاتحادي الديمقراطي مصيره مرتبط بمولانا محمد عثمان الميرغني وهو الذي يحدد ذلك.. كيف تعلق على هذا الحديث؟
– ذلك من ناحية المال إذا مولانا أعطانا (قروش) سنعقد المؤتمر وإذا لم يعطنا (قروش) المؤتمر سوف لن يقوم وهذا مرتبط بالمال، وهو عادة يدعم الحزب، وهذه الحالة التي يمكن أن تقول فيها إن السيد محمد عثمان يريد أن يقيم المؤتمر، يمكن لأنه هو الذي يدفع.
{ حسناً: ما هو رأي مولانا الميرغني في المؤتمر العام للحزب؛ هل أبدى رغبة جادة في قيامه؟
– هو قال ووافق في اجتماع ودعا الناس وقال لهم اذهبوا واعملوا المؤتمرات القاعدية، والناس بدأوا لكنهم وقفوا للظروف المالية وبعض الخلافات.
{ هنالك حديث رشح مؤخراً عن توريث ابن الميرغني ليكون رئيساً للحزب ما هي صحة هذا الحديث وهل ستوافقون على مبدأ التوريث في الحزب؟
– هذه مجرد تهيؤات، الناس يتهيأون بأن السيد الحسن أصبح قريباً من الحراك السياسي ودخل مؤسسات الحزب، ولذلك هنالك ناس يتصورون بأنه سيكون قائد الحزب بعد والده، التوريث بمعنى أنه هو في حياته يورث ابنه هذه غير واردة أبداً، لكن هو إذا هو ترك الحزب أو استقال من الحزب بعد ذلك الناس يمكن أن ينتخبوا ابنه، وبالتالي أنا أقول إن قيادة الحزب لابد ويجب أن تكون من بيت الميرغني لأسباب كثيرة جداً، وذلك لأن الختمية جميعهم هم عماد هذا الحزب، والختمية هم الشخصيات الوحيدة التي تجد القبول من الحزب الاتحادي الديمقراطي، وبالتالي إذا كان السيد الحسن أو أي أحد آخر من أبنائه الآخرين هم جاهزون لتولي القيادة.
{ ألا توجد إمكانية لفك الارتباط بين الطريقة الختمية والحزب السياسي؟
– الآن السيد محمد عثمان فك الرباط قليلاً وفك الارتباط قليلاً، صحيح السيد علي كان هو مرشد الختمية وكان راعي الحزب، لكن السيد محمد عثمان أصر على بقائه كي يكون مرشداً للختمية ولأن لديه قدرات في إدارة الاثنين معاً وإن كانت إدارته للإدارتين معاً لم تكن إدارة كاملة، ولذلك نحن تحدثنا معه بأنه هو الآن أعطى أحد أبنائه الطريقة وأصبح هو المسؤول عن الطريقة، ولكن هو المرشد العام، نحن نرى أن ابتعاد الطريقة عن الحزب يضعف الحزب، ونحن لا نشعر بأي مشكلة في أن المرشد يكون هو الرئيس.
{ حسناً: أستاذ علي أنت من خلال حديثك قلت إن رئاسة الحزب الاتحادي يجب أن لا تخرج من أسرة الميرغني هذا يدل على أن الحزب أصبح حزب أسرة واحدة وهذا حتماً سيخلق إشكالاً وسط الجماهير كيف تبرر لذلك؟
– لا العكس، الجماهير جميعها تلتف حول السيد محمد عثمان الميرغني وأسرة الميرغني، الاتحاديون جميعاً بما فيهم الختمية ومعظم الطرق الصوفية، جميعهم يضعون مكاناً للسيد محمد عثمان الميرغني.
{ هل لديك ملاحظات محددة مرفوضة في طريقة إدارة الحزب الحالية؟
– نعم أولاً السيد محمد عثمان عادة ما يلجأ الى التكاليف وتكوين اللجان وهذا يلغي المؤسسات، وهذه كارثة، والسيد محمد عثمان يصر على إدارة الحزب في كل صغيرة وكبيرة، وبالتالي هذا يجعل بعض القيادات ليس لديها قيمة وهذا هو الذي يؤدي إلى عدم التنظيم والخلل، وأن يتحول الحزب إلى عبارة عن لجان وأي موضوع تتكون فيه لجان ويلغي المؤسسة، عمل المكتب السياسي يعطيه للجنة وعمل القطاع التنظيمي يعطيه للجنة وهذا أخطر شيء وهو التكليف الذي تقوم به هذه اللجان وهي تكاليف تلغي الحزب وتلغي المؤسسات.
{مستقبلاً هل يمكن أن تعالج هذه المسائل؟
– نعم بقيام المؤتمر وتوزيع التفاصيل.
{ هل هنالك إمكانية لتوحيد فصائل وتيارات الحزب الاتحادي الديمقراطي؟
– لا توجد إمكانية، وأنا الذي رأيته قبل عدة أيام في اجتماع موسع لجميع الاتحاديين بمختلف جبهاتهم، لا أرى أي بريق أمل لجمع هذا الشتات.
{ ما هو السبب في ذلك؟
– السبب لأن أي أحد فيهم يتحدث من الزاوية التي يراها هو صحيحة، ورجعت الأفكار القديمة وهي كمية من الأفكار خاصة بكل مجموعة، صحيح جميعهم يجمعون ويقولون نحن لم يكن لدينا مشكلة مع السيد لكن هذا غير صحيح، على الرغم من أنهم يقولون نحن لم تكن لدينا مشكلة مع السيد لكن مع الذين يقفون من حوله وبجواره، وهذا غير صحيح لأنهم أي واحد منهم لديه أفكار ويعتقد أنه لازم يأتي في القيادة، وهؤلاء جميعهم هم مجموعة قيادات تريد إذا كان الميرغني موجوداً هم يريدون أن يكونوا خلفه في القيادة، وبالتالي هؤلاء لا يمكن أن يجتمعوا في حزب واحد أصلاً.
{ من وجهة نظرك هل هنالك أشخاص بعينهم يعوقون خطوات توحيد فصائل الحزب؟
– نعم معظم القيادات وحتى في الاتحادي الأصل والقيادات في فصائل الحزب الاتحادي الأخرى، هذه القيادات بالتحديد لم ترد التوحيد لأن أي قيادة إذا تم التوحيد سوف تفقد موقعها، والقيادات الانتهازية في جميع الفصائل ترفض التوحد.
{ هل هم أشخاص محددون بعينهم؟
– نعم هم أشخاص بعينهم لكنني لا أريد أن أذكر أسماءهم، لكن هؤلاء الأشخاص هم مجموعة من الانتهازيين في القيادات وهم صنعوا أنفسهم كقيادات من فكر انتهازي وهؤلاء لا يريدون وحدة الحزب.
{ كثر الحديث مؤخراً عن علاقة خفية بين الحزب الاتحادي والمؤتمر الوطني ما هي الحقيقة في هذا الحديث؟
– لا توجد أية علاقة خفية بين المؤتمر الوطني والحزب الاتحادي الديمقراطي، هنالك بعض الأصوات والأشخاص لهم علاقات مع المؤتمر الوطني، وكلما لاح في الأفق حديث عن المشاركة في السلطة يصابون بإغماء فكري، وبالتالي هؤلاء هم الذي يعطون إحساساً بأن هنالك أعضاء في الحزب لديهم علاقة مع المؤتمر الوطني.
{ لكن هنالك بعض قيادات المؤتمر الوطني تحدثوا عن حوار يدور بين أبناء الميرغني وبعض قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي جلست مع المؤتمر الوطني وتتحاور معه؟
– أبناء الميرغني هؤلاء أصلاً لا يشتركون في أي نوع من الحوار، لا يشتركون معنا في الحوار ولم يكونوا جميعهم في قيادة الحزب، والذين في قيادة الحزب الآن هم خارج السودان ولم يكن لديهم أي حوار مع أية جهة، لكن هذا حديث غير صحيح ولا يوجد أبناء للميرغني يتحاورون، وأبناؤه جميعهم لا يعملون سياسة.
{ ما هو رأي حزبكم في الحكومة العريضة التي دعا لها رئيس الجمهورية؟
– نحن والله في الحقيقة قلنا هذا الحديث قبل زمن طويل، نحن لن نشترك إلا في حكومة ذات برنامج وطني، حكومة فيها توازن حقيقي والبرنامج الوطني يحكمنا في تنفيذه، وبالتالي نحن إذا كان هنالك برنامج وطني في حكومة قومية أو حكومة انتقالية سنشترك فيها، في الأول المؤتمر الوطني طرح وقال إنه يريد حكومة ذات قاعدة عريضة وفق برنامج ورفضناها ثم عدل وقال إنه لم يكن لديه مانع في برنامج إجماع وطني ووافقنا، ومؤخراً رئيس الجمهورية قال لا يوجد إجماع وطني بخلاف برنامجنا، إذا ببرنامجهم نحن لن نعمل معهم وإذا ببرنامج إجماع وطني ندعو كافة القوى السياسية ونتفق على برنامج وطني وعلى حكومة انتقالية وعلى انتخابات تجري بعد سنتين وعلى جمعية تأسيسية لوضع الدستور الدائم، إذا وافقت الحكومة على هذا سنشترك وإذا لم توافق سنظل في المعارضة فقط.
الاهرام اليوم