وبنفس زاوية التذمر الدائم نستطيع المقارنة هل يجد المواطن الساكن في محله بالسودان والمواطن الآخر النازح إلى مكان آخر يظنه أفضل حالاً من دياره التي غادرها سواء كانت كرهاً أم رغبةً … هل يجد نفسه راضياً عن الدولة إذا صارت عينه لا ترى سوى الألم الذي تسببه له بعض الأجهزة الرسمية بواسطة موظفيها؟.وإذا افترضنا أن الحاكم قصد عدم الاستجابة إلى تذمر المتضررين فهل يعني هذا أن تكون مسئولية الظلم الواقع على الدولة ككل؟.
لنأخذ مثالاً حياً لواحدة من أجهزة الدولة في ولاية الخرطوم باعتبار الخرطوم هي مدينة القلب النابض للسودان. في ولاية الخرطوم نزح الكثير من ابناء الولايات الاخرى، وفي نفس الولاية نجد أكبر عدد من عقارات إخوة لنا خارج السودان بغرض تحسين ظروفهم (المغتربين) تخلو من السكان سوى بعض الذين يقومون بحراستها. في بعض المرات لا يكون الساكن الحارس مصدر ترحيب من صاحب العقار أو من أصحاب العقارات المحيطة فيأتون بالشرطة التي تقوم بتنفيذ عملية الترحيل… وقد شاهدنا في احيان كثيرة عملية حرق منازل من الجوالات تحت العمارات غير مكتملة التشييد في حضور الشرطة … والشرطة لا تأتي من تلقاء نفسها إنما بارشاد سكان أو بعض سكان الحي (اللجان الشعبية غالباً)…. ما هي نظرة كل من مالك العقار والشخص الذي سكن عشوائياً وسط السكان المحترمين تجاه الشرطة؟… لاحظوا هنا أنني اتساءل فقط عن رد فعل كل من الجانبين فهناك مستفيد من استدعاء الشرطة وطرف يرى نفسه متضررا من استدعاء الشرطة ولا نتحدث عن حيثيات استدعاء الشرطة.
لا يمكن تعميم الكلام على كل المغتربين، وكذلك فلم اتحدث عن المغترب سوى لأنني لمست البعض صار يتبنى اصوات غيره تحمل اللوم الدائم والسخط بلهجة تشعر منها كأن المتحدث معك خرج لاسباب سياسية عندما تجده يذكر سنوات اغترابه ثم يفاجئك بماذا قدمته له الدولة نظير ذلك.
سيفقد المغترب احترامه إذا صار يتبنى لغة السياسيين، فهؤلاء نراهم يهاجمون ثم في اليوم التالي يجلسون في مقاعد قيادة الحكومة بينما الذي قاتل عنه لا يتغير زورقه بنفس السرعة. وليعلم الأخ المغترب الساخط بأن تغيير السوء الموجود في السودان ليس مطلباً شفهياً فقط يطلبه، لكن التغيير للأفضل يجب أن نكون جميعاً جزءا أساسيا منه. وإلا فلن تتغير اي حكومة وبالتالي الدولة لأن القيادة أعضاء من مجتمعنا ولم يأتوا بممارسة من كوكب آخر.
وإذا كانت هناك سوء أحوال وإدارة فهذا منا وليس ذنب السودان، وليس للسودان فرصة إختيار في ان نكون منه.
لويل كودو – السوداني
16فبراير 2010م