** ثم قراقوش ذاته حكم بالقصاص على رجل إرتكب جريمة قتل وإعترف بها ، ولكن عند تنفيذ الحكم شاء القدر بأن يكون حبل المقصلة غير متناسب مع حجم المدان وطوله ، حيث كان الحبل قصيرا وضعيفا ، والمدان سمينا وطويلا ، فلم يجد قرارقوش حلا لهذا المشكل غير أن يصدر حكما آخر بإعدام شخص آخر جاء به القدر ليشاهد تنفيذ الحكم الصادر على ذاك المدان ، فتم إعدام البرئ وتبرئة المدان ، فقط لأن الحبل تناسب مع ذاك ولم يتناسب مع هذا!! .. فتأمل ، صديقي القارئ ، خطل التفكير الذي يغيب قيمة العدالة ..!!
** تلك من قصص التاريخ الإنساني التي تروى عن الظلم المغلف بغلاف العدل ..وما أكثر هذا النوع من الظلم في عالمنا المعاصر يا سادة يا كرام ، وما أكثر القصص التي يوثقها التاريخ حاليا ، ليحكيها لاحقا بلاتحفظ أو وجل .. ولأن الأصل في الحياة هو ( الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه ) ، لذلك يقبع الظلم والظالم في قاع الحياة حينا أوبعض حين ، ولكنهما لايقبعان في ذاك القاع مدى الحياة ، فإن دوران عجلة الحياة حول نفسها يرج القاع رجا ، بحيث يطفو الظلم وقبح أفعال الظالم يوما ما .. مهما طال الزمن ، فإن قبح الظلم يظهر للناس كما كان ظاهرا لرب الناس الذي – بحكمته – يمهل ولايهمل ، وهكذا دائما سنة الحياة مع ..( الظلم والظالم ) ..!!
** ثم .. ثم ماذا ياصديق ..؟.. لاشئ ، لاشئ .. فالأسطر السابقة محض خاطرة ، وهي للتذكير فقط وليست للتعليم ، فالمغزى ليس مجهولا ، فالكل يعلم (قيمة العدل ) في حياة الناس ، وكذلك يعلم ما يحدث للناس وأمنهم وسلامهم حين تغيب ( قيمة العدل ) ، هذا معلوم ، فقط أردت بتلك الخاطرة تذكيركم بذاك المعلوم .. وكانت لي رغبة بأن تخرج زاوية اليوم إليك – ياصديق القارئ – بخواطر تتحدث عن قبح الظلم والظالم وجمال العدل والعادل ، ولكن تفاجأت بإحساس يرغمني على عكس شئ من واقع الحال ، كما كل يوم ، وأعلم بأنك حين تستقطع من قوت يومك قيمة صحيفتك يجب أن تجد فيها واقع حالك وليس الخواطر والحكاوي فقط .. لذلك ، أدع تلك الخواطر والحكاوي جانبا ، ودون الإعتذار عنها ، أصطحبك إلي غيض من فيض واقع الحال .. يلا .. أسمع ..!!
** ما لم تكن نسيت أوتناسيت ، فإن سجالا سارت به الصحف قبل شهرين ونيف ، بين أطراف قضية ذات صلة ب ( نيابة الجمارك ) .. وأذكر فيما أذكر بأن القضية كانت بين ( نيابة الجمارك ) ورجال أعمال .. تجاوز وتقاضٍ ، وهذا شئ طبيعي في دنيا المال والأعمال .. ولكن ما لم يكن طبيعيا هو أن الصحف تحدثت – بلسان أحد طرفي القضية – بأن وزير العدل ، الأستاذ عبد الباسط سبدرات ، إتصل بالشرطي المكلف بتنفيذ أمر القبض الصادر من ( نيابة الجمارك) ضد رجل الأعمال ، طالبا منه تعطيل هذا الأمر النيابي ، فرفض الشرطي طلب الوزير ونفذ الأمر النيابي ..هكذا قالت الصحف بلسان طرف بالقضية ، ثم ثارت الأقلام على هذا التدخل غير الحميد ، فغضب الوزير ثم فتح بلاغا ضد إحدى الصحف ، ولم تحكم المحكمة بعد ، أي لم تحكم بحيث يعرف الناس والحياة ( هل أخطأ الوزير أم كذبت الصحف ؟) .. وكما العهد بها عند القضايا التي ترتبط بالدولة او جهات اخري ، أصدرت جهة ما، قرارا بحظر الصحف عن النشر في تلك القضية ، فأستجابت الصحف ، وماتت القضية ( إعلاميا ) ..هكذا كان حال تلك القضية التي أطرافها ( نيابة الجمارك) و رجال أعمال .. وهو بالطبع حال معلوم وتم توثيقه قبل شهرين ، وما سردته إلا للتذكير أيضا..ولكن ما ليس تذكيرا ، أي للعلم ، أفيدك بأن قرارا قد صدر – يوم الأربعاء الفائت – بنقل مولانا رضا محمد محمود ( وكيل نيابة الجمارك ) ، إلي إدارة العقودات بوزارة العدل ..هكذا خبر اليوم .. لم يكن معلوما لديك يا صديقي القارئ .. أي ، ليس ( تذكيرا ولا خاطرة ) ..!!
اليكم ..الصحافة-العدد 5960
tahersati@hotmail.com