طفل يتفحص السجن من خارج القضبان قالوا عن السجن، المعزز مدخله بباب حديدي سماكته 30 سنتيمترا يتبعه باب مماثل فيما بعد، إنه جحيم حقيقي، وأسوأ من سجن أبو غريب العراقي، حتى لمن يزوره، فكيف بالنزيل سجينا فيه، فغرفه ضيقة لا تسمح بالتمدد بشكل مريح.
بدأ كل شيء للسيطرة على الكتيبة وموقعها في 16 فبراير/شباط الحالي، حيث انطلقت جحافل من المحتجين الغاضبين نحو معسكر الكتيبة، فإذا بمطر من الرصاص ينهال على المتظاهرين الذين رغبوا بدخول المقر للاستيلاء على ما فيه من أسلحة، ولأنه كان آخر معقل للقذافي في المدينة بعد السيطرة على معظمها بالكامل تقريبا.
وكان عدد كبير من المحتجين مزود بمسدسات ورشاشات، فبدأ التراشق بين الطرفين واستمر القتال أكثر من 10 ساعات وامتد إلى الليل، ثم تابعوه في اليوم التالي، وفيه راح عناصر الكتيبة يقمعون المتظاهرين بالأسلحة الثقيلة مثل “آر بي جي” المضاد للدبابات، والعربات الثقيلة” كما وبسلاح يسميه الليبيون “م ط” وهو مضاد للطائرات، بحسب ما ذكر موقع “أون إسلام” على الانترنت عن مصادر لم يكشف عن هويتها.
ولم ينته التراشق إلا بعد أن سيطر الأهالي على المعسكر وحاصروه ودخلوه، وسيطروا على من فيه، وانتهى كل شيء بسقوط أكثر من 70 قتيلا منهم، معظمهم برصاص القنص خلال الليل، فيما سقط 30 من جنود ومرتزقة الكتيبة، وفوقهم سقط 100 قتيل ممن تمت تصفيتهم لرفضهم إطلاق النار على المحتجين. أما الباقي فارتد معظمه وانضم للثوار.
وتم الكشف طبعا عن موقع السجن الذي دخل إليه آلاف المحتجين ليروا ما فيه من مداخل وأقبيه وغرف، ومنها ما لا يتسع إلا لشخص واحد. كما أنه خال من أي حمام، والنزيل وراء قضبانه لم يكن يعرف الليل من النهار، وبالكاد كانوا يخرجونه لدقائق معدودات ليتنشق الهواء النظيف ويتمتع بالشمس وهي تحنو عليه.
ومن سويسرا، حيث يقيم، روى الدكتور الليبي صالح المجدوب لموقع “أون إسلام” يوم الاثنين الماضي بعض ما وصله أيضا من إفادات بنغازيين ذكروا أن ما حدث مع كتيبة الفضيل بوعمر “هو مثال على دموية القذافي ونظامه”، كما قال.
والكتائب الأمنية هي وحدة قتالية خاصة، لا صلة لها بالجيش الليبي، وتفوقه تجهيزا وتدريبا، ولا يوجد لها قيادة موحدة بل يطلق عليها تسميات مرتبطة غالبا بأسماء أبناء العقيد القذافي كخميس والمعتصم بشكل خاص، ومقراتها موجودة عادة في المدن الكبرى، ولا يظهر جنودها باللباس العسكري متى غادروا المعسكرات التي ليس لها سوى هدف واحد فقط: قمع أي تمرد متى وقع وحماية العقيد وعائلته.
أما كتيبة الفضيل بو عمرو فاسمها من اسم الفضيل بو عمرو الأوجلي، وهو مجاهد ليبي ولد في 1880 وحارب الإيطاليين في الشرق الليبي، وكان ساعدا مهما للثائر الشهير عمر المختار، وقضى قتيلا في 1930 وهو يقاتل الطليان في منطقة الجبل الأخضر.